Page 103 - merit 42 jun 2022
P. 103

‫أخذت الساردة قرار التعافي بالحكي‪،‬‬                                                  ‫فيليب لوجون‬
       ‫التعافي من أثر معرفتها بمرض‬
        ‫زياد‪ ،‬والتعافي من كل خيباتها‬                            ‫على تقديم ما تكتب للإعلام‪ ،‬وعرفت أن‬
      ‫وهزائمها‪ ،‬فبدأت الذاكرة تنثال‪،‬‬                          ‫الصحافة الثقافية هي وسيلتها للانتشار‪:‬‬

   ‫فجاء قرار الحكي لزياد عن تاريخها‬                             ‫«دفعني قلقه لكتابة مزيد من القصص‪،‬‬
  ‫النفسي والاجتماعي‪ ،‬لتسرد علاقتها‬                           ‫والحرص على نشرها‪ ،‬والبحث عن الجرائد‬
    ‫الشائكة والمرتبكة بزوجها وأمها‬                      ‫التي تنشر كل ما ُيرسل إليها بصرف النظر عن‬
                                                           ‫جودته‪ .‬لم يكن عليَّ وقتذاك سوى شراء عدة‬
       ‫وأخوتها الرجال‪ ،‬علاقتها بأبيها‬                   ‫جرائد أثناء عودتي من المدرسة وقراءة الصفحة‬
  ‫وتاريخه‪ ،‬علاقتها بالثقافة الذكورية‬                        ‫الأدبية عدة مرات ومعرفة اسم المشرف‪ ،‬ثم‬
                                                      ‫إرسال خطاب يحمل رسالة تشيد بالمجهود الرائع‬
         ‫التي تحكم وعيها ووعي أمها‬                    ‫المبذول فيها‪ ،‬مع وضع قصة قصيرة مع الرسالة‪،‬‬
  ‫ووعي الجميع في بيئة الجنوب بكل‬                        ‫وأحيا ًنا أرسل القصة مشفوعة برسالة استغاثة‬
                                                      ‫مفادها أني كاتبة مستجدة لا تريد سوى المساعدة‬
                 ‫تعقيداتها وتشابكها‪.‬‬                   ‫بأن ينشر لها‪ .‬بعد عدد أو عددين أراها منشورة‬
                                                           ‫في نفس الصفحة‪ ،‬أقرؤها بزهو‪ ،‬وأضعها في‬
‫نداؤك خل ًل في مويجات تركيزي‪ .‬أحاول تجاهلك‬                ‫صدر الأماكن التي اعتاد أحمد الجلوس فيها»‬
‫لكنك تكرر النداء فأقطع حالة التدفق وأذهب إليك‬
                                                                                          ‫(ص‪.)284‬‬
                               ‫غاضبة» (‪.)160‬‬                ‫وكأن الكاتبة ترغب في أن تنقل للقارئ سر‬
                                                      ‫«الطبخة»‪ ،‬أن تحدثه عن الحبكة والإحكام واللحظة‬
  ‫الساردة بين الأنثى البيولوجية‬                        ‫القصصية‪ ،‬تقول في معرض حديثها عن انشغالها‬
          ‫والأنثى الثقافية‬
                                                                             ‫بالكتابة في يومها وليلها‪:‬‬
    ‫إذن هنا ذات ملتاعة‪ ،‬مسكونة بالوجع القديم‪،‬‬                          ‫«تمد نداءك ليصلني في غرفتي‪:‬‬
‫منذ أن كانت فتاة صغيرة تحاول أن تمارس لهو‬
                                                                                        ‫‪ -‬مووووونا‪.‬‬
   ‫الطفولة في شوارع النجع‪ ،‬فلا تجد في ركوبها‬               ‫تسحبني كلما حاولت إحكام الحبكة والقبض‬
    ‫الدراجة خلف طفل في مثل سنها جريمة‪ ،‬لكن‬                ‫على كلمة النهاية في القصة التي أكتبها‪ .‬يحدث‬
  ‫أخاها الذي يراها صدفة في أحد شوارع القرية‬
  ‫يرى فيما اختبرته جريمة‪ ،‬فيعاقبها بما لا يتفق‬
  ‫مع طبيعة حدث صغير مارسته طفلة لا تعرف‬

      ‫الفرق بين كونها «بنت» وبين كون الصبية‬
  ‫الآخرين ذكو ًرا‪« :‬وبعد أن تق ِّرعني أمي كعادتها‬
‫لأن البائع لم يعطني سوى أسوأ ما عنده‪ ،‬أسألها‬
‫بصوت خفيـض‪« :‬هوا أنا بنت؟» تنظر إل َّي بدهشة‬
   ‫ولا تجيب‪ ..‬عامان َم َّرا قبل أن أ ِص َّر على سماع‬
  ‫إجابتها‪ ،‬وقف ُت أمامها في حالة عصيان‪ ،‬رافضة‬
   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108