Page 176 - merit 42 jun 2022
P. 176

‫‪ .iii)24‬وهي َو ْع ُد اللهِ المتقين‬                                ‫العـدد ‪42‬‬                           ‫‪174‬‬
    ‫في ال َجنّة لمن َسبَّح بحمده‬
                 ‫و َع َّظمه(‪.)4‬‬                                                     ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬   ‫المتحولة على طول النص‪ ،‬في‬
        ‫وفي غير واح ٍد تأتي‬                                                                        ‫مقدمتها علاقة «الشاعر‪/‬‬
   ‫الأحاديث لترسخ المشابهة‬             ‫(أ) المق َّدس الديني‪:‬‬                                      ‫الذكر» بـ»الأنثى»‪ ،‬وعلاقة‬
                                                                                                    ‫«النخلة» بالإنسان بعامة‬
‫بين النخلة بخضرتها الدائمة‬              ‫تأخذ النخلة في النص ُب ْع ًدا‬                               ‫‪ ،ii‬وبـ»الأنثى» على وجه‬
    ‫والمسلم أو المؤمن بخيره‬                ‫رئيسيًّا قوامه الإجلال‬                                    ‫الخصوص‪ .‬حتى َل َت ْبدو‬
       ‫المقيم‪ .‬جاء في صحيح‬                                                                            ‫علاقة الشاعر بالنخلة‬
     ‫البخاري قوله صلى الله‬             ‫والتقديس‪ ،‬ولعل هذا يرفده‬                                   ‫أقرب إلى تكامل نمطين من‬
                                         ‫الوعي العربي الإسلامي‬                                     ‫العلاقات السحرية؛ النمط‬
 ‫عليه وسلم‪« :‬إ َّن من الشجر‬                ‫الذي ُي َب ِّجل النخلة منذ‬
     ‫شجرة لا َي ْس ُق ُط ورقها‪،‬‬            ‫أن َق َرنها القرآن بكلمة‬                             ‫التشاكلي والآخر الاتصالي(‪)3‬؛‬
                                        ‫التوحيد؛ إذ ترتبط في أفق‬                                   ‫فتتخذ الذات من اتصالها‬
 ‫وإنها مث ُل المُ ْسلم‪َ ،‬ف َح ِّدثوني‬   ‫التفاسير بكلمة «لا آله إلا‬                                 ‫الحميم بالنخلة علام ًة على‬
  ‫ما ِه َي‪ ..‬قال‪ :‬هي النخلة»(‪)5‬‬
‫ويذكر ابن الشجري في أماليه‬             ‫الله» بوصفها الكلمة الطيبة‬                               ‫الاتصال المحموم به بالأنثى‪،‬‬
                                       ‫في قوله تعالى‪« :‬ألم تر كيف‬                                   ‫وفي كل لحظة ُت َولِّ ُد فيها‬
                                        ‫ضرب الله مث ًل كلم ًة طيب ًة‬
                                                                                                  ‫النخلة إشاراتها إلى الأنثى؛‬
                                         ‫كشجر ٍة طيبة» (إبراهيم‪:‬‬                                    ‫تعود بنا الأنثى ثاني ًة إلى‬
                                                                                                    ‫النخلة ذاتها‪ ،‬إلى الطبيعة‬
                                                                                                                      ‫الأم‪.‬‬
                                                                                                     ‫وتظل النخلة على الدوام‬
                                                                                                    ‫تستعير دوال تصويرها‬
                                                                                                   ‫من حقل (المرأة‪ -‬الرجل)؛‬
                                                                                                    ‫فال َج َسد ال َب ُّض في مقابل‬

                                                                                                 ‫العضلات المفتولة والشارب‬
                                                                                                    ‫المبروم‪ .‬ومن أنثى تقص‬

                                                                                                  ‫على صاحبها أسرار النساء‬
                                                                                                       ‫اللاتي احتمين بظلها‪،‬‬

                                                                                                 ‫وتفضي بأسراره َّن إلى ذكر‬
                                                                                                   ‫نخي ٍل لا َي ْن َبس‪ .‬لقد كانت‬
                                                                                                    ‫النخل ُة نخل َة حينما كانت‬
                                                                                                  ‫أنثى‪ ،‬حينما كانت تميل في‬
                                                                                                    ‫دلال‪ ،‬وكان َط ْل ُعها أبيض‬
                                                                                                                  ‫كالحليب‪.‬‬
                                                                                                     ‫والنخل ُة ‪-‬الرم ُز المُ َت َخيَّر‬
                                                                                                       ‫للكتاب ِة حوله‪ -‬مفعم ٌة‬
                                                                                                     ‫بطاقات تتقلَّب فيما هو‬
                                                                                                    ‫أسطوري‪ ،‬شعبي‪ ،‬ديني‪،‬‬
                                                                                                    ‫صوفي‪ ،‬سحري‪ ،‬شعري‬

                                                                                                 ‫على ما بين هذه الحقول من‬
                                                                                                            ‫تماس وتداخل‪.‬‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181