Page 32 - merit 42 jun 2022
P. 32

‫العـدد ‪42‬‬   ‫‪30‬‬

                                                          ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

‫جدارة «قصيدة النثر» بقضايا العصر وتجاوز‬                        ‫لا ُيمكن أن يتم بشكل مؤثر في غياب القصدية‬
                                                              ‫والتعمد! لا يمكن أن يتم ونحن أسرى منصات‬
‫«القصيدة الخليلية» و»قصيدة التفعيلة» باعتبارهما‬                 ‫التواصل الاجتماعي ‪ Social Media‬وأسرى‬
‫مورو ًثا لا بد من الإجهاز عليه بسيف «الحداثة»!‬             ‫المهرجانات والمؤتمرات والجوائز غير الجادة وغير‬
    ‫وقد وص َل الأم ُر بالشاعر أشرف البولاقي إلى‬           ‫المُجدية إبداعيًّا إلا قلي ًل‪ .‬وما زل ُت أؤك ُد أنني أتعامل‬
‫القول‪« :‬إن لقصيدة الخليل آثا ًرا نفسية وعقلية‪ ،‬قد‬            ‫مع قصيدة النثر ‪-‬ك ُمتل ٍّق– بحذر وحيطة وتحفظ‬
 ‫تظل ضامر ًة أو مستتِرة في نفوس متعاطيها زمنًا‬              ‫لا ينطوون على «رفض» لها ولكن إيما ًنا بخطورة‬
‫طوي ًل‪ ،‬لكنها في حالات معينة‪ ،‬يمكن أن تتطور‬                ‫وفداحة الإثم والخطيئة التي ترتكبها قصيدة النثر‬
‫وتتفاقم‪ ،‬لِتدفع بأصحابها إلى عيادات الطب النفسي‬               ‫في تبني كل ُلقطاء الإبداع ومنحهم حق اللجوء!‬
‫ولا ينجو منها ‪ِ -‬ممن يتعاطاها‪ -‬إلا المثقفون الذين‬           ‫وبعد ما يزيد عن الأربعة عقود من ميلاد قصيدة‬
  ‫يمتلِكون وعيًا حا ًّدا بفكرة الكتابة‪ ،‬وفكرة الشعر‪،‬‬       ‫النثر العربية لم ي ُعد مقبو ًل أن تظل ساح ًة مفتوحة‬
                                 ‫و ُهم قليل!»(‪.)2‬‬           ‫على الدوام لاختبارات الإجادة والأصالة‪ ،‬لأن ذلك‬
                                                              ‫ع ِم َل عم ًل سلبيًّا ضد قصيدة النثر طوال الفترة‬
     ‫لكن المُقاربة التي أسو ُقها تحاو ُل أن ُتقدم إنا َء‬  ‫الماضية‪ ،‬ما با ُلك لو أضفنا إلى ذلك الإحجام النقدي‬
‫ضوء فوق مائدة الشعر لمجموعة شعرية لواح ٍد من‬              ‫الحقيقي عن «قصيدة النثر» ُبحجج وتوهمات كثيرة‬
‫كتاب قصيدة النثر المصرية المُجيدين وهو الشاعر‬
                                                                                             ‫غير صادقة‪.‬‬
‫الأربعيني محمود الكرشابي‪ .‬وقد قل ُت عن ُه وعن‬                  ‫ثانيًا‪ :‬تبدو الحاجة إلى تجاوز «سوزان برنار»‬
‫قصيدة النثر من قبل(‪« :)3‬إن الاتها َم التاريخي الذي‬             ‫عظيمة و ُملحة‪ ،‬وأعني ُهنا كتابها المهم ‪-‬آنذاك‬
‫ُوج َه وما زا َل يوجه لقصيدة النثر هو أنها َس َمحت‬          ‫وطوال الفترة الماضية‪« -‬قصيدة النثر من بودلير‬
‫للأدعياء بكتابة ما يكتبون وتجنيسه على أنه الشعر‬               ‫حتى وقتنا المُعاصر»‪ .‬وقد أعني بهذا «التجاوز»‬
                                                           ‫إعادة قراءة «برنار» وفق المُدخلات الجديدة ووفق‬
‫النثري أو القصيدة النثرية‪ ،‬بالطبع ُهناك من‬                  ‫التاريخ الذي اكتسبته قصيدة النثر بمرور الزمن‬
‫أقنعونا بموهبتهم في قصيدة النثر وأدخلوا البهجة‬              ‫وليس «بالقصد الإبداعي» الممنهج‪ ،‬حتى نستطيع‬
                                                             ‫أن نضبط ساعاتنا من جديد على «ميقات قصيدة‬
‫في قلوبنا بثقتهم المطمئنة في نصوصهم حتى وإن‬                   ‫النثر»‪ .‬لقد أنتج العرب بحو ًثا وك ُتبًا لا بأس بها‬
                                                            ‫في ذلك المجال‪ ،‬لكن اعتماد «برنار» كمرجع رئيس‬
‫بالغوا وأمعنوا في التنكر للقصيدة الخليلية‪ .‬يقول‬
                                                                                ‫عند الرد على النقد الذي قد‬
‫الشاعر محمود الكرشابي‪:‬‬                                                      ‫يوجه من حين لآخر «لمشروعية‬
             ‫يظن ب َك ال ُبل ُه‬                                             ‫قصيدة النثر» أصبح أم ًرا يدعو‬
‫أن َك لم تقرأ الخليل بن أحمد‬
                                 ‫آ ٍه لو كانوا ُبل ًها‬                         ‫للشفقة ويبع ُث على السخرية‬
‫بالقدر الذي ُيغري غروري‬                                                    ‫حتى وإن اعتبر الشاعر والمُترجم‬
               ‫بالانزلاق‬                                                   ‫رفعت سلام الكتاب ‪-‬في ترجمته‬

‫ل ُقل ُت لهم‪:‬‬                                                                  ‫العربية‪« -‬المهدي المُنتظر»(‪.)1‬‬
‫ومن هذا الخليل بن أحمد!‬                                                     ‫أما المُقاربة التي بين أيدينا الآن‬

‫إن مثل هذه النصوص‬                                                             ‫فلا هي تسعى إلى تفنيد النقد‬
                                                                           ‫‪-‬ولا أُسميه «اتهامات» كما يحلو‬
  ‫المؤدلجة تماما تعك ُس رها ًنا‬                                             ‫لكتاب قصيدة النثر تسمية النقد‬
  ‫كبي ًرا على قصيدة النثر لدى‬                                              ‫الذي يوجه لنصوصهم‪ -‬ولا هي‬
‫كتابها‪ .‬والكرشابي لم ين ِف في‬
                                                                             ‫مشغول ٌة بالمطحنة الدائرة حول‬
‫قوله السابق قراءته للخليل‬
                                                             ‫محمود الكرشابي‬
‫بن أحمد؛ ما يعني أنه غير‬

‫ُمن َبت الصلة بالجذر الشعري‬
      ‫العربي‪ ،‬إلا أن تساؤله‬

‫الساخر الأخير يعك ُس نية‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37