Page 36 - merit 42 jun 2022
P. 36

‫العـدد ‪42‬‬                   ‫‪34‬‬

                                                                       ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

‫تكون القبيلة قد سط ْت على بعض شعرهم وأهلكته‬                                             ‫السكارى ودودون‬
  ‫من ُمستندا ٍت ُتدي ُن الجمي ِع‬
‫ولكنها صادقة في التعبير عن‬        ‫نبلُكاغيٍةةلافذيهعةم‪،‬وتصاخلخ ًبصةا‪،‬‬                    ‫يوزعون السجائ َر والتحايا‬
                                                                                        ‫قل ُت‪َ :‬ظلمنا الخم َر يا صاح‪..‬‬
‫معاناة الشعراء الصعاليك‪.‬‬
‫يد ُخل بنا الكرشابي قصيدته خفي ًفا بلا نسب‪ ،‬لقي ًطا‬                                                ‫والراقص ُة تدور‬
                                                                                        ‫شعرها مروح ٌة‬
‫يطلُ ُب الشعر نسبًا وصه ًرا‪ ،‬يقول ُمخاطبًا القبيلة أو‬
                               ‫الجمهور ص‪:28‬‬                                             ‫والسر ُة ثق ٌب كوني‬
                                                                       ‫جديدة‬  ‫وظيفة‬     ‫ُيعل ُن الشاع ُر بوضو ٍح تام اكتشافه‬
                                  ‫ه ْل قل ُت لكم‪:‬‬                      ‫الخمر‬  ‫لوظيف ِة‬  ‫للخمر و ُيبدي ندمه على سوء فهمه‬
                                  ‫إنني لا أحب أبي‬                                  ‫بقوله (قل ُت‪َ :‬ظ َلمنا الخم َر يا صاح‪!)..‬‬

                                  ‫أكره ُه‬                              ‫محمود الكرشابي يق ُتل الأب‬
                                  ‫ستقولون عني‪:‬‬                                    ‫(‪)1‬‬

                                  ‫ول ٌد عاق‪،‬‬
                                   ‫ابن حرا ْم‬
‫ينطوي هذا الخطاب على إحسا ٍس عميق بصعوبة‬                                  ‫يرى محمد عليم فب كتابه «الصعلكة في الشعر‬
‫البوح والتنفيس في حضرة «آخ ٍر» ُمحافظ ومتربص‬                             ‫العربي الحديث» أنه لم ي ُكن بالإمكان أن تستقيم‬
     ‫بالكلمات التي تتس ُع عن مقاس الألسنة قلي ًل‪،‬‬
‫لكنه يمضي في اعترافه هاد ًئا ُمطمئنًا لأن ضميره‬                            ‫العلاقة بين الشاعر الصعلوك وقبيلته إلا حينًا‬
‫ارتاح إلى براءته مما ق ْد ُيرمى به من ُتهم الجحود‬                       ‫من الوقت‪ ،‬فالعلاقة بينهما بدت هدو ًءا ساب ًقا على‬
                                  ‫والنكران‪ ،‬فيقول‪:‬‬                      ‫عاصفة ُمحتملة‪ ،‬وفي ظني ‪-‬والكلام ما زال لمحمد‬
                                                                       ‫عليم‪ -‬أن مرحلة الهدوء تلك لم ت ُكن إلا الفترة التي‬
‫ليس الأمر كما تصورتم‬                                                     ‫أخذت فيها اعتمالات الصعلوك في التصاعد حتى‬
                                  ‫فأنا أمي ُل على قدميه‬
                                                                           ‫شوطها الأخير‪ ،‬والذي انتهى بالمفارقة النهائية‬
                                  ‫لأنعله حذائه‬                                                         ‫وسفور العداء‪.‬‬
                                  ‫أُدخله الخلاء‬
                                                                            ‫انتهى كلام الدكتور محمد عليم لتبدأ قصيدة‬
                                  ‫وأفرح ملء قلبي‬                       ‫الكرشابي «خيالا ُت ال ُعزلة» التي لم ينقلب فيها على‬

                                  ‫عندما يدعو لي‬                          ‫القبيلة فقط بل ثار على القبيلة والأسلاف والأب‪،‬‬
                                                                        ‫يقول ص‪ 27‬في استهلال ُمستقل ومنفص ٍل شك ًل‬
‫ليس اعتقا ًدا في شيء‬                                                   ‫عن القصيدة‪ ،‬لكنه مفتت ٌح لمُحاكمة الأب والأسلاف‪:‬‬
                                  ‫أو رجا ًء لشيء‬
                                  ‫فقط لأرى سعادته‬                                                     ‫الأسلا ُف عبء‪..‬‬
                                                                                                     ‫وكلما امتد نس ُبك‬
                                  ‫وهو يمارس دوره‬
                                                                                                       ‫كلما زاد حملُك‬
                                  ‫كأ ٍب يدعو لابنه‬                                                   ‫وضاق بهم كتفك‬
                                                                                                      ‫‪ ..‬اللقطاء ِخفاف‬
    ‫لكنه ُيفاجئنا ويخد ُش طمأنتنا الزائفة فجأة‬                               ‫وهذا موق ُف الشعراء الصعاليك من قدي ٍم في‬
‫باعتراضه على دور أبيه‪ ،‬يواجه هذا الدور ملو ًل‬                           ‫ُنكران فضل النسب والقبيلة‪ ،‬إذ إنهم لم يجدوا في‬
                                                                          ‫القبيلة دفئًا ولا في النسب ُهوية صالحة للتوالد‬
  ‫ضج ًرا متأف ًفا منه‪ ،‬لأن ذلك الدور كانت تحكم ُه‬                      ‫والاستمرار بقدر ما أصبح عبئًا متمتر ًسا في وجه‬
 ‫النوايا الحسنة في غيبة «الفعل» الذي كان ُمعط ًل‬                         ‫كل جديد‪ ،‬لا يقب ُل الرأي الجديد ويخشى الفكرة‬
‫اعتقا ًدا بأن الغي َب هو الفاع ُل الأول والأخير دونما‬                      ‫المُفارقة ويئن من هاجس المنافسة! القبيل ُة التي‬
                                                                           ‫لفظتهم لمُخالفتهم في المسلك وفي الرأي‪ ،‬وربما‬
                ‫أسبا ٍب ُتقدم أو ُخطوا ٍت ُتمشى‪:‬‬
‫دوره الأثير والذي ظل يؤديه خاش ًعا‬
                 ‫خمس مرا ٍت يوميًّا‬
‫وعلى مدى أربعين عا ًما‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41