Page 38 - merit 42 jun 2022
P. 38

‫العـدد ‪42‬‬   ‫‪36‬‬

                                                                       ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

                       ‫كثير ٌة هي أسبابي لأكرهه‬                                                     ‫ألا يكفي أنني رأيته‬
                             ‫لكنها نقي ٌة وساذجة‬                                                              ‫ذات مر ٍة‬

                 ‫ليس من بينها صرا ٌع على عرش‬                                                           ‫يصف ُع وجه أُمي‬
  ‫ها هي من جديد سيرة أوديب متخفية وصريحة‬                                                            ‫تل َك الكائ ُن الملائكي‬
‫في آن‪ ،‬فمن ُذ أن ول َد الشاعر والأ ُب‪ /‬القبيل ُة تخام ُره‬                                       ‫والتي لا يستأه ُل ظفرها‬
                                                                                                    ‫هي أو ُل وآخ ُر َم َر ٍة‬
    ‫مشاعر الشك فيه كما لو أن نفس النبوءة التي‬
 ‫حذر ْت أوديب من مولو ٍد سيأتي له يقتله ويتزوج‬                                                           ‫وهي سامحته‬
   ‫امرأته‪ ،‬حذر ْت القبيلة من شاع ٍر صعلوك‪ ،‬يخر ُج‬                                             ‫بعد نصف ساع ٍة و ُقبلتين‬
‫على الأعراف والتقاليد ومن ثم حق عليه القتل وقت‬                             ‫لن ُيغريني الكلا ُم عن المرأة المُستضعفة‪ ،‬الأنثى‬
 ‫ميلاده ُرغم أنه لم يأ ِت ليصارعهم على «عرش» أو‬                            ‫الهشة‪ ،‬ولن أخو َض فيه‪ ،‬لكنني أج ُدني مدفو ًعا‬
   ‫امرأة‪ ،‬بل جاء طالبًا أن يكون نفسه‪ ،‬لا أباه‪ ،‬وأن‬                     ‫لتفسي ِر هذا المقطع على نحو نفسي‪ ،‬يبدو أن الشاعر‬
 ‫يكون شع َر ُه لا صداهم‪ ،‬وأن يكون مبدأه‪ ،‬لا َن َسبه‬                    ‫ُهنا طف ٌل لم يقع في « ُعقدة أوديب» بل وقع في ُعقدة‬
                                                                        ‫ُمركبة أوديب‪ /‬إليكترا‪ ،‬فهو يري ُد نف َسه عو ًضا عن‬
                                        ‫الثقيل!‬                         ‫ذلك الأب «الذي لا يستأهل ظفر أمه»‪ ،‬ومن ناحية‬
      ‫إن مذهب الشعراء الصعاليك في ال ُكره جدي ٌر‬                        ‫أُخرى ُتحيره طيب ُة أمه و َتسا ُمحها مع ذلك الرجل‪،‬‬
    ‫بأن ُيحسدوا عليه‪ ،‬لأن ألسنتهم لا ُتخفي ما في‬                          ‫فهو يري ُد نفسه بد ًل منها كي يرد لأبيه الصفع َة‬
‫صدورهم‪ ،‬فتنطق بجرأة عما في داخلهم‪ .‬بينما يقب ُع‬                           ‫صفعات! لكن ذلك الأب أوقع الشاعر‪ /‬الطفل في‬
    ‫شعراء آخرون في كهوف من الصم ِت الرخيص‬                               ‫حير ٍة أكبر أفض ْت إلى كراهية أكثر ببكائ ِه على أمه‪:‬‬
    ‫خو ًفا من عداوة الأب أو الحاكم أو الجمهور أو‬
      ‫الناقد‪ ،‬فلا ُهم نطقوا‪ ،‬فكانت المواجهة ولا ُهم‬                                                    ‫وعندما ستموت‬
                                                                                           ‫بعد نصف قر ٍن وأربعة أولاد‬
                     ‫انصرفوا كي يصفو المشهد‪:‬‬                                           ‫وما لا ُيحصى من أحفاد‪ ،‬وهزائم‬
                            ‫دماؤنا ليست زرقاء‬
                           ‫ُكرهي له كان خال ًصا‬                                                        ‫يبكي على قبرها‬
                                                                                                        ‫كما لم يب ِك أح ٌد‬
                          ‫ومنز ًها عن كل غرض‬                                                        ‫على أح ٍد في العالمين‬
                             ‫فلا تحسدوني عليه‬                             ‫إن ذلك الحنان المُباغت أحيا ًنا والمُفرط أحيا ًنا هو‬
                                                                        ‫ما يؤجل لدي الشاعر قتل الأب ُرغم اعتزامه ذلك‪،‬‬
   ‫لكن صعلوك القرن الحادي والعشرين لن يسل َم‬                            ‫فيقول‪« :‬حنانه الزائ ُد إب ٌر مغروس ٌة في قلبي»‪ ،‬ومن‬
  ‫من الأيديولوجيا‪ ،‬فإذا كان الأ ُب الرمزي المعنوي‬                       ‫ثم هل هو ُيري ُده شيطا ًنا مح ًضا أم ملا ًكا مح ًضا؟‬
                                                                                                        ‫فتكون الإجابة‪:‬‬
        ‫والأدبي قائ ًما لا محالة‪ ،‬فللشاعر أن يتهمه‬                                              ‫لو كان لي أن أُنجب أبي‬
  ‫بوااللرخجعصيوةم ِةوااللتمُخسلتفحكوم ُية‪:‬شهر في وجهه دليل ال ُفرق ِة‬                            ‫لو كان لي أن أصطنعه‬
                                                                                                  ‫لاصطنعته أكثر جما ًل‬
                               ‫هذا رج ٌل لم يقرأ‬
                   ‫الـ ‪Communist manifesto‬‬                                                                  ‫وأقل حنا ًنا‬
                                                                                       ‫حنانه الزائد إب ٌر مغروس ٌة في قلبي‬
                                     ‫بالله عليكم‬                         ‫لقد تملكت الشاعر مشاعر الصعلكة والضجر من‬
                             ‫وأنا الخائ ُب العظيم‬                           ‫الإطار العائلي المُغلق‪ ،‬الذي ُيغلفه إل ٌه في صورة‬
                          ‫كيف لي أن أُحب ر ُج ًل‬                         ‫أب‪ ،‬فاختلط ْت عليه مشاعر ال ُحب بمشاعر النفور‬
                         ‫لم يقرأ «كارل ماركس»‬                             ‫والعصيان لأن له في ال ُحب مسالك غير تلك التي‬
                          ‫وهو وتلك ثالثة الأثافي‬                                 ‫يسلكها أهل ُه‪ ،‬وله أي ًضا في ال ُكره مذه ٌب‪:‬‬
                           ‫يشمئز من الحداثيين‬

                                   ‫يدعي أن نتنًا‬
                            ‫يفو ُح من نصوصهم‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43