Page 33 - merit 42 jun 2022
P. 33

‫‪31‬‬        ‫إبداع ومبدعون‬

          ‫رؤى نقدية‬

                                                      ‫قوية لتثوير القصيدة وتجاوز موروثها بينما قد‬

                                                      ‫يفهمه البع ُض على أنه تنكر للموروث الإبداعي‬
                                                      ‫الشعري‪ .‬وفي موضع آخر يجي ُء الكرشابي مؤك ًدا‬
                                                      ‫ثورته على القديم في الشعر والنظرية فيقول‪:‬‬

                                                             ‫استصرخ يا ولدي مملكة الموتى‬

                                                             ‫والعن آلاف الشعراء الأفاقين‬

                                                             ‫ودعني أمسك بولي‬

                                                             ‫ُش ًّحا فوق (الطبقات)‬
                                                             ‫فلا شيء سواك يستأهل‬

                                                             ‫أن نقرأه كل صباح‪.‬‬

                                                             ‫لكن كثيرين آخرين أفسدوا هذه البهجة‬
                                                      ‫بنصوصهم المترهلة والتي تتسو ُل ُلغة القصة في‬
                                                      ‫ثوب الشعر وتنك ُر ثو َب القصة في ُلغ ِة الشعر‪،‬‬
                                                      ‫ولا ننك ُر ‪ُ -‬مطل ًقا‪ -‬أن السرد والشعر يتداخلان‬
                                                      ‫السرد‬  ‫أكمث ٌير ًراب‪،‬ليفغا‪،‬ل لسكرند تخقنيصاةئفيصالكشلعورا‪،‬حو ٍدت مشنعهيمرا‬
‫شريف رزق‬                 ‫أشرف البولاقي‬                 ‫تظل‬

                                                      ‫متميزة وواضحة وحاضرة في مساحات التلقي‬

 ‫ومقاربات كثيرة عربية بعد الأجنبية التي تناولتها‬      ‫والتأويل‪ ،‬بينما في النصوص (الشعرية النثرية)‬
   ‫وهضمتها وتجاوزتها‪ .‬إن المُتبصر فيما ُكتب في‬
                                                          ‫الرديئة تضي ُق مساحات التلقي؛ أو نحتا ُج إلى‬
      ‫الحداثة الإبداعية يج ُد أن الحداثة ‪-‬في الإبداع‬  ‫شاشا ٍت أخرى نستقب ُل من خلالها تلك النصوص‬
     ‫ال ِكتابي مث ًل‪ -‬ترتك ُز على تجاوز ُسلطة النص‬
  ‫وكسر ُسلطة الموروث‪ .‬لكن الوعي بذلك «النص»‬                  ‫غير شاشة الشعر»‪.‬‬
‫والتحليل الفاهم «للموروث» يجعلان من «الحداثة»‬
                                                      ‫على مقربة من المفاهيم الثلاثة‪ :‬سأسعى في السطور‬
              ‫مفهوما يختل ُف بين الشرق والغرب!‬
                                                      ‫القليلة القادمة لتقديم التعريف الإجرائي الخاص‬
      ‫وكما يبدو فأنا أتف ُق مع محمد عابد الجابري‬
   ‫في أنه لا توجد حداثة ُمطلقة كلية وعالمية‪ ،‬ولكن‬     ‫بكل مفهوم من المفاهيم الثلاثة التي تضمنها عنوان‬
   ‫ُهناك حداثات تختلف من وق ٍت لآخر ومن مكان‬          ‫المُقاربة النقدية بإيجاز ووضوح ودون إيغا ٍل في‬
  ‫لآخر(‪ .)4‬ووف ًقا للرؤية السابقة للحداثة باعتبارها‬   ‫التنظير (حتى لا ُيره َقنا البح ُث بعي ًدا عن النص‬
                                                             ‫الذي نح ُن بصدده)‪.‬‬
 ‫تجاو ًزا ل ُسلطة النص وكس ًرا ل ُسلطة الموروث فإن‬           ‫‪ -1‬الحداثة «الشعرية»‪:‬‬
‫«قصيدة النثر» هي واحدة من أهم تجليات «الحداثة‬
                                                      ‫الحداثة ليست مفهو ًما يقتص ُر على الإبداع المكتوب‬
    ‫الشعرية» والتي انطلقت كواحدة من منتوجات‬              ‫ولكنها ُتعد تيا ًرا واس ًعا يواجه الواقع المُعاصر‬
                                                      ‫المعيش في كل جوانبه الاجتماعية والسياسية‬
                          ‫الحداثة بوجهها العام‪.‬‬       ‫والاقتصادية وغيرها‪ .‬وتفر ُض «الحداث ُة» شر ًطا‬
                    ‫‪ -2‬قصيدة النثر المُعاصرة‪:‬‬         ‫رئي ًسا في النصوص أو البنى والنظريات أو الأفكار‬
‫لا نستطي ُع أن نصب قصيدة النثر في بوتق ٍة واحدة‬       ‫والرؤى التي ُتري ُد الانتساب إليها وهو تجاوز‬
    ‫شأنها في ذلك شأن الشعر والإبداع في العموم‪،‬‬          ‫كل القوالب والتنميطات وما ُيسمى «الثوابت»‬
                                                       ‫التي قد تفر ُض ُسلطة ما على العقل‪ .‬وبعي ًدا عما‬
 ‫وحتى التقسيمات أو التأطيرات التي تتم أحيا ًنا لا‬     ‫نستطي ُع توجيهه لذلك الكلام من نق ٍد ونق ٍض في‬
 ‫تتعدى وظيفتها الدر َس النظري‪ ،‬لكن التعمي َم خط ٌر‬    ‫كثي ٍر من جوانب ِه‪ ،‬نح ُن بحاجة للتوقف قلي ًل أمام‬
‫على ال ِفكر والإبداع (التعميم دون دراسا ٍت ُمتأنية)‪.‬‬  ‫«الحداثة الشعرية» التي تناولتها مقالات ودراسات‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38