Page 194 - m
P. 194

‫العـدد ‪60‬‬                            ‫‪192‬‬

                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                          ‫تاريخية بالمعنى التالي‪:‬‬
                                                                  ‫إنه لا يشير إلى ما يفعله‬
 ‫إشارات الحيوانات إلى اللغة‪.‬‬      ‫أن الإشارات تتطور جنبًا‬        ‫الكيان (سواء كان عض ًوا‬
   ‫على سبيل المثال‪ ،‬لا يعادل‬       ‫إلى جنب مع الاستجابات‬          ‫أو سلو ًكا)‪ ،‬بل يشير إلى‬
                                  ‫(في الواقع‪ ،‬فهي تنظر إلى‬     ‫سبب وجود هذا الكيان الآن‬
 ‫نداء إنذار النمر الفرفت بأي‬   ‫اللغة باعتبارها الحل لمشاكل‬       ‫فحسب‪ ،‬بل إلى استمراره‬
    ‫حال من الأحوال الجملة‬      ‫التنسيق لدى البشر)‪ .‬فكرتها‬      ‫(ربما مع بعض التعديلات)‬
                                  ‫هي أن الوظيفة الصحيحة‬
‫المعقدة «يوجد نمر هنا ويجب‬      ‫للإشارة هي إثارة استجابة‬             ‫منذ ظهوره‪ ،‬وبعبارة‬
  ‫عليك التسلق إلى قمة أقرب‬      ‫محددة في جهاز الاستقبال‪،‬‬       ‫أخرى‪ ،‬لماذا تم اختياره لهذا‬
   ‫شجرة»‪ .‬ورغم أن هذا قد‬          ‫وأنها تفعل ذلك من خلال‬
                                 ‫نقل المعلومات‪ .‬في حين أنه‬                      ‫الغـرض‪.‬‬
‫يعكس معنى النداء بأمانة إلى‬       ‫من الواضح أن فكرة نقل‬         ‫لذا‪ ،‬مهما كانت حالة قلبك‪،‬‬
  ‫حد ما‪ ،‬إلا أنه ليس ترجمة‪،‬‬     ‫المعلومات المعنية تنطبق على‬      ‫وبغض النظر عما إذا كان‬
  ‫لأن الإشارات الحيوانية في‬       ‫اللغة الطبيعية وكذلك على‬        ‫يضخ الدم بشكل موثوق‬
  ‫مجملها شمولية‪ :‬فالإشارة‬         ‫أنظمة الاتصال الحيوانية‪،‬‬     ‫في جميع أنحاء الجسم‪ ،‬فإن‬
  ‫تعني شيئًا ما ككل‪ ،‬وليس‬        ‫إلا أن ميليكان تعترف بأن‬      ‫وظيفته الصحيحة هي ضخ‬
       ‫كمجموعة من أجزائه‪.‬‬      ‫الإشارات اللغوية والإشارات‬
      ‫في الواقع‪ ،‬كما تعترف‬         ‫الحيوانية تختلف إلى حد‬         ‫الدم‪ ،‬لأن هذا هو السبب‬
  ‫ميليكان‪ ،‬مع اللغة فقط‪ ،‬يتم‬                                   ‫وراء تطور القلوب والحفاظ‬
 ‫التمييز بين اتجاهي التوافق‬          ‫ما‪ .‬يمكن ملاحظة ذلك‬
   ‫(الإشارة = عالم الإشارة‬        ‫من خلال تحليلها لنداءات‬          ‫عليها (وتحسينها) عبر‬
   ‫والاتجاه = إشارة باتجاه‬                                      ‫تاريخ الفقاريات‪ .‬لاحظ أن‬
                    ‫العالم)‪.‬‬        ‫مكالمات التنبيه المدرجة‪.‬‬   ‫الوظائف المناسبة لا تقتصر‬
     ‫وهكذا‪ ،‬تعترف ميليكان‬          ‫من الناحية اللغوية‪ ،‬فإن‬        ‫على الكائنات البيولوجية‪:‬‬
     ‫بأن إشارات الحيوانات‬            ‫مثل هذه النداءات (على‬
   ‫ثنائية الاتجاه‪ ،‬لكن الكلام‬      ‫سبيل المثال‪ ،‬نداء الفهد)‬        ‫بل يمكنها أي ًضا وصف‬
 ‫اللغوي ليس كذلك‪ .‬سأنتقل‬         ‫لها اتجاه مزدوج للتوافق‪:‬‬       ‫المصنوعات اليدوية بجميع‬
       ‫الآن إلى انتقاد موقف‬       ‫كل من عالم الإشارة (أي‬       ‫أنواعها‪ ،‬بد ًءا من المؤسسات‬
  ‫ميليكان‪ ،‬باستخدام نوعين‬        ‫يعكس النداء الحالة الحالية‬
  ‫من الفرضيات‪ :‬الفرضيات‬             ‫للبيئة‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬      ‫وحتى الأدوات‪ .‬وبعبارة‬
                                  ‫وجود نمر فيها) وإشارة‬        ‫أخرى‪ ،‬يمكن أن تكون نتاج‬
‫العامة المتعلقة بفكرة الإشارة‬     ‫إلى العالم (أي أن الإشارة‬   ‫التطور البيولوجي أو الثقافي‪.‬‬
 ‫اللغوية في اقتران الإشارة‪/‬‬     ‫تلزم المتلقي في نفس الوقت‬
                                   ‫بإعطاء استجابة محددة‪،‬‬           ‫الشيء الأساسي هو أن‬
      ‫المعلومات‪ /‬الاستجابة‪،‬‬       ‫على سبيل المثال‪ ،‬الطيران‬     ‫الكيان قيد النظر لديه تاريخ‬
    ‫والفرضيات العملية فيما‬                                    ‫يشرح سبب استمراره طوال‬
   ‫يتعلق بمزاوجة الإشارة‪/‬‬            ‫إلى أعلى المظلة)‪ .‬تقترح‬
      ‫المعلومات‪ /‬الاستجابة‪.‬‬        ‫ميليكان تسمية مثل هذه‬          ‫الوقت من خلال الوظيفة‬
                                 ‫الإشارات مزدوجة الاتجاه‬                ‫التي يؤديها عادة‪.‬‬
‫بعض الصعوبات في‬                    ‫بتمثيلات بوشمي‪-‬بوليو‬
   ‫موقف ميليكان‬                   ‫(‪ .)Pushmi pullyu‬وكما‬       ‫من وجهة نظر ميليكان‪ ،‬اللغة‬
                               ‫تعترف ميليكان نفسها‪ ،‬فإنه‬         ‫هي نظام اتصال‪ ،‬على قدم‬
    ‫يثير بناء نظرية ميليكان‬      ‫ليس من المنطقي «ترجمة»‬        ‫المساواة مع أنظمة الاتصال‬
    ‫صعوبات كبيرة‪ ،‬وترتبط‬                                           ‫الحيوانية الأخرى‪ ،‬فيما‬

      ‫جميع هذه الصعوبات‪،‬‬                                      ‫يتعلق بتطورها‪ .‬وهي تشترك‬
                                                                ‫مع ماينارد سميث وهاربر‬
                                                                 ‫في تعريف الإشارة بفكرة‬
   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199