Page 292 - m
P. 292
العـدد 60 290
ديسمبر ٢٠٢3 ثلاثيته .ويرى الكتاب أن هذا
الخضوع وتلك الاستكانة
النسائية في رواية ثرثرة فلقد كانت شخصية نور التي ظهرت بها أمينة كان
فوق النيل 1966فقد كانت ترمز إلى ظاهرة محظورة
غنية بتناقضاتها وثقافتها في المجتمع المصري خاصة، ظاهر ًّيا ،أما باطنيًّا فقد ربت
والمجتمع الإسلامي بصفة أبناءها على الحرية والكرامة
واهتماماتها ،فيها من عامة ،على الرغم من انتشار
استسلمن مثل ليلى زيدان تلك الظاهرة وقت الحروب ورفض الظلم والاستبداد،
وسنية كامل لمصيريهما .ولم والأزمات ،و ُيعتبر محفوظ كما رسخت فيهم قيم
يتبق لهما إلا خوض حروب من الروائيين الأوائل الذين
صغيرة توفر لهما مساحتهما أعطوا أهمية لهذه الظاهرة، الوطنية من انتماء وتضحية
الصغيرة في العوامة التي ومن الذين ألقوا الضوء عليها في سبيل الله والوطن ،حتى
تبدو بشكل أو بآخر زقاق من خلال عرض نماذج لهذه
مدق من نوع آخر نسبيًّا. الفئة من النساء المنحرفات لو كان الثمن هو حياتهم؛
في بعض رواياته ،وخاصة فلقد خرج ابنها فهمي عبد
وفي زمن آخر مغلف الثلاثية؛ حيث عرض علينا
بمنظومة ثقافية اجتماعية شخصية العالمة وهي ترمز الجواد إلى الحياة بعد أن
مليئة بالشعارات التي لا إلى فئة من النساء اللواتي شرب من والدته كل تعاليمها
يحترفن البغاء المتستر وراء
تؤمن أي منهما بها(.)26 الرقص والغناء ،ومن المُلاحظ وأفكارها ومبادئها التي
كانت شخصية زهرة في أن محفوظ لم يجعل من المرأة غرستها فيه ،حتى أصبح
رواية ميرامار 1967على البغي بطلة لأي رواية من فهمي هو الوطني الثائر
النقيض من شخصية حميدة رواياته أو حتى مث ًل يقتدى على الاستعمار إلى أن نال
تما ًما ،ولقد عاشت زهرة به -وهذا ُيحسب للمؤلف الشهادة وهو يؤدي واجبه
ظرو ًفا مشابهة لظروف بالطبع -وحتى شخصية
حميدة ،لكن نجيب محفوظ نور في رواية اللص والكلاب الوطني(.)24
لم يجعل زهرة تلقى نفس لا تعتبر بطلة الرواية(.)25 وفي رواية اللص والكلاب
مصير حميدة ،بل اختارت 1961جسد نجيب محفوظ
زهرة التعليم للخروج من أما عن الشخصيات صورة مختلفة تما ًما للمرأة،
وهي شخصية نور ،والتي
مستنقع الجهل والفقر ُتجسد المرأة الب ِغي في المجتمع
وتحكم الرجال فيها ،زهرة المصري ،ومن المُلاحظ أن
نجيب محفوظ قد أولى هذه
الفئة حي ًزا
مه ًّما في العديد
من رواياته،
وأراد أن يعبر
من خلالها عن
نوع من النفاق
والازدواجية
الموجودة
بالفعل ،ليس
فقط في المجتمع
المصري ،ولكن
في معظم
المجتمعات.