Page 196 - merit 48
P. 196

‫عليها‪ ،‬لا تخضع للمحاسبة‬           ‫قصة إيران فيها الكثير من العبر لُأولي‬
       ‫والمساءلة‪ ،‬واستحدث‬       ‫الألباب في عالمينا العربي والإسلامي‪ ،‬إنها‬

  ‫الخميني مؤسسات موازية‬           ‫قصة ثورة شعبية حقيقية صنعتها كافة‬
‫تتبع للمرشد بموازاة الهياكل‬       ‫شرائح الشعب الإيراني‪ ،‬وقواه السياسية‬
                                   ‫الحية من الليبراليين والقوميين واليسار‬
      ‫المؤسسية الديمقراطية‬        ‫والإسلاميين‪ ،‬لإسقاط نظام الشاه الفاسد‬
    ‫الموروثة دون إلغائها‪ ،‬بل‬   ‫والمهترئ‪ .‬وما إن اقتربت الثورة من تحقيق‬
 ‫أفرغها من محتوها بالكامل‪.‬‬
   ‫وقد تم للخميني ذلك عبر‬           ‫هدفها باجتثاث نظام الشاه‪ ،‬حتى قفز‬
 ‫مراجعة نقدية للإرث الديني‬      ‫الخميني من منفاه الباريسي ملتح ًفا عباءة‬

       ‫الشيعي ووجود حلقة‬                        ‫الدين‪ ،‬لينق َّض‪ ‬على‪ ‬المشهد‪.‬‬
‫مفرغة تتمثل بانتظار الشيعة‬
                                 ‫صحة للشعارات الإعلامية‬               ‫للخميني من بعدين‬
     ‫لعودة الإمام الغائب‪ ،‬أو‬        ‫الفضفاضة التي يرفعها‬         ‫استراتيجيين‪ ،‬وتتمثل في‬
 ‫الولي المعصوم‪ ،‬واستحضره‬           ‫النظام الإيراني وعملاؤه‬         ‫إنشاء إطار استراتيجي‬
  ‫لإنشاء دولة النيابة‪ ،‬بقوله‪،‬‬        ‫في المنطقة‪ ،‬مثل «الموت‬
‫إنه في ظل غياب إمام العصر‬                                                ‫لما يمكن تسميته‬
                                ‫لأمريكا‪ ،‬والموت لإسرائيل»‪،‬‬      ‫بـ»الجيوبوليتيك الشيعي»‬
   ‫والزمان التي طالت غيبته‪،‬‬      ‫من حيث إن العدو الرئيس‬         ‫في مواجهة «الجيوبوليتيك‬
‫ولا أحد يدري متى تنتهي‪ ،‬لا‬        ‫للخمينية هم العرب‪ ،‬لأنهم‬       ‫الإسلامي الجامع»‪ ،‬الذي‬
‫يجوز تعطيل أحكام الشريعة‪،‬‬       ‫يقفون حاجز ص ٍّد مني ٍع أمام‬   ‫تقوده السعودية‪ ،‬باعتبارها‬
                                  ‫مشروع الخلافة الشيعية‬
  ‫ومن هنا يجب على العلماء‪،‬‬     ‫الإيرانية التوسعية في العالمين‬     ‫مركز الأراضي المقدسة‬
    ‫ورثة الأنبياء‪ ،‬النيابة عن‬                                    ‫لكل المسلمين‪ ،‬وذلك لبناء‬
              ‫الإمام الغائب‪.‬‬           ‫العربي والإسلامي‪.‬‬
       ‫أسس الخميني دولته‬          ‫وفي الداخل اعتمدت فكرة‬           ‫نفوذ عقائدي يهدف إلى‬
       ‫العميقة السرية داخل‬      ‫الخميني على تكريس مفهوم‬            ‫احتواء العالم الإسلامي‬
      ‫الدولة الإيرانية‪ ،‬فوراء‬   ‫الولي الفقيه بمفهومها المطلق‬
     ‫المظاهر الشكلية للدولة‪،‬‬       ‫وليس التقليدي في الفكر‬            ‫ويجعله يدور في فلك‬
    ‫يقف الحرس الثوري على‬       ‫الشيعي الاثنا عشري‪ ،‬وطور‬          ‫الفضاء الحيوي الإيراني‪.‬‬
                                  ‫مفهوم نائب الإمام المهدي‬        ‫ولهذا تجد أن الشعارات‬
  ‫رأس القوى الحامية للدولة‬
   ‫العميقة‪ ،‬وهو صمام أمان‬            ‫المنتظر‪ ،‬كسلطة مطلقة‬           ‫العالمية «للجيوبوليتيك‬
   ‫الدكتاتورية الدينية‪ ،‬وتقع‬        ‫فوق السلطات التنفيذية‬           ‫الشيعي» منزوع عنها‬
‫تحت قيادته أجهزة المخابرات‬          ‫والتشريعية والقضائية‬          ‫مفردة «الشيعية» لإبراز‬
‫والأمن والهياكل الاقتصادية‬         ‫للدولة الإيرانية ومشرفة‬        ‫الوحدة الإسلامية‪ .‬ومن‬
 ‫الرئيسة‪ ،‬والسلطة القضائية‬                                     ‫هنا فإن المطلعين على الشأن‬
                                                                   ‫الإيراني يؤكدون أنه لا‬
       ‫والدينية‪ ،‬والمؤسسات‬
 ‫الخيرية‪ ،‬وبعض المؤسسات‬

      ‫الخاصة الهامة لتمويل‬
    ‫النظام‪ ،‬وكلها تعمل تحت‬
‫إشراف مكتب المرشد الأعلى‪.‬‬
    ‫في البعد الخارجي أي ًضا‪،‬‬
‫فرض الخميني هوية مذهبية‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201