Page 54 - merit 48
P. 54

‫العـدد ‪48‬‬   ‫‪52‬‬

                                                       ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

 ‫في ميزان المقارنة مع ما سبقه من سجالات نقدية‪،‬‬         ‫محمد برادة حر ًبا نقدية شعواء اختلف ُنقادها حول‬
                              ‫وذلك على مستوى‪:‬‬          ‫تدبير المرحلة الستينية‪ ،‬والتي بدأت تعرف نقاشات‬

        ‫‪ -‬توثيق السجال والأطراف المشاركة فيه‪.‬‬              ‫جادة حول سبل إنعاش الحياة الثقافية المغربية‬
       ‫‪ -‬الدافع الحضاري للسجال سواء في بعديه‬                ‫والخروج من الجمود الفكري بين التماهي مع‬
  ‫السياسي والاجتماعي أو في بعده الأدبي والنقدي‬          ‫التيارات الغربية المتلاحقة وبين العودة إلى المجتمع‬

                                 ‫والثقافي عمو ًما‪.‬‬            ‫المغربي(‪ ،)2‬وليتجدد الصراع‪ ،‬وفي ظل سياق‬
                     ‫‪ -‬مضمون السجال النقدي‪.‬‬                ‫سياسي مغربي متأزم‪ ،‬معلنًا عن أعنف وأطول‬
                      ‫‪ -‬أسلوب وحدود المساجلة‪.‬‬              ‫سجالات نقدية في نهاية السبعينيات على أعمدة‬

    ‫‪ -1‬التوثيق والأطراف المشاركة‬                                 ‫الملاحق الثقافية لجريدتي العلم والمحرر‪.‬‬
                                                            ‫أما في نهاية التسعينيات‪ ،‬فقد شكلت مجموعة‬
   ‫إن كل محاولة تروم جمع المتن المتضمن لفصول‬               ‫البحث في القصة القصيرة وجماعة الكوليزيوم‬
    ‫هذا السجال النقدي سيجد صاحبها نفسه أمام‬                  ‫القصصي وبياناتها النارية بد ًءا ببيان القصة‬
      ‫سيل كبير وخميس عرمرم من التدوينات في‬             ‫التجريبية لمحمد أمنصور سنة ‪ 1993‬ثم بيان محمد‬
      ‫هذا العالم الافتراضي الأزرق مقابل عدد جد‬         ‫عزيز المصباحي سنة ‪ 2000‬آخر مظاهر السجالات‬
                                                        ‫النقدية «البارزة»(‪ )3‬في المغرب‪ ،‬والتي خ َّف بريقها‬
  ‫محدود من المقالات المنشورة على أعمدة الصحف‬             ‫تدريجيًّا في اتجاه ما يشبه الغياب التام منذ بداية‬
  ‫الورقية والإلكترونية(‪ )6‬أو بين صفحات المجلات‪،‬‬
   ‫هذا وبالإضافة طب ًعا إلى المنشور الحدث ‪-‬ورغم‬                                          ‫الألفية الثالثة‪.‬‬
                                                                 ‫إن الدافع لهذه التوطئة السابقة في بعدها‬
    ‫كونه حوا ًرا وليس مقالة‪ -‬إلا أنه ُنشر في مجلة‬             ‫الكرونولوجي مرده إلى ما أثارني في مقولة‬
   ‫محكمة تلزم صاحبها وتفصح عن آرائه النقدية‪،‬‬           ‫للدكتورة نورة لغزاري وهي تبرر جدوى التصدير‬
                                                            ‫في قولها «عودنا البحث الأكاديمي والعلمي‬
       ‫وبجرأة معهودة‪ ،‬وتشكل مرج ًعا علميًّا يمنح‬          ‫على إيراد مبرر‪ ،‬والبحث عن مسوغ لكلماتنا‪،‬‬
 ‫الطابع الأكاديمي لكل من أراد الرد على مضامينها‬          ‫لاختياراتنا‪ ،‬لتصديراتنا‪ ،‬كي لا تصبح الكتابة‬

     ‫من النقاد أو اعتمادها ضمن دراسات ذات بعد‬                      ‫عب ًثا يصرف المتلقي عن قراءتها»(‪.)4‬‬
                                       ‫أكاديمي‪.‬‬             ‫ففي البداية‪ ،‬وأنا أتابع عن كثب ما أثاره حوار‬
                                                          ‫للشاعر والناقد صلاح بوسريف‪ ،‬نشر في مجلة‬
 ‫لقد كان هذا الطابع العلمي والتوثيقي المحكم‪ ،‬ومنذ‬        ‫«ميريت الثقافية» بتاريخ يونيو ‪ ،2022‬من جدل‬
    ‫الثلاثينيات‪ ،‬العنوان البارز لجل المقالات الأدبية‬        ‫كبير يرجع أسا ًسا لرأي جاء في خضم الحوار‬
                                                           ‫ومفاده أن «نيرودا ومحمود درويش ومظفر‬
‫السجالية التي عرفها المشهد النقدي المغربي الحديث‬           ‫النواب وأحمد مطر شعرهم انتهى‪ ،‬ولم يعد‬
‫والمعاصر وذلك سواء من خلال الجرائد أو المجلات‬           ‫يقرأ إلا كوثيقة تاريخية‪ ،‬وهو في جوهره ليس‬
                                                            ‫شع ًرا»(‪ ،)5‬غلبتني حيرة من أمري وأنا أحاول‬
   ‫أو ما جمع بين دفتي الكتب(‪ ،)7‬وحسبنا في ذلك‪،‬‬           ‫مقاربة هذا الموضوع الأكثر آنية في المشهد الأدبي‬
 ‫وعلى سبيل المثال لا الحصر‪ ،‬ما نشر على صفحات‬           ‫النقدي المغربي المعاصر‪ :‬هل أضم صوتي إلى هؤلاء‬
 ‫مجلة المغرب(‪ )8‬ر ًّدا على «اللذغات البريئة» لمحمد بن‬     ‫أو إلى هؤلاء أو أمسك بعصا النقاش من وسطها‬
‫العباس القباج‪ ،‬أو ما نشر على أعمدة جريدة العلم(‪)9‬‬         ‫وأدلي برأيي المتواضع الذي ربما لن يفيد الدرس‬
 ‫بداية الأربعينيات‪ ،‬ر ًّدا على مقالة نقدية لاذعة حلل‬   ‫الأكاديمي في شيء؛ أم أحاول ‪-‬وهو ما استقر عليه‬
                                                        ‫الحال في هذا المقال‪ -‬مساءلة الأطراف المشاركة في‬
    ‫من خلالها عبد الرحمان الفاسي كتاب «أمراؤنا‬          ‫هذا «»السجال النقدي» ومقاربته من خلال وضعه‬
‫الشعراء» للعلامة عبد الله كنون‪ ،‬وصو ًل إلى مرحلة‬

  ‫السبعينيات وسجالاتها النقدية على أعمدة الملاحق‬
                  ‫الثقافية لجريدتي العلم والمحرر‪.‬‬

     ‫ولعل ما يلفت الانتباه ‪-‬ويدعو في تصورنا إلى‬
    ‫الفخر والاعتزاز بتراثنا الأدبي والنقدي المغربي‬
   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58   59