Page 83 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 83

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                      ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫(‪ ،)9‬ويـرى بعـض الفقهـاء أن ك َّل الحقـوق الـواردة فـي‬          ‫نفسـه تضمنتـه كل مـن الفقـرة الثانيـة مـن المـادة الثانيـة‬
‫الإعـان العالمـي لحقـوق الإنسـان ومختلـف وثائـق‬                 ‫مـن العهـد الدولـي الخـاص بالحقـوق المدنيـة والسياسـية‪،‬‬
‫القانـون الدولـي‪ ،‬تتجـاوز الحـدود السياسـية والجغ ارفيـة‬        ‫وكانـت هـذه البنـود جميعهـا تنـادي بضـرورة القضـاء‬
                                                                ‫علـى التمييـز العنصـري‪ ،‬والقضـاء علـى جميـع أشـكال‬
‫وحتـى الدينيـة والثقافيـة وتفوقهـا؛ فيصبـح المجتمـع‬             ‫التمييـز ضـد المـ أرة‪ ،‬ويبقـى كل ذلـك ضمـن الإطـار‬
‫الدولـي سـاحة تطبيـق تلـك الحقـوق‪ ،‬ويعتبـر الإعـان‬              ‫العـام الـذي حددتـه المـادة (‪ )27‬مـن اتفاقيـة «فيينـا»‬
‫الفرنسـي لحقـوق الإنسـان والمواطـن عـام ‪ 1789‬مـن‬                ‫لقانـون المعاهـدات لعـام ‪ ،1969‬بأنـه لا يجـوز لأي‬
‫أهـم مواثيـق منظومـة حقـوق الإنسـان؛ لأنـه لمـا طـرح‬            ‫طـرف أن يحتـج بأحـكام قانونـه الداخلـي لتبريـر عـدم‬
                                                                ‫تنفيـذ تعهداتـه(‪ ،)6‬ومـن هنـا يمكننـا القـول‪ ،‬إن الحمايـة‬
‫لأول مـرة طـرح بوصفـه إعلاًنـا عالمًّيـا؛ لا يشـير إلـى‬         ‫الدوليـة لحقـوق الإنسـان نظـًار إلـى التداخـل السياسـي‬
‫حقـوق الفرنسـيين فحسـب‪ ،‬بـل ُقـدم كوثيقـة لمصلحـة‬               ‫بالقانـون تشـكل أخطـر وأكثـر منافـذ المسـاس بسـيادة‬
‫البشـرية فـي كل زمـان ومـكان‪ ،‬كمـا نجـد كذلـك الإعـان‬           ‫الدولـة وسـامتها الإقليميـة‪ ،‬فـي ظـل هيمنـة مصالـح‬
‫العالمـي لحقـوق الإنسـان عنوانـه عالمـي وليـس دولـي‪،‬‬            ‫الـدول الكبـرى علـى قـ ار ارت مجلـس الأمـن ومـن ثـَّم‬
                                                                ‫تصبـح قضيـة حقـوق الإنسـان فـي حـد ذاتهـا سـبًبا‬
‫وهـو يسـتخدم كلمـات مثـل‪« :‬النـاس والفـرد» ويبتعـد عـن‬          ‫للمعاناة والقمع والظلم؛ ذلك لأن الدول الغربية تسـتعمل‬
                                                                ‫حجـة الواجـب الأخلاقـي للدفـاع عـن حقـوق الإنسـان‬
‫اسـتخدام كلمـات ذات مفهـوم قانونـي مثـل «المواطنيـن‬             ‫بالطريقـة نفسـها التـي اسـتعملت فيهـا فـي الماضـي‬
                                     ‫والرعاي ـا»(‪.)10‬‬           ‫مذهـب «رسـالة التحضيـر» لتسـويغ الاسـتعمار‪ ،‬وقـد‬
                                                                ‫بينـت تداعيـات وردود الفعـل القريبـة عقـب أحـداث ‪11‬‬
‫‪ -‬حقــوق الإنســان تتمتــع بقــوة إل ازميــة‪ :‬انتقلـت‬           ‫سـبتمبر عـام ‪ ،2011‬أن هـذه الرسـالة التحضيريـة أو‬
‫حقـوق الإنسـان مـن عـدم الإلـ ازم إلـى الإل ازميـة‪ ،‬وأصبـح‬
                                                                              ‫الصليبيـة للغـرب مـا ازلـت مسـتمرة(‪.)7‬‬
‫يقـع علـى مـن يخالفهـا جـ ازءات دوليـة‪ ،‬ويمثـل ميثـاق‬
                                                                ‫‪ -‬حقوق الإنسـان ذات صبغة موضوعية عالمية‪:‬‬
‫هيئـة الأمـم المتحـدة نقطـة انطـاق فـي مجـال الاعتـ ارف‬         ‫تعتبـر حقـو ُق الإنسـا ِن مـن القضايـا التـي تحظـى‬
‫بحقـوق الإنسـان وحرياتـه؛ حيـث أصبحـت النصـوص‬                   ‫باهتمـام عالمـي بالـغ خا ّصـ ًة مـع ت ازيـد الحـروب وانتشـار‬
‫الـواردة فـي هـذا الميثـاق – فيمـا يتعلـق بحقـوق الإنسـان‬       ‫الاضطهـاد والتعصـب والتفرقـة والتمييـز العنصرييـن(‪،)8‬‬
‫– جـزًءا مـن القانـون الدولـي العرفـي؛ لذلـك فإنهـا ملزمـة‬      ‫والمقصـود بعالميـة حقـوق الإنسـان وجـود مبـادئ‬
‫لكافـة الـدول(‪ ،)11‬وقـد انعكسـت أهميـة حقـوق الإنسـان‬           ‫دوليـة لحمايـة حقـوق الإنسـان تلتـزم بهـا الـدول جمي ًعـا‬
                                                                ‫بتطبيقهـا‪ ،‬وك ُّل دولـ ٍة لهـا مصلحـة قانونيـة فـي حمايتهـا؛‬
‫وإعـادة تأكيدهـا والعمـل علـى تعزيزهـا فـي ميثـاق هيئـة‬         ‫ومـن حـق كل دولـة أن تثيـر انتهاكهـا قبـل دولـة أخـرى‪،‬‬
                                                                ‫ومـن ناحيـة أخـرى فإنـه لا ُيسـمح للدولـة بالـرد بالمثـل‬
‫الأمـم المتحـدة الـذي تـم توقيعـه فـي ‪ 26‬يونيـو عـام‬            ‫علـى انتهـاك حقـوق أحـد رعاياهـا مـن قبـل دولـة أخـرى‬

‫‪ ،1945‬ويحـدد الميثـاق الأهـدا َف الأساسـية للمنظمـة‬
‫العالميـة بأنهـا‪« :‬حمايـة الأجيـال القادمـة مـن عذابـات‬
‫الحرب»‪ ،‬و»إعادة التأكيد على الإيمان بحقوق الإنسان‬
‫الأساسـية فـي الك ارمـة وقيمـة النفـس الإنسـانية‪ ،‬والحقـوق‬

‫المتسـاوية للرجـال والنسـاء»‪ ،‬وتنـص المـادة الأولـى مـن‬
‫الميثـاق علـى أن أحـَد مقاصـِد الأمـم المتحـدة هـو تحقيـق‬
‫التعـاون الدولـي فـي مجـال تعزيـز وتشـجيع «الاحتـ ارم‬

                                                            ‫‪83‬‬
   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88