Page 92 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 92
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الدسـتور السياسـي والترتيبـات الاقتصاديـة والاجتماعيـة، مبادئ العدالة
ومنهـا مـا يـدل علـى الحمايـة القانونيـة لحريـة التفكيـر
والأسـواق التنافسـية والملكيـة الخاصـة لوسـائل الإنتـاج، تُعـد نظريـة العدالـة عنـد «رولـز» أهـَّم محاولـة فلسـفية
ومـن هنـا يـرى رولـز ،أن «أحـد الأهـداف العمليـة للعدالـة لبنـاء قاعـدة نظريـة للممارسـة الليب ارليـة ،فقـد أكـد علـى
كإنصـاف هـو توفيـر أسـاس فلسـفي وأخلاقـي مقبـول أن هدفـه هـو «تقديـُم تصـور للعدالـة يمكـن مـن خلالـه
للمؤسسـات الديمق ارطيـة ،ولتحقيـق هـذا الهـدف يبحـث – رفـ ُع مسـتوى التجريـد لنظريـة العقـد الاجتماعـي الشـهيرة
رولـز – فـي الثقافـة السياسـية العامـة لمجتمـع ديمق ارطـي، كمـا ُو ِجـَدت فـي أعمـال لـوك وروسـو وكانـط»( ،)46معنـى
وفـي تقاليـد التأويـل الخاصـة بدسـتوره وقوانينـه الأساسـية، ذلـك أن هـد َف رولـز الـذي يسترشـد بـه هـو التوصـل
طلًبـا لأفـكار مألوفـة معينـة يمكـن صياغتهـا فـي مفهـوم إلـى نظريـة فـي العدالـة قابلـة للتطبيـق وبديلـة عـن
للعدالـة السياسـية»( ،)50ويعتقـد رولـز أن بعـ َض هـذه التصـو ارت النفعيـة الكلاسـيكية والحدسـية للعدالـة ،والتـي
الأفـكار أكثـر أساسـية مـن بعضهـا الآخـر ،وأكثرهـا سـادت التقليـد الفلسـف َّي فتـرة طويلـة مـن الزمـن ،وقـد بـدأ
أساسـية هـي فكـرة المجتمـع بوصفـه نظا ًمـا منصًفـا مـن بتعريـف العدالـة بأنهـا« :الفضيلـة الأولـى للمؤسسـات
التعـاون الاجتماعـي الزمنـي مـن جيـل إلـى الجيـل الـذي الاجتماعيـة ،كمـا هـي الحقيقـة للأنظمـة الفكريـة ،ومهمـا
يليـه؛ والتـي ُيعدهـا رولـز فكـرة منظمـة ومركزيـة لتطويـر كانـت النظريـة متسـقة ومقتصـدة لا بـد مـن رفضهـا إذا
كانـت غيـَر صادقـة ،كذلـك الأمـر بالنسـبة للقوانيـن
مفهـوم سياسـي لعدالـة نظـام ديمق ارطـي. والمؤسسـات مهمـا كانـت درجـة كفاءتهـا وجديتهـا لا بـد
مـن إصلاحهـا أو إبطالهـا إذا كانـت غيـر عادلـة»(.)47
وفـي هـذا الصـدد ،يؤكـد رولـز ،أنـه مـن غيـر الممكـن العدالـة إذن هـي أسـاس الهيـكل الاجتماعـي؛ لـذا وجـب
أن يتفـق المواطنـون علـى سـلطة أخلاقيـة مثـل :نـص أن تتفـق سـائر الإجـ ارءات التشـريعية والسياسـية مـع مـا
مقـدس أو مؤسسـة دينيـة أو تقليـد مـن التقاليـد؛ أو حتـى تقضـي بـه مبـادئ العدالـة .ومـن هنـا يتعيـن – فـي نظـر
بالرجـوع مـا َعـَّده البعـض (قانوًنـا طبيعًّيـا) لذلـك لا رولـز – تحديـد القواعـد والمبـادئ التـي تُ َسـِّير المؤسسـات
يوجـد بديـل – عنـده – أفضـل مـن الاتفـاق علـى «فكـرة الاجتماعيـة للعدالـة()51؛ وذلـك مـن خـال وضـع نظـام
منظمـة للمجتمـع» ،أي نظـام منصـف مـن التعـاون للعدالـة ُمنصـف يتـم تطبيقـه علـى البنيـة الأساسـية
بيـن أشـخاص أحـ ارر ومتسـاوين»( .)51وهـذا مـا يسـمى للمجتمـع ،أي علـى «المؤسسـات السياسـية والاجتماعيـة
«بالوضـع الأصلـي» الـذي يجتمـع مـن خلالـه أشـخاص الرئيسـة وبطريقـة ملائمـة لـكل منهمـا بهـدف إقامـة نظـام
أحـ ارر لاختيـار القواعـد والمبـادئ التـي ينبغـي أن تقـود
المجتمـع ،لا سـيما توزيـع الخيـ ارت الأساسـية كالحقـوق تعاونـي ُموحـد»(.)48
والحريـات والثـروات ...إلـخ ،وإعـادة هيكلـة المكاسـب
إن المـادة الأوليـة للعدالـة عنـد «رولـز» هـي البنيـة
والتكاليـف التـي تنجـم عـن التعـاون الاجتماعـي(.)52
الأساسـية للمجتمـع ،بمعنـى آخـر «هـي الطريقـة التـي
مـن هـذا المنطلـق ،يتسـاءل رولـز ،مـا هـي مبـادئ
تُوزع من خلالها المؤسسات الاجتماعية الرئيسة الحقوق
والواجبـات الأساسـية ،وتحـدد تقسـيم المنافـع الناتجـة عـن
الش اركة الاجتماعية»( ،)49والمقصود بالمؤسسات الرئيسة
92