Page 98 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 98
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
ُيفتـرض أنهـم يتمتعـون بالاسـتقلال الذاتـي أن يمثلـوا فوقيـة» الباحثيـن عـن مؤسسـات عادلـة تما ًمـا ،فيمـا
عبـر الأطـ ارف المفتقريـن لهـذا الاسـتقلال ،فالمواطنـون يـرى «صـن» ،قـد قدمـوا تحليـات مضيئـة للواجبـات
ذو قـوة أخلاقيـة بوصفهـم أعضـاء فـي مجتمـع ديمق ارطـي الأخلاقيـة والسياسـية التـي ينطـوي عليهـا السـلوك
مثالـي حِسـن التنظيـم ،ولهـم حـس بقيمـة العدالـة والقيـم المناسـب اجتماعًّيـا؛ مثـل :كانـط ،ورولـز .فكلاهمـا
السياسية الأخلاقية عموًما ،إذن ،فكيف لمبادئ العدالة شـارك فـي البحـث المؤسسـي المـا فوقـي ،لكنهمـا قدمـا
– التـي جـرى التعاقـد عليهـا – أن تتناسـب مـع شـروط تحليـات بعيـدة الأثـر لمتطلبـات المعاييـر السـلوكية،
تفكيـر غيـر موافقـة لعقـل المواطنيـن العـام؟ كيـف لهـذه وعلـى الرغـم مـن أنهمـا ركـ از علـى الخيـا ارت المؤسسـية،
المبادئ أن تعبر عن الشـرعية السياسـية الليب ارلية؟ (.)80 فإنهمـا أغفـا السـلوك الفعلـي للنـاس المرتبـط بمـا هـو
واقـع؛ أي مـا يطلـق عليـه «المقاربـة المـا تحتيـة» التـي
ولا شـك – فيمـا يـرى هابرمـاس – أن الحقـوق
والحريـات الليب ارليـة السياسـية ،بوصفهـا رؤيـة مثاليـة، تركـز علـى الواقـع الفعلـي للمجتمعـات(.)78
هـي تنظيـم للعلاقـات بيـن مواطنيـن متفاعليـن قادريـن
علـى اتخـاذ قـ ار ارت وأحـكام حقيقيـة ،وبالتالـي فـإن رولـز وتُعـد الانتقـادات والـردود المتبادلـة التـي قامـت بيـن
لا يقـدم حـاً كافًيـا لمشـكلات الاسـتق ارر فـي ظـل واقـع رولـز ويورجيـن هابرمـاس Habermas Jurgenمـن
التعدديـة ،فالحريـات والحقـوق الأساسـية مثـل :الضميـر أهـم المناقشـات المعاصـرة التـي أثارتهـا نظريـة العدالـة
والملكيـة ،وغيـر ذلـك ممـا عـده رولـز أولويـة دسـتورية لا بوصفهـا إنصاًفـا ،خاصـة مـا يتعلـق بالمقاربـة الليب ارليـة
تنازل عنها ولا مقايضة لها بغيرها ،تبدو غير منسـجمة السياسية التي تقيدت بحدودها وتأسست على مقولاتها،
مـع المقاربـة الجمهوريـة التـي تقـول بأولويـة المشـاركة وقـد ارتكـزت انتقـادات هابرمـاس الرئيسـة لنظريـة رولـز
السياسـية بوصفهـا حًقـا يجعـل المواطـن مسـتقلاً ومؤكـًدا فـي العدالـة علـى ثـاث مسـائل هـي :أولاً ،التشـكيك
ذاتـه كعضـو فـي الجمهوريـة ،ولخيـره السياسـي العـام فـي قـدرة الوضـع الأصلـي – كمـا جـاء فـي العدالـة
المتمثـل فـي الاسـتق ارر الاجتماعـي السياسـي ،وبنـاء بوصفهـا إنصاًفـا – عـن التعبيـر عـن حكـم أخلاقـي
عليـه ،فـإن ليب ارليـة رولـز السياسـية غيـر قـادرة علـى موضوعـي حيـادي واجبـي بشـأن مبـادئ العدالـة ،ثانًيـا،
الإخفـاق فـي عـدم توضيـح الشـروط والضوابـط التـي
التعامـل مـع واقـع التعدديـة بشـكل ملائـم(.)81 يتعيـن علـى الأطـ ارف المشـاركة فـي التفـاوض التوصـل
مـن خلالهـا إلـى مفهـوم سياسـي للعدالـة يمكنـه أن يقـوم
ورغم جميع هذه الانتقادات يمكن رؤية تأثير «جون علـى أسـاس أخلاقـي ملائـم ،ثالثًـا ،الإخفـاق فـي تحقيـق
رولـز» ومـن قبلـه «كانـط» فـي أعمـال معاصـرة أخـرى الهـدف المتمثـل فـي المواءمـة بيـن الحريـات والحقـوق
تخـص مفهـوم العدالـة ،منهـا أعمـال :تومـاس ناجـل الليب ارليـة الجوهريـة وفـق المفهـوم الليب ارلـي المعاصـر
4( Thomas Nagelيوليـو – ،)1937وتومـاس
سـكانلون ،)1940( Thomas Scanlonوروبـرت وبيـن مفهومهـا عنـد القدمـاء(.)79
نوزيـك ،)2002 – 1938( Robert Nozickوكثيـر
يـرى هابرمـاس أنـه لا يمكـن للمواطنيـن الذيـن
98