Page 15 - مجله_ی_نوابت،_شماره_ی_۴_نقد،_مهر_۱۳۹۹
P. 15

‫ميتافيزيقاالذاتالترنسندالية‬                                                  ‫أن تطـرح الفلسـفة نفسـها علـى غـرار المناهـج العلميـة‬
‫إن هـذه الـذات الجديـدة وجـدت نفسـها منسـاقة‬                                              ‫الجديـدة ك«علـم متقـن»‪ .‬الامـر الـذي اثـار نقاشـات‬
‫نحـو ميتافيزيقـا جديـدة‪ .‬فالميتافيزيقـا كمـا عرفهـا‬                                       ‫عديدة بين مؤيد وطاعن لها؛ وكان فلاسـفة التمرد مثل‬
‫ارسـطوطاليس فـي كتابـه الميتافيزيقـا هـي العلـم الـذي‬
‫يبحـث عـن الاسـباب والعلـل الاولـى للأشـياء (‪)٣٢‬‬                                              ‫كيركغـارد ونيتشـة الـخ مـن الطاعنيـن والمشـككين‪.‬‬
‫لومساوئرضالوععلهاويمتنكاالوريلا«الضيكاائتنواملنطبحييعيثاكاتئالنت»ي(تت‪٣‬ن‪٣‬ا)و؛ل ُخبلعافداا‬  ‫بكقـليفاليملوسقــوففمـللنفلهـسـذاف اةلالمـكـرينعالتممـَسـدّلمعلـأىنتاعلفريـلسـففوةفلهــمم‬
‫واحـدا مـن هـذا الكائـن فمثالتتعـرض الرياضيـات لبعـد‬                                      ‫تعـد كمـا كانـت بعـد كانـط وثورتـه الكوبرنيكيـة لدرجـة‬
‫الحسـابة والطبيعيات لحركته وسـكونه‪ .‬اما الميتافيزيقا‬                                      ‫أن اصبـح كل نقـاش فلسـفي دون الاحالـة اليـه نقاشـا‬
                                                                                          ‫متهافتـا‪ .‬مهمـا يكـن مـن امـرفـإن المقصـود مـن الـذات فـي‬
      ‫فتأخـذ بتلابيبـه كلـه اي تتناولـه فـي شـموليته‪.‬‬                                     ‫الفلسفة المعاصرة انما هي الذات الكانطية التي تشيرالى‬
‫لطالمـا کانـت المیتافیزیقـا بوصفهـا علمـا یهتـم بالکائـن تعد‬                              ‫البنيـة العقليـة والمعرفيـة النظريـة‪ .‬انهـا البنيـة التـي تجـد‬
‫روح العلوم وقد سلم كانط نفسه بهذا بيد أنه اعلى من‬                                         ‫نفسها متواشجة مع نسق العلم مما يملي عليها دائما أن‬
‫شـأن الـذات الترنسـندالية اذ اعتبـرأن إجابـة أسـئلة ك‪:‬‬                                    ‫تـدرك تعيناتهـا وحدودهـا الذاتيـة اذا مـا ارادت أن تقـدم‬
‫«ما معنى الكائن من حيث هوكائن؟» تكمن في استنطاق‬                                           ‫تفسـيرات ذات وجاهـة علميـة ‪.‬إن هـذا الحـد الجوهـري‬
‫القـوى والقواعـد «القبليـة»‪ .‬بمعنـى أن كانـط اعتبـرماهو‬                                   ‫للـذات وتحديـد طرائـق عملـه يعـد اهـم اسـهام قدمـه‬
‫«قبلي» (‪ )٣٤‬في الميتافيزيقا هوالذي ين�شـيء الكائن على‬                                     ‫كانـط فـي كتابـه نقـد العقـل المحـض (‪( ،)١٩‬اوبالفار�سـي ‪:‬‬
‫هيئـة اشـياء وواقـع‪ .‬وبنـاء علـى هـذه النظـرة فـي تحديـد‬                                  ‫سـنجش خـرد نـاب) (‪ )٢٠‬تحـت اطـارمـا سـماه «الفلسـفة‬
‫الكائن والتي تميزالذات الترنسندالية عن سائرالذوات‪،‬‬                                        ‫الترنسـندالية» (‪ .)٢٢( )٢١‬إن مـا برهـن عليـه كانـط هـوأن‬
‫تتحـول ايضـا طريقـة تسـآل واشـكالية هـذه الـذات‪ .‬فهـي‬                                     ‫العقـل كان يتدخـل فـي قضايـا تفـوق حـدوده الذاتيـة منهـا‬
‫عندمـا تواجـه سـؤال «ماهـوالكائـن ماهـي علـل واسـباب‬                                      ‫أنـه كان يصـف مقـولات الفاهمـة كالجوهـر والسـببية‬
‫وجوده؟» عليها اولاوقبل كل �شيء أن تسأل عن حدودها‬                                          ‫والوجـود الـخ دون أن يأخـذ معطيـات شـكل الحـدوس‬
‫وشـروطها‪ ،‬الامـر الـذي يدفعهـا تدريجيـا الـى ادراك‬                                        ‫اي الزمـان والمـكان بعيـن الاعتبـاروبالتالـي كان «فارغـا»‬
‫«الزامـكان» الـذي تقـف فيـه‪ .‬وعلـى ضـوء ذلـك يتكشـف‬                                       ‫من المعنى (‪ .)٢٣‬لقد كانت هذه المقولات خالية تماما من‬
‫شـيئ مـن موقـع المسـؤول الـذي سيتسـع اذا كان الكائـن‬                                      ‫معطيـات المواضيـع التـي تتكلـم عنهـا وهـذا مـا كانـت تتميـز‬
‫المسـؤول ينتمـي الـى مجـال العلـوم الانسـانية (‪ )٣٥‬و‬                                      ‫بـه الفلسـفة والميتافيزيقـا القديمـة ولـذا كانـت دوغمائيـة‬
‫الثقافة (‪ )٣٦‬بدرجة اكبرحسب تصنيف علماء الالمان‬                                            ‫(‪ .)٢٤‬إن هـذه الفلسـفة بالنظـرالـى منهجهـا القائـم علـى‬
                                                                                          ‫المنطـق الكلاسـيكي أوالعـام علـى حـد تعبيـركانـط ‪ ،‬كانـت‬
                                     ‫الكبـار‪.‬‬                                             ‫تفسـير الاشـياء و«الواقـع بمـا هـو» (‪ .)٢٥‬اي أن كل مـا‬
‫تعرضـت هـذه الـذات بعـد كانـط لإنتقـادات وتحويـرات‬                                        ‫يتلقفه الانسان من الخارج هوواقعي وحقيقي‪ .‬ما فعله‬
‫شديدة اذ وصل الامربرجل كأغوست كونت أن ينعاها‬                                              ‫كانط هوأنه ميزبين ال�شـيء في ذاته (نومن) وبين ظهوره‬
‫ويعتبرها غيرصالحة لهذا الزمن لذا فلابد من استبدالها‬                                       ‫(فنومـن) (‪ )٢٦‬المتمفصـل عـن النومـن (‪ )٢٧‬تمامـا ثـم اقـام‬
‫بعلم الإجتماع وسائرالعلوم الوضعية ‪.‬لكن ديلتاي كان‬                                         ‫كل منطقـه الترنسـندالي (‪ )٢٨‬علـى الظهـور هـذا‪ .‬وهكـذا‬
‫له رأي آخرفقد انتقد اغوست كونت لمنهجه الوضعي اذ‬                                           ‫تبلـورت الـذات الحداثيـة التـي مـا فتئـت تراقـب حدودهـا‬
‫اعتبـره غيـرصالـح للعلـوم الانسـانية (‪ )٣٧‬مقترحـا المنهـج‬                                 ‫وتخومها وتعيناتها خلافا للذات الكلاسيكية الممتدة من‬
‫الهيرمنوطيقـي الـذي اشـتهر فيمـا بعـد بالهيرمنوطيقـا‬                                      ‫ارسـطوطاليس حتـى ديـكارت‪ .‬تمثـل ذلـك فـي التحـول مـن‬
‫المنهجية كبديل له‪ .‬فالعلوم الانسانية وفقا لهذا المنهج‬                                     ‫ذات «الحيـوان الناطـق» (‪ )٢٩‬الارسطوطاليسـية و»الانـا‬
‫تتنـاول مواضيـع الفاهمـة التـي لا تفتـأ أن تتغيـروتتبـدل‬                                  ‫المفكـرة» الديكارتيـة (‪ )٣٠‬الـى الـذات الاسـتطلاعية (‪)٣١‬‬
‫وبالتالي لايمكن الاقتراب منها الابالسياق التاريخي الذي‬                                    ‫الترنسـندالية التـي تعـي حدودهـا وشـروطها فـي معرفـة‬
‫يوفـره الافـق الهيرمنوطيقـي حيـث تلملـم الـذات المراقبـة‬                                  ‫الذات‪ .‬بعبارة اخرى لقد اصبح النقد انما هواستنطاق‬

 ‫أشالء الشـرط المكـون للمعنـى فتقيـض لـه فهمـا ادق ‪.‬‬                                                     ‫الـذات لنفسـها وبمـا يحيطهـا برانيـا‪.‬‬

‫شماره ‪ /4‬اهــواز‪ /‬مــهر ‪ /1399‬سپتامبـر ‪15 2020‬‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20