Page 152 - merit 39 feb 2022
P. 152

‫العـدد ‪38‬‬                            ‫‪150‬‬

                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬                     ‫مشترك حضاري عام يجب‬
                                                              ‫أن يحدد مسار تدافع الذات‬
   ‫في حالة الازدهار والتمدد‪،‬‬     ‫داخل نطاق السيطرة؛ من‬         ‫العربية في لحظتها الراهنة‪،‬‬
    ‫أو مستلزمات الدفاع عنه‬    ‫هنا ستكون سياسة الترجمة‬
     ‫وسبل الصمود في حالة‬                                           ‫وهذا المسار يقوم على‬
‫الضعف والانكماش‪ ،‬وذلك في‬          ‫ومحدداتها عن الفارسية‬        ‫اختيارات معينة ومحددات‬
 ‫علاقة ذلك المستودع العربي‬    ‫والتركية في نطاق هذا الهدف‬     ‫بعينها أهمها تفكيك مساحات‬
   ‫بالآخر الذي قد يشتبك أو‬
    ‫يتدافع معه‪ ،‬وكذلك تبين‬                    ‫الحضاري‪.‬‬            ‫التناقض التي قد تكون‬
 ‫أنماط التدافع مع ذلك الآخر‬    ‫ذلك ما يجعل أمر «الترجمة‬        ‫على صلة بمستودع الهوية‬
 ‫تاريخيًّا ودراستها؛ من أجل‬     ‫للآخر» (وكذلك عنه) يجب‬         ‫العربي وتسكينها‪ ،‬لصالح‬
‫استشراف أنماط ذلك التدافع‬                                    ‫الالتفات لما هو آخر حضاري‬
‫في المستقبل وتخيلها ومعرفة‬         ‫أن يرتبط بوجود مراكز‬      ‫صرف غرضه تفكيك الوجود‬
                                 ‫بحثية تهتم بصورة الذات‬
         ‫سبل التعامل معها‪.‬‬      ‫عند نفسها كما عند الآخر‪،‬‬              ‫العربي في جوهره‪.‬‬
      ‫ونلاحظ أن ذلك الآخر‬      ‫مراكز بحث‪ /‬ترجمة ينقسم‬            ‫فمث ًل قد يكون التناقض‬
      ‫يتغير من زمن إلى آخر‬                                     ‫العربي‪ /‬الإيراني‪ /‬التركي‬
    ‫وأن أنماط التدافع تتبدل‬       ‫عملها باختصار لشقين؛‬            ‫تناق ًضا داخل مستودع‬
    ‫من زمن إلى آخر؛ وإن لم‬    ‫أو ًل‪ :‬شق بحثي تحت عنوان‬         ‫الهوية الأوسع وفق المعيار‬
‫يحدث ذلك من خلال سياسة‬        ‫أبحاث استعادة صورة الذات‬           ‫الديني (باعتبار الإسلام‬
   ‫عامة للترجمة أو للترجمة‬                                    ‫مشترك في مستودع الهوية‬
   ‫للآخر هنا تحدي ًدا؛ سنجد‬        ‫العربية (تغيير الصورة‬       ‫هذا)‪ ،‬وقد يكمن مساره في‬
  ‫أنه ستخضع معظم ‪-‬إن لم‬           ‫السلبية للذات وفق واقع‬         ‫فكرة التنافس على قيادة‬
   ‫يكن كل‪ -‬مخرجات عملية‬           ‫دراسات الحالة ومنهجه‬         ‫المنطقة العربية‪ /‬الإسلامية‬
      ‫الترجمة للآخر لمفاهيم‬     ‫في مختلف الدول العربية)‪،‬‬        ‫جغرافيًّا باعتبار الدين هو‬
    ‫التمثل الثقافي والخضوع‬      ‫وثانيًا شق ترجمة الخطاب‬        ‫عامل أبرز وأكثر قدرة على‬
  ‫للمعايير الغربية‪ ،‬للحصول‬        ‫الناتج للآخر (وفق واقع‬          ‫الفرز‪ ،‬لكن على مستوى‬
‫على اعتراف منهم‪ ،‬أو للمرور‬         ‫دراسة الحالة للمكونات‬     ‫أكثر وضو ًحا وجذرية يكون‬
  ‫من عتبات شائعة ومعروفة‬        ‫الرئيسية للصورة النمطية‬           ‫تفجير تناقضات المنطقة‬
‫مثل منصات الجوائز الغربية‬          ‫للعرب عند الآخر)‪ ،‬وفي‬     ‫العربية في البعد الديني داخل‬
 ‫التي تمنح جوائزها لكتابات‬     ‫مرحلة تالية العمل في السبل‬      ‫مستودع هويتها من خلال‬
    ‫الهامش والشاذ عن المتن‬                                       ‫إيران وتركيا‪ ،‬يعد فش ًل‬
   ‫العربي ومستودع هويته‪،‬‬             ‫المختلفة لآليات عرض‬       ‫من جانب الذات العربية في‬
      ‫سيحدث أن يتم تنميط‬           ‫مخرجات‪ /‬خطاب هذه‬           ‫فهم أنماط التدافع التاريخية‬
   ‫المتن العربي وفق الصورة‬         ‫المراكز وتنفيذها بشتى‬        ‫وإدارتها داخل مستودعها‬
  ‫النمطية التاريخية المستقرة‬    ‫سبل العرض العام وفنونه‬           ‫في وجود الآخر الإيراني‬
 ‫في الأقلية الأوربية‪ ،‬مع فتح‬        ‫المختلفة؛ أي من خلال‬       ‫والتركي وعلاقته بمشروع‬
‫الطريق لهامش ثقافي منسلخ‬      ‫المجالات الستة الحديثة لمعابر‬      ‫الوجود العربي تاريخيًّا‪،‬‬
  ‫عن الذات العربية في مقابل‬     ‫الصورة النمطية كما سبق‬           ‫وسيكون محدد مشروع‬
  ‫تمثل هؤلاء لقيم الحضارة‬         ‫تحديدها والإشارة إليها‪.‬‬    ‫الترجمة هنا هو حسن إدارة‬
    ‫الأوربية في عصر ما بعد‬        ‫لأن مشروع الترجمة في‬       ‫أنماط التدافع معهما لتسكين‬
                                   ‫العالم العربي في سياق‬        ‫التناقضات وإبقاء التدافع‬
           ‫الحداثة بتنوعاته‪.‬‬     ‫التدافع بين الذات والآخر‪،‬‬
                                   ‫لا بد أن يكون على بينة‬
                                    ‫ودراية جادة بمكونات‬
                                ‫«مستودع الهوية» العربي‪،‬‬
                                  ‫ومتطلبات تفعيله وتفوقه‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157