Page 153 - merit 39 feb 2022
P. 153

‫حول العالم ‪1 5 1‬‬                                              ‫ثال ًثا‪ :‬أطر الترجمة‬
                                                             ‫للآخر من اللغوي إلى‬
  ‫في خطاب الترجمة المباشر‪،‬‬     ‫إضافة للأمن القومي العربي‬
  ‫وفي تمثلات المعابر الحديثة‬    ‫لا شك ًل لتفجير التناقضات‬      ‫الخطاب والتلقي‬

      ‫الستة للصورة النمطية‬         ‫والاستقطابات السياسية‬          ‫‪ -1‬الترجمة كمشروع‬
    ‫أي ًضا‪ ،‬إذ يبدو أن ظرفية‬        ‫كما تعامل البعض معها‬           ‫سردية كبرى مضادة‬
    ‫السردية العربية الكبرى‬        ‫طوال الفترة الماضية‪ ،‬وفي‬    ‫للصورة النمطية الغربية‬
  ‫يمكنها أن تحدث تغيي ًرا في‬   ‫ظل هذا التصور يكون للذات‬        ‫«الترجمة للآخر» في سياق‬
 ‫النسق الأوروبي‪ /‬المستقبل‪،‬‬     ‫العربية سردية كبرى مضادة‬           ‫فكرة التدافع الحضاري‬
                                   ‫لأوهام الصورة النمطية‪،‬‬        ‫لا بد أن تفترض لنفسها‬
      ‫بقدر ما هي أحدثته في‬         ‫التي تطرحها «الاتفاقيات‬    ‫فكرة ثقافية مركزية جديدة‬
‫النسق العربي‪ /‬المرسل لتحل‬         ‫الإبراهيمية» أبرز مخلفات‬       ‫في مواجهة الآخر الغربي‬
                                ‫«صفقة القرن»‪ ،‬تلك الصفقة‬       ‫تحدي ًدا‪ ،‬تضم تحتها معظم‬
   ‫معادلة الظرفية التاريخية‪،‬‬        ‫التي كانت تتمركز حول‬          ‫تفاصيل تغيير الصورة‬
   ‫وأزمة الاختيار بين تأكيد‬        ‫العجز والسلبية والتكيف‬
   ‫الصورة النمطية‪ ،‬أو تلبس‬      ‫والخضوع للقهر والاحتلال‬              ‫النمطية‪ ،‬وفي السياق‬
                                     ‫الأجنبي والانغماس في‬        ‫التاريخي الحالي في العقد‬
     ‫المعايير الغربية (التمثل‬                                    ‫الثالث من القرن الحادي‬
                ‫الثقافي لها)‪.‬‬                   ‫الشهوات‪.‬‬        ‫والعشرين‪ ،‬تحدي ًدا في ظل‬
                                ‫فلقد خلقت الثورات العربية‬     ‫وجود سردية كبرى جديدة‬
 ‫حيث هنا «هل نكتفي بالقول‬         ‫سردية كبرى أو مشرو ًعا‬        ‫مضادة للذات العربية‪ ،‬لها‬
‫إن حركة الترجمة من العربية‬      ‫جماعيًّا لاستعادة «مستودع‬    ‫خطابها والمروجين لها أي ًضا‪،‬‬
                               ‫هوية» الذات العربية والدفاع‬    ‫وهي مشرع صفقة «القرن»‬
     ‫حركة جنينية تحتاج إلى‬     ‫عنه والسعي لنبوغه وتفوقه‪،‬‬     ‫ومخلفاتها الثقافية ذات البعد‬
 ‫مزيد من الجهد والوقت لكي‬                                    ‫الديني المتمثلة في «الاتفاقيات‬
                                      ‫رغم وقوعها في دائرة‬      ‫الإبراهيمية»‪ ،‬فهنا الترجمة‬
    ‫تؤثر في العلاقات الأدبية‬      ‫الاستقطابات والتناقضات‬      ‫للآخر عن الذات العرية‪ ،‬إذا‬
    ‫العربية الأوروبية؟ أم أن‬                                    ‫لم ترتبط بالوعي بسردية‬
   ‫هناك أسباب أخرى تتعلق‬             ‫السياسية‪ ،‬إلا أن هناك‬     ‫كبرى مضادة كفلسفة لها‪،‬‬
  ‫بنوعية كثير من النصوص‬           ‫بالفعل صورة جديدة غير‬
  ‫المختارة للترجمة‪ ،‬وبطبيعة‬    ‫نمطية للذات العربية ارتبطت‬          ‫ستظل تحرث في الماء‪.‬‬
   ‫النص المترجم‪ ،‬وبالشروط‬                                        ‫وقد يبدو جليًّا أن الحالة‬
   ‫والظروف المحيطة بعملية‬           ‫بها وحاولت العديد من‬
 ‫الترجمة من العربية الحديثة‬     ‫دول العالم محاكاتها والنظر‬         ‫العربية تمتلك أفضلية‬
   ‫إلى لغة غربية في النسقين‬                                      ‫إنسانية بطبيعتها تصلح‬
                                     ‫إليها بإعجاب‪ ،‬وكل ما‬
      ‫م ًعا‪ ،‬العربي‪ /‬المرسل‪،‬‬      ‫علينا هو التأكيد على فكرة‬         ‫للتمركز حولها‪ ،‬وهى‬
   ‫والغربي‪ /‬المستقبل؟»(‪.)21‬‬     ‫الذات القوية الحاضرة التي‬          ‫إرهاصات بحث الذات‬
  ‫الأفضلية في التمركز حول‬          ‫قدمتها الشعوب العربية‪،‬‬    ‫العربية عن مجتمع أفضل في‬
                                ‫بعي ًدا عن استقطابات اليمين‬  ‫ظل ما عرف بالثورة العربية‬
      ‫فكرة السردية العربية‬      ‫واليسار وتوظيفها‪ ،‬والتأكيد‬       ‫الكبرى أو ثورات الربيع‬
‫الكبرى في مشروع «الترجمة‬                                        ‫العربي‪ ،‬وفي ظل اعتبارها‬
                                      ‫على الجذور التاريخية‬
   ‫للآخر»‪ ،‬ستحقق الانطلاق‬          ‫لفكرة معارضة الاحتلال‬
     ‫من نقطة متقدمة للغاية‬       ‫‪-‬والهيمنة الأجنبية الناعمة‬
    ‫وتبدأ من فكرة الند للند‪،‬‬       ‫والثقافية‪ -‬ونماذجها في‬
     ‫وتستخدم المنطق العقلي‬       ‫العالم العربي‪ ،‬وعرض ذلك‬
     ‫نفسه دون ادعاء الغرب‬

 ‫احتكاره‪ ،‬فمث ًل عند ترجمتي‬
  ‫لكتاب الفيلسوف الفرنسي‬
   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158