Page 41 - merit 39 feb 2022
P. 41

‫‪39‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                                     ‫د‪.‬موسى المودن‬

                                                                 ‫(المغرب)‬

‫الشعر من خلال التجارب الشبابية‪..‬‬

‫قراءة في ديوان «أصابعي‪ ..‬درجات‬

                   ‫بيانو قديم» نموذ ًجا‬

  ‫تمكن الشاعر من إيصال رسائله التي حاول من خلالها الإجابة عن الأسئلة‬
    ‫التي طالما اختلجت داخل وجدانه وأثمرت عدة تأويلات كانت تتراوح ما‬

 ‫بين الغوص داخل عالم الطبيعة‪ ،‬أو الارتقاء بين عوالم الروح‪ ،‬وبالاستيناد‬
 ‫إلى التناص القرآني‪ ،‬زاوج الشاعر أكثر بين الروحانيات والماديات‪ ،‬وتمكن‬

   ‫تارة من نقل المتلقي إلى عوالم السرمد‪ ،‬وتارة أخرى إلى مرتقى التصوف‬
‫والوجدان‪ ،‬إنها على العموم تجربة تستحق أكثر من قراءة‪ ،‬يقف فيها المتلقي‬

                                                 ‫على جمالية النص وعبقه‪.‬‬

‫وإلى قضايا مجتمعه وما يعيشه من تقلبات تعصف‬           ‫حينما نتحدث ‪-‬نحن كباحثين‪ -‬عن واقع الشعر‬
    ‫بما اع ُتبر ذات يوم مسلمات‪ ،‬ولما لا مكتسبات‪.‬‬
                                                     ‫العربي المعاصر ومآلاته في شمال المغرب‪ ،‬يصادفنا‬
‫إن أي تأمل في عمق التجربة الشعرية التي عايشها‬          ‫اسم الشاعر والباحث المتألق سعيد أكزناي‪ ،‬ليس‬
‫سعيد أكزناي في كتاباته على مدى مسيرته البحثية‬          ‫باعتباره أستا ًذا لمادة اللغة العربية فحسب؛ وإنما‬
                                                     ‫للمكانة المميزة التي يحظى بها كشاعر وباحث بين‬
    ‫والإبداعية‪ ،‬لا بد وأن يخلص إلى أن هذا المبدع‬
    ‫جاوز بعمله وقريحته ومجهوده الجبار مرحلة‬          ‫أقرانه‪ ،‬سواء بين مجتمعه العلمي والأدبي‪ ،‬أو حتى‬
   ‫الهواية إلى مرحلة التشييد‪ ،‬ومن مرحلة التشييد‬          ‫بين من أشرفوا على تكوينه ومساندة مسيرته‪،‬‬
 ‫إلى مرحلة التألق‪ ،‬بمعنى أن بعث القضية والثقافة‬
‫والأدب الشبابي للواجهة‪ ،‬مثَّل تأسي ًسا جدي ًدا لنمط‬   ‫فالأستاذ سعيد أكزناي من الرعيل المخضرم الذي‬
    ‫من الاهتمام النادر في مرحلتنا الراهنة بقضايا‬       ‫عايش الجيل القديم (جيل ما قبل الربيع العربي)‬
   ‫الشعر العربي بالعموم‪ ،‬والمعاصر بالخصوص‪،‬‬           ‫في كل آماله‪ ،‬والجيل الجديد الذي ما زال يكافح من‬
   ‫فالدفع بهذا النمط من الإبداع إلى الساحة العالمة‬
   ‫والمتعلمة ما هو إلا تأسيس فعلي لنوع جديد من‬                 ‫أجل كسر الطوق والانعتاق من الأغلال‪.‬‬
                                                             ‫فإذا كان سعيد أكزناي يشارك أبناء جيله‬
          ‫العلاقة التي تربط بين الشاعر والمتلقي‪.‬‬        ‫المعاصرين هموم الشاعر ورغباته المتواصلة في‬
                                                         ‫تطوير الشعر وإبرازه في أحسن الأحوال؛ فإن‬
  ‫أولا‪ :‬قراءة في سيرة سعيد أكزناي‬                     ‫بوصلته أي ًضا لم تقف عند حدود الكتابة الشعرية‬
                                                           ‫التقليدية التي دأب أغلب شعراء هذه المرحلة‬
     ‫لا شك في أن أي مبدع لا بد وأن يكون له من‬         ‫ينسجون على منوالها‪ ،‬بل تجاوز هذا الأمر ليكون‬
                                                     ‫أقرب إلى واقع المثقف العربي والإسلامي من جهة‪،‬‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46