Page 17 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 17
15 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
طريقته ،وقارن بينها وبين ما
تل ّقاه في جامعة مونبلييه
الفرنسية ،الغريب أن في
هذه الحادثة استدعى ذكر
الدكتور أحمد ضيف،
ووصفه بصاحبي وقتها،
وقد جاء ذكره بأن سأله
عن محاضرة استمعا إليها
م ًعا كان يلقيها الأستاذ
الفرنسي (لم يذكره) عن
قصة «ألفريد دي فيني»
وسأل ضيف عن كيف
كانت المحاضرة؟ «فقال
ضيف« :لا بأس بها،
ولكنها شديدة الاختصار»،
مصطفى صادق الرافعي محمود أمين العالم العقاد ثم قال طه حسين« :إنك
ُمسرف شديد الطمع يا
ضيف ،فلو سمعت در ًسا في الآداب في الجامعة
في الشهر .وكان ُيد ِّرس هذه الما ّدة الشيخ محمد المصرية ،ورأيت الأستاذ (طب ًعا هو يقصد
المهدي إلى جانب تدريسه لآداب اللغة ،وكانت الشيخ المهدي ،حيث انصرف ضيف عنها لقضاء
الجامعة ُتعاني أزمة مالية خانقة ،فرأى الشيخ مشاغله) وقد م ّر في محاضرة واحدة ،بثمانية
المهدي أن يتنازل عن مرتبه ،وأن يد ِّرس دون من الشعراء في عصر المأمون لعرف َت أن صاحبنا
مقابل .فأ ّدى ذلك إلى إلغاء توظيف طه حسين، في مونبلييه قد بلغ الغاية القصوى في الإطالة
مع أنهم كانوا قد بعثوا إليه بخطاب التعيين.
والإسهاب»( .محمد الدسوقي :طه حسين يتح ّدث
ثم اقترحوا عليه أن يرجع إلى فرنسا لمواصلة عن أعلام عصره ،ص )86وهذا الحوار يكشف
دراسته .فحقد على الشيخ المهدي وص ّوره في لنا علاقة طه حسين بأحمد ضيف قبل أن تتب ّدل
صورة الرجل الجاهل الذي لا َي ْصلُح للتدريس لأسباب مجهولة لدى الجميع.
في الجامعة»( .محمد سيد كيلاني :طه حسين
اللافت أن هذه الحادثة كادت أن تقضي على آمال
الشاعر الكاتب ،ص)121
طه حسين في البعثة ،فما إن قرأ الشيخ محمد
الغريب في الأمر أن علاقة العميد بالشيخ المهدي،
المهدي المقالة ،حتى ملكه سخط لا ح ّد له ،وأراد
تأخذ -في نهايتها -طو ًرا آخر ،فما إن رحل أن ينتقم ،فشكاه إلى مجلس إدارة الجامعة ،راغبًا
الشيخ حتى كتب عنه العميد مقالة أشاد فيها في منع عودته إلى البعثة من جديد.
بخصاله ،وذكر أثر رحيله والحزن الذي ع ّم، يورد محمد سيد كيلاني -في كتابه «طه حسين
بل وصفه بأنه «يمثّل جي ًل خا ًصا من الأساتذة
الشاعر الكاتب» ( -)1963أسبا ًبا أخرى وراء
والأدباء ،هو أقرب إلى أن ينتهي ويترك مكانه غضبة طه حسين على الشيخ المهدي ،فيقول« :إن
لجيل من الشبان يخالفه المخالفة كلها» ،كما طه حسين بعد عودته من فرنسا إثر أزمة الحرب،
ظل متعط ًل لا مورد له يرتزق منه .فرغب بعض
أنه يعترف بأنه كان أقسي على الأستاذ فيقول
بعبارته «ولست أعرف تلمي ًذا كان أثقل على المشرفين على الجامعة أن يعيّنوه فيها مدر ًسا
لتاريخ آداب اللغة بمرتب قدره عشرون جني ًها
أستاذه وأقسى مني على الأستاذ الشيخ المهدي.