Page 18 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021

‫العـدد ‪30‬‬ ‫‪16‬‬

‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

‫ما هو عالم دين‪ ،‬وبهاتين الصفتين قد ف ّسر‬ ‫ولكني لا أظن أن بين تلاميذ الأستاذ َمن أحبّه‬
‫القرآن الذي أثبت أنه دين الفطرة بما هو أكثر‬ ‫حبي إ ّياه‪ .‬كن ُت قاسيًّا وكان قاسيًّا أي ًضا»‪( .‬حديث‬
‫ملائمة للطباع البشرية وموافقة للحقائق العلمية‬
‫الأربعاء‪( ،‬ج ‪ ،)3‬ص‪ 40‬وما بعدها)‬
‫والنواميس الطبيعية»‪.‬‬ ‫ت‪ -‬الشيخ طنطاوي (‪)1940 -1870‬‬
‫وهو يع ّد بحق واح ًدا من أبرز ر ّواد النهضة‬ ‫موقف طه حسين من الشيخ طنطاوي جوهر‬
‫الفكر ّية والثقافيّة الحديثة في مصر خلال النصف‬ ‫أستاذ الفلسفة الذي كان ُيد ِّر ُس له في الجامعة‪،‬‬
‫الأ ّول من القرن العشرين‪ .‬وقد رشحه العالم‬ ‫غاية في الغرابة‪ ،‬خا ّصة أن الأوصاف التي‬
‫المصري الكبير الدكتور مصطفى مشرفة لنيل‬ ‫سخر بها طه حسين في الرجل‪ ،‬تكاد تكون سمة‬
‫جائزة نوبل للسلام عام ‪ ،1939‬وإن كان ذكر‬ ‫للرجل وليست نقيصة وعيبًا على نحو ما رأى‬
‫البعض أنه هو الذي طلبها لنفسه‪ ،‬لمجهوداته في‬ ‫في سخريته‪ ،‬وفي بعضها كانت من الصفات التي‬
‫إرساء السلام‪ ،‬والدعوة إلى ال ّس ْلم‪ .‬وقد وصفه‬ ‫وسمت شخصية طه حسين ‪-‬نفسه‪ -‬خا ّصة‬
‫الزعيم مصطفى كامل بأنه «حكيم الإسلام»‬ ‫إطالة الحروف والم ّد‪ ،‬وما مثّله هذا من ظواهر‬
‫لغوية‪ ،‬جعلت أسلوبه يميل إلى الموسيقى‪.‬‬
‫وهناك َمن يصفه بأنه «فيلسوف الشرق‬ ‫فالشيخ طنطاوي جوهر الذي ولد عام ‪١٨٧٠‬‬
‫والإسلام» على نحو ما كان يكتب على كتبه‪.‬‬ ‫بكفر عوض الله حجازي بمحافظة الشرقية‪،‬‬
‫في كتاب «الأيام» ‪-‬وتحدي ًدا في الجزء الثالث‪-‬‬ ‫وتوفي عام ‪ ،١٩٤٠‬ق ّدم واح ًدا من أفضل التفاسير‬
‫َح َم َل طه حسين على الرجل حملة عنيفة‪ ،‬بل ج ّرده‬ ‫للقرآن الكريم المس ّمى «الجواهر في تفسير القرآن‬
‫الكريم» في ‪ 26‬جز ًءا‪ ،‬ويع ّده العلماء التفسير‬
‫من كل َم ْكرمة‪ ،‬فقال ساخ ًرا منه‪:‬‬ ‫العلمي للقرآن الكريم؛ لما ا ّتبعه الشيخ طنطاوي‬
‫‪« -‬وكان الأستاذ الآخر الذي ملأ الجامعة فكاهة‬ ‫من منهج علمي ُمحكم‪ ،‬واطلاعه على العديد من‬
‫ودعابة‪ ،‬وملأ الطلاب عبثًا به واجترا ًء عليه‪ ،‬وملأ‬ ‫المعارف والعلوم‪ ،‬التي ُتساعده في فهم الكثير‬
‫من آيات الكون‪ ،‬خا ّصة الرياضيات التي درسها‬
‫بطون الطلاب من طعامه‪ ،‬هو الشيخ طنطاوي‬ ‫وأتقن دراستها إلى جانب الموسيقى (ألف كتا ًبا‬
‫جوهر رحمه لله‪ .‬كان ُيد ِّرس الفلسفة الإسلاميّة‬ ‫فيها بعنوان‪« :‬الموسيقى العربية»‪ ،‬كما ض ّم إلى‬
‫بعد الأستاذ محمد سلطان وبعد الأستاذ سنتلانا‬ ‫التفسير كثي ًرا من صور النباتات والحيوانات‬
‫ومناظر الطبيعة وتجارب العلوم (في سابقة لم‬
‫خا ّصة‪.‬‬
‫‪ -‬وكان يتكلّم كثي ًرا ولا يقول شيئًا‪ ،‬وكانت‬ ‫تحدث من قبل‬
‫ولا من بعد)‪،‬‬
‫بالإضافة إلى‬
‫الخرائط والرسوم‬
‫بغية التوضيح‬

‫والشرح‪.‬‬
‫* قالت مجلة‬
‫الجمعية الآسيوية‬
‫الفرنسيّة عن‬
‫تفسيره‪« :‬إن‬
‫الشيخ طنطاوي‬
‫رجل فيلسوف‬
‫حكيم بمقدار‬