Page 23 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 23
موقف الدكتور طه حسين من الرائدة بجريدة الجمهورية -واعتباره واح ًدا «من
المجيدين من الكتّاب».
النسائّية " ُدر ّية شفيق" يكشف لنا المغالاة
هكذا كانت العلاقة بين الأستاذ والتلميذ
في ال ُعنف ،دون إبداء أسباب منطقّية ،فبعد
أن تش ّكلت لجنة الدستور عام 1954برئاسة -في بدايتها -علاقة قوامها التقدير والإكبار
والإجلال من التلميذ للأستاذ ،وأُب َّوة وح ّب
علي ماهر ،قامت ومعها تسع سيدات أخر وإيثار من جانب الأستاذ للتلميذ ،ولكن ما
بالاعتصام في مبني نقابة الصحفيين ،وأثار إن عاد مندور من فرنسا عام ،1939دون
أن يح ّقق ما يصبوا إليه طه حسين منه
ذلك كثيًرا من المنتصرين ج ًّدا لثورة يوليو،
(الأستاذ ُهنا) ،حتى حدث ال َص ْدع بينهما،
وعلى رأسهم الدكتور طه حسين ،فكتب وانقلب العميد على التلميذ الذي كان من
قبل ُمدل ًل ،فرفض أن ُيعيّنه في الجامعة،
مقاًل شديد اللهجة تحت عنوان "العابثات"، ووصلت العلاقات بينهما إلى طريق مسدود
راف ًضا رأي المرأة ،ثم نشر مقالة ثانية بعد أن أوصد العميد كل الأبواب -التي
بعنوان "العابثات "2كتأكي ٍد على موقفه. كان من الممكن أن ُتفتح لاستقبال العائد من
فرنسا -أمام التلميذ الذي خيّب آمال العميد
«الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث» -كما ظن -وعاد صفر اليدين -أو بخفي
إذ خصته بفصل (بالاشتراك مع مارون عبود
ُحنين -دون أن ُيكمل الدكتوراه التي أرسله
ودرست أثرهما في النقد الشعري) ،وأشارت إلى للحصول عليها.
رسالته -التي سخر منها طه حسين« -النقد لكن هل ح ًّقا هذه العودة المخيّبة لآمال العميد
في التلميذ تستحق هذا التع ُّنت الذي وصل إلى
المنهجي عند العرب» ،ورأت أنها قدمت «تفسي ًرا
رائ ًعا للنقد القديم من حيث مناهجه وغاياته» ،وإن الجفاء ،بل العنف في كثير من المواقف لشخص
كانت ترى أن المصاعب التي اعتورت حياة مندور وعلم مندور؟ خا ّصة لو عرفنا أن مندو ًرا لم يأ ِت
كان أخفق فإن إت ّملاأ ًمنا،ه خالي الوفاض ،فعلى العكس
نالت كثي ًرا من طاقته وإبداعه. الجانب -في في الحصول على الدكتوراه،
وبالمثل فعل الناقد والأكاديمي المغربي محمد
برادة ،في أطروحته العلمية التي تناولت نتاج الآخر -حظى بمعارف وعلوم شتى ،جعلته ُيثري
محمد مندور النقدي في رسالته «محمد مندور الحركة النقدية ،بكتاباته وأي ًضا ترجماته!
وتنظير النقد العربي» ورأى أن كتابات مندور، فلم يتوا َن العميد عن وصفه بأنه مادي ،لا يكتب
تمثّل الاتجاه الموازي لحركة النقد المدرسي ،التي إلا من أجل النقود ،كما وصف جهده النقدي بأنه
كان يقودها أساتذة الجامعة ،باعتمادهم لعقود
طويلة على المنهج اللانسوي ،وعلى أمشاج من «عبث وفارغ»؛ حيث قال« :إن الدكتور مندور
مناهج التاريخ الأدب ّي والسوسيولوجيا الوضعية. ليس ذا با ٍل في الثقافة وليس له دور فكري هام
مقابل هذه الكتابات كانت ث ّمة حركة أخرى َت ْح ِر ُث
أرض الواقع ،بمواكبتها للإبداعات الجديدة في في حياتنا الثقافية في هذا الوقت» .وعندما واجهه
الشعر والرواية والقصة والمسرح ،يمكن وصفها
بالنقد الدنيوي المتح ّرر من القوالب المدرسيّة ،وهو محدثه وكيف يصف كتابه «في النقد المنهجي عند
ما كان يمثّله مندور عبر كتاباته المتع ِّددة. العرب» ،قال جملة واحدة« :هذا كتاب هايف».
(الدكتور محمد الدسوقي :طه حسين يتحدث عن
أعلام عصره ،ص)83
الناقد المنصف يضع ما فعله مندور في مكانه
اللائق في مسيرة النقد الأدبي الحديث ،على نحو
ما فعلت سلمى خضراء الجيوسي ().. -1928
التي أشادت بجهد مندور النقدي ،في أطروحتها