Page 25 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 25

‫‪23‬‬           ‫إبداع ومبدعون‬

             ‫رؤى نقدية‬

                                                                             ‫عندها طلب أن يت ّم تحويله إلى‬
                                                                             ‫قسم الفلسفة‪ ،‬فقال له طه‬

                                                                             ‫حسين ‪-‬وقد أشاد‪ -‬من‬

                                                                             ‫قبل ‪»-‬بسلامة تفكيره‬

                                                                             ‫وحسن استدلاله»‪« :-‬إنني‬

                                                                             ‫أعرف أنك تصلح فيلسو ًفا‪،‬‬

                                                                             ‫ولكنك كذلك تصلح كاتبًا»‪.‬‬
                                                                             ‫* ومرة أخرى قال ن ًّصا‬
                                                                             ‫في إحدى خطبه «يتهمونا‬

                                                                             ‫بأنا لا نحترم القرآن‪ ،‬ولو‬
                                                                             ‫قرأوا بحثًا كتبه الطالب‬

                                                                             ‫البهبيتي لعرفوا كم نحن‬
                                                                             ‫ُنج ّل القرآن ونق ّدسه»‪.‬‬
                                                                             ‫* كما أشاد ‪-‬مرة ثالثة‪-‬‬

                                                                             ‫بما كان ينجزه البهبيتي‬

‫ريجي بلاشير‬  ‫ناصر الدين الأسد‬                       ‫جاك بيرك‬                 ‫كثي ًرا‪ ،‬منذ أ ّول بحث‬
                                                                             ‫ا ّطلع عليه‪ ،‬وكان عن‬

                                                    ‫معلقة «زهير بن أبي سلمى»‪ ،‬مع أنه خرج فيه‬

   ‫لعقائد الدينيّة التي كانت في الجاهلية كما ذكر‬    ‫على منهج العميد‪ ،‬وخالفه في مواضع كثيرة‪ ،‬بل‬
‫طه حسين‪ ،‬فالحقيقة كما ذكر البهبيتي أن الشعر‬
                                                    ‫ق َّوض رأيه الذي ذهب إليه في الشعر الجاهلي‪،‬‬
                    ‫تمثّل لأهم العقائد الجاهلية‪.‬‬    ‫بأن «الحياة الجاهلية لا ب ّد وأن ُتلتمس من القرآن‬
   ‫* كما اعتمد عليه في مواضع عديدة‪ ،‬ومن ث ّم‬        ‫الكريم‪ ،‬وليس من الشعر الجاهلي؛ فالقرآن الكريم‬

     ‫فلا يحتاج بما أذاع لشهرة أو حتى إلى لفت‬        ‫هو أصدق مرآة للحياة وليس الشعر الجاهلي‪،‬‬
   ‫الانتباه إليه‪ .‬فهو منذ أن كان طالبًا كان محل‬
 ‫تقدير وإعجاب العميد‪ ،‬بما ق َّدمه من كتابات تع ُّد‬  ‫وأن هذه الحياة الجاهلية التي نلتمسها من القرآن‬
    ‫علامة في موضوعها‪ ،‬فهو أ ّول َمن تط ّرق إلى‬
   ‫دراسة مناهج الأدب في كتابه العظيم‪« :‬المدخل‬       ‫سوف نجدها حياة قيمة مشرقة ممتعة مخالفة‬
    ‫إلى دراسة التاريخ والأدب العربيين»‪( .‬صدر‬
 ‫عن درا الثقافة‪ -‬الدار البيضاء) وتح ّدث فيه عن‬      ‫لهذه الحياة التي نجدها في شعر الجاهليين‪،‬‬
    ‫القواعد ال ّراسخة للتاريخ العربي ولكتابته في‬
  ‫القديم والحديث‪ ،‬وأي ًضا كتابه الذي ُيع ُّد علامه‬            ‫وفوق هذا سنجدها حياة مليئة بالتدين»‪.‬‬
  ‫ونبرا ًسا‪ ،‬إ ْذ فتح المجال لدراسة الشعر الجاهلي‬
  ‫بعده‪ ،‬بعنوان‪« :‬تاريخ الشعر العربي حتى آخر‬         ‫* وهو ما أثبت عكسه من خلال دراسته لمعلقة‬
   ‫القرن الثالث الهجري» وصدر عن مطبعة دار‬
    ‫الكتب المصرية عام ‪ ،1950‬وهو الكتاب الذي‬         ‫زهير بن أبي سلمي‪ ،‬فذكر في البحث أن الحنيفيّة‬
 ‫أشار في مقدمة الطبعة الثانية صراحة إلى سطو‬         ‫كانت حقيقة تاريخية قائمة في حياة الجزيرة‬
   ‫الدكتور ناصر الدين الأسد علي أجزاء منه في‬
  ‫كتابه «مصادر الشعر الجاهلي»‪ ،‬وهو الموضوع‬          ‫العربية‪ ،‬وذكر أشهر المتحنفة في الجاهلية‪ ،‬كما‬

                                                    ‫أسس‬  ‫تقماثّئ ًلماقعولىى‬  ‫بالله الواحد كان‬  ‫أثبت أن الإيمان‬
                                                                             ‫فالأصنام كانت‬     ‫الشرك الجاهلي؛‬

                                                    ‫وسيطة بين الجاهلي وبين الله الواحد‪ .‬وضرب‬
                                                    ‫مثا ًل بقولهم الذي استشهد به القرآن‪« :‬وما‬

                                                    ‫نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى»‪ .‬فشعر زهير‬

                                                    ‫المو ّحد الذي يذكر البعث والحساب جاهلي يترجم‬
                                                              ‫عن وجود هذه الحنيفية في الجاهلية‪.‬‬
                                                    ‫* أما إذا كان نفي الشعر الجاهلي لعدم تمثّله‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30