Page 30 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 30
العـدد 30 28
يونيو ٢٠٢1
أدب الاعتراف سباحة ضد تيار المجتمع العربي، والدينية هي الحاجز الذي يقف دائ ًما حجر عثرة في
صحيفة الاتحاد الإلكترونية 13 ،نوفمبر )2005 طريق الاعتراف خاصة في شكله الغربي الصريح.
ويقر عصفور بوجود إبداع أدبي عربي يدخل في
إطار الأدب الذاتي ،لكن إنتاج بعضهم ظل بعي ًدا وفي هذا السياق يرى الدكتور محمد عبد المطلب
عن أدب الاعتراف ،حيث كان التدوين يراعي قي ًما أن «ثقافتنا القائمة على الكتمان هي السبب الرئيس
وقيو ًدا اجتماعية ترفض الجرأة المطلقة في الحديث وراء غياب أدب الاعتراف .أما الأمر في الغرب فهو
عن الذات .ومن هذه الإبداعات قدي ًما «المنقذ من مختلف لأن ثقافة الاعتراف موجودة في الكثير من
تجليات الفكر الغربي»( .أدب الاعتراف ولعبة الوجه
الضلال» للإمام الغزالي و»طوق الحمامة» لابن
حزم و»المنازل والديار» لأسامة بن منقذ ،وحديثًا والقناع ،موقع الخليج)2010 /9 /25 ،
ويستثنى محمد عبد المطلب بعض الاعترافات مثل
تبدى ذلك في أعمال طه حسين وعباس العقاد
وتوفيق الحكيم ولويس عوض. اعترافات لويس عوض في كتابه «أوراق العمر»،
وطه حسين في «الأيام» .ويرى أن الكثير من
ويلاحظ من آراء عصفور أن ثمة تميي ًزا بين الكتابة
الذاتية أو السيرة الذاتية وأدب الاعتراف ،وأن هذا المثقفين قد تحايلوا على المسألة ولجأوا إلى الكتابة
الأخير يمثل المرحلة القصوى في سيكولوجية البوح الدلالية من دون الاعتراف بأنها تدل على حياتهم،
لدى الكاتب ،وهي المرحلة التي يعجز الكاتب العربي
عن الوصول إليها لأسباب تخص القيود الاجتماعية لأن من سيقدم على كتابة حياته علنًا سيقاطعه
التي ترفض الجرأة المطلقة في الحديث عن الذات. الآخرون ،فالثقافة الشرقية لا تعترف ولا تحبذ
وإذا كان عصفور قد عثر على الأساس الديني فكرة الاعتراف خاصة إذا طالت أشياء معيبة
لذيوع أدب الاعتراف في الثقافة الغربية ،فإن الناقد ارتكبها الكاتب في حياته.
إيهاب النجدي من خلال دراسته المتعمقة «أدب وفي ذات السياق يقر بول شاؤول بأن أدب
الاعتراف ..مقاربات تحليلية من منظور سردي» الاعتراف العربي قليل ج ًدا لأن العادات الشرقية
قد عثر على أساس ديني لإحجام ال ُكتاب العرب
عن الكتابة الاعترافية بالمعنى الغربي ،حيث يقول ومفاهيم التربية الاجتماعية والسياسية
في مقدمة الدراسة« :والقارئ العربي متطلع إلى والاقتصادية تحول دون تحرير الفكر الإبداعي
النموذج الفذ ،عالق بالمثال الكامل لصاحب السيرة، من ظلمات القرون الوسطى ،حيث ما زال الأديب
والشاعر والروائي ،يضع رقابات مختلفة ،ذاتية،
وهي ضحك على الذقون ،وأخلاقية أشد سخرية.
ويرى شاؤول الحل في أن يتحدى الكاتب المجتمع،
وأن يمتلك الجرأة والوعي والثقافة والتاريخ
ليتمكن من إسقاط أقنعته الذاتية أو ًل وبعدها أقنعة
الآخرين( .أدب الاعتراف ولعبة الوجه والقناع)
ويفسر الدكتور جابر عصفور شيوع أدب
الاعتراف في الثقافة الغربية دون العربية بأن
فن الكتابة الذاتية نشأ في الآداب الغربية من
فكرة الاعترافات المترسخة في الديانة المسيحية
التي ترتبط بالتطهر الروحي كوسيلة لراحة
الضمير .والاعتراف بهذا المفهوم ليس غام ًضا
عند الأوروبيين الذين مارسوه بصراحة
شديدة في أشكال أدبية متعددة ،ونراه في
المذاكرات والرسائل والسير الذاتية ،كما في
اعترافات القديس أغسطين واعترافات جان
جاك روسو ونيتشه وبودلير( .أحمد الجندى،