Page 34 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 34
العـدد 30 32
يونيو ٢٠٢1
نقترح مفهوم «اللعب» كمدخل
للفهم والتفسير ،فاعتماد عياد
الأسلوب الإيمائي التلميحي
جعله يتحرك بحرية بحيث
يعبر عن كل ما يجول بخاطره
دون أن يصدم قارئه الذي
يحرص على المحافظة عليه
حتى النهاية.
واللعب عند عياد ليس مفهو ًما
غريبًا أو مقح ًما ،فكثي ًرا ما
يستخدمه عياد في سيرته،
أحيا ًنا للتعبير عن مراحل
الطفولة والصبا ،وهنا
يستخدم المفهوم بالمعنى
الحقيقى ،وأحيا ًنا أخرى شكري ع ّياد حسن ِطلِب إيهاب النجدي
يستخدمه بالمعنى المجازى.
فإنه لا يترك السرد الذاتي متدف ًقا دون ضابط،
ويعنى ذلك أن القيود التى يلقاها عياد فى تعبيره وإنما يعمد إلى قطعه والتدخل فيه بالبحث والدرس،
عن مكنونات نفسه يقابلها حرية منطلقة من جهة وكأنه شخص آخر يحلل ظاهرة إنسانية تحتاج إلى
الفحص ،فيلجأ إلى نظريات فرويد وكتابات سلامة
الفن إذا ما نظرنا إلى السيرة الذاتية كعمل أدبى موسى وحكايات تشايكوفسكي ومحاكمات سقراط
يخضع للاعتبارات الجمالية ،لا كمدونة اعتراف
تغلب عليها المباشرة وتتكئ على كل ما هو إثمى وأوسكار وايلد.
إن شكري عياد -في التحليل الأخير -لم يكن كاتبًا
وفضائحى.
إن أهم ما يدعم فكرتنا ويعضد وجهة نظرنا أن وق ًحا على نحو ما وصف نفسه ،ولم تكن كتابته
مصطلح «أدب الاعتراف» نفسه يؤكد على أولية -بأي حال -نو ًعا من الوقاحة ،إن تربيته الدينية
الأدبى على الاعترافى المحض .ونحن بهذا المعنى والبيئة المحافظة التي نشأ وتربى فيها ،والمجتمع
سنحصر أدب الاعتراف فيمن يمتلكون ح ًّسا فنيًّا الشرقي الذي ينتسب إليه ،لاشك ،كلها عوامل كان
لها دور كبير في تهذيب عياد ،وجعله كاتبًا أخلاقيًّا
وأدبيًّا ،وسنترك للذين لا يمتلكون هذا الحس محاف ًظا مهما بدا غير ذلك ،ومهما حاول هو أن
المذكرات واليوميات ميدا ًنا للتعبير عن أنفسهم
وتجاربهم .وفى كل الأحوال سيقع على القارئ يتحرر من القيود ويبدو غير ذلك.
مسئولية التمييز بين الفنى الناضج والواقعى الفج، وبهذا الاعتبار لا يمكننا أن نتخذ من «الوقاحة»
مدخ ًل لقراءة «العيش على الحافة» ،وعلينا أن نبحث بحيث يستطيع الدخول فى لعبة الإبداع الموحية،
ليغنم كل ثمين وينبذ كل مبتذل ورخيص عن مدخل آخر أكثر مناسبة .ونحن في هذا المقام