Page 29 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 29
27 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
الشخص المعترف به هو نفسه على نحو متزايد البشرية ،وأن الرجل الذي سوف أقوم برسمه،
يكون الإناث ،خاصة اللائي ي ُك َّن في الغالب شابات باعتباره ممث ًل لهذه الطبيعة ،هو أنا».
يرغب الجمهور في التطلع إلى أدائهن ،ولكن في كثير
وقد توالت قائمة كتاب الاعتراف بعد ذلك في
من الأحيان يحتقر هذا الأداء. الأدب الغربي ،لنجد أسماء جديدة من قبيل جوته،
إن الاعتراف كسلعة هو النوع الثالث الذي يهيمن
على الساحة الآن بعد الاعتراف الديني عند أغسطين وردزورث ،ستندال ،دي كوينسي.
ولم يقتصر الاعتراف على السير الذاتية وإنما امتد
والدنيوي (الاجتماعي) عند روسو. إلى مجال الشعر ،لتظهر مدرسة الشعر الاعترافي
هذا عن أدب الاعتراف في الثقافة الغربية .فماذا عنه في الولايات المتحدة خلال الخمسينيات من القرن
في الثقافة العربية؟ كثي ًرا ما يثور التساؤل عن سبب
الماضي ،التي ُعرفت بأنها شعر الشخصية أو
غياب أدب الاعتراف في الثقافة العربية .وفي هذا الذاتية ،وفيه يتم التركيز على اللحظات المتطرفة
السياق تعددت الآراء ،فيرى الشاعر حسن طلب أن في التجربة الفردية بأبعادها النفسية والشخصية
هذا اللون الإبداعي يندر وجوده في الثقافة العربية خاصة ما تعلق منها بالمحرمات من قبيل الأمراض
المعاصرة ،لأسباب أخلاقية ودينية ،وأسباب تخص العقلية ،والجنس والشذوذ والرغبة في الإقدام على
الانتحار ،ومن أعلام هذه المدرسة روبرت نويل،
اللحظة المتخلفة التي نعيشها ،والتي تكثر فيها
التجريمات وتكثر فيها التابوهات ،ويتكون لدى كل سيلفيا بلاث ،جون بيرمان ،آن سيكستون.
ومع ازدهار الحركة النسوية في النصف الثاني
كاتب اعترافات «رقيب داخلي» أشرس وأشد عن ًفا من القرن العشرين خاضت المرأة مضمار أدب
من رقيب المجتمع( .آلاء عثمان ،موقع البيان22 ، الاعتراف ،وقدمت إنتا ًجا أدبيًّا مثي ًرا للجدل من فرط
جرأته حتى أنه قوبل بالنقد داخل الثقافة الغربية
يوليو )2016 التي أفرزته ،وفي هذا السياق تتحدث الكاتبة لارا
ويستثنى «طلب» بعض الكتابات مثل «الخبز زاروم في مقالتها «هل الكتابة الاعترافية نسوية؟»
الحافي» للكاتب محمد شكري التي ُمنعت ولقى عن الموضوعات السطحية التي تتناولها النساء في
صاحبها هجو ًما كبي ًرا ،واعترافات لويس عوض، اعترافاتهن بغية إثبات الذات ولفت الأنظار ،فالمرأة
ويعلق على هذه الاعترافات بأنها توقفت عند سقف المعاصرة -من وجهة نظرها -ترفض ذكورية
محدد من الصراحة في الاعتراف ،وأن اللحظة
الحضارية والثقافية هي المسئولة عن مساحة هذا الرجل ،لكنها تحرص على أن تكون موضو ًعا
السقف بدليل أن شعراء العربية كانوا يمارسون لنظرته واهتمامه .ومن هنا يتركز أدب الاعتراف
هذا اللون من الأدب في قصائدهم واعترفوا بأشياء النسوي حول الحياة الشخصية للكاتبة وخاصة
يخجل الناس من الاعتراف بها حاليًا عندما سمحت
اللحظة الحضارية في القرنين الثالث والرابع ما يتعلق بجسدها ،فتكتب البعض عن وقائع
الاغتصاب أو التحرش الجنسي التي تعرضت لها،
الهجريين بذلك. وتكتب أخرى عن مشاكل الثدي التي تعرضت لها،
وحدث نفس الشيء في الغرب عندما كانت اللحظة بينما تكتب طائفة ثالثة عن شهيتها المفرطة للطعام
الثقافية قادرة على تحمل اعترافات جان جاك ومشكلتها مع البدانة والرغبة اليائسة في تحقيق
روسو التي تحدث فيها عن حياته الخاصة وعن الوزن المثالي.
بعض الأمور التي نخجل نحن من ذكرها ،لكنه
لم يخجل ،ولم يلبس نفسه قنا ًعا يظهره على غير وفي ذات السياق تكتب إليزابيث ستوكر بروينج»
في مقالتها «لماذا نعترف :من أوغسطين إلى أوبرا»
حقيقته. عن الاعتراف بوصفة منت ًجا استهلاكيًا وعن المرأة
والحديث عن اللحظة الثقافية العربية يعتبر النغمة
السائدة لدى معظم المثقفين (ن َّقا ًدا ومبدعين) الذين المعترفة بوصفها سلعة .فعندما تكون الأدبيات
يبحثون عن تفسير لغياب أدب الاعتراف في الثقافة الاعترافية في كل مكان -عندما تكون هناك
العربية .فالعادات والتقاليد الاجتماعية والأخلاقية
صناعات بكاملها مكرسة لإنتاجها -فإن نوع