Page 33 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 33

‫تكتب إليزابيث ستوكر بروينج في‬
  ‫مقالتها "لماذا نعترف‪ :‬من أوغسطين‬
   ‫إلى أوبرا" عن الاعتراف بوصفة منت ًجا‬

        ‫استهلاك ًيا وعن المرأة المعترفة‬
‫بوصفها سلعة‪ .‬فعندما تكون الأدبيات‬

      ‫الاعترافية في كل مكان‪ ،‬فإن نوع‬
   ‫الشخص المعترف به هو نفسه على‬
 ‫نحو متزايد يكون الإناث‪ ،‬خاصة اللائي‬
‫ي ُك َّن في الغالب شابات يرغب الجمهور‬

                  ‫في التطلع إلى أدائهن!‬

                                                  ‫بول شاؤول‬

 ‫البشر‪ ،‬كما يستدعي الإسكندر الأكبر من التاريخ‪،‬‬         ‫أطلبه‪ ،‬عندما يحدث هذا الشيء بسرعة البرق‪،‬‬
 ‫وعنترة بن شداد من التراث‪ ،‬وبيرو جان من أدب‬          ‫تتنمر عيناي في نقطة ما‪ ،‬وما هي إلا لحظة حتى‬
                                                      ‫تمتد يدي وكأنما تحولت بسحر هذه النقطة إلى‬
                                      ‫موبسان‪.‬‬     ‫شيء لا علاقة له بي‪ ،‬وما هي إلا لحظة أخرى وإذا‬
 ‫وعندما يحدثنا عن الشذوذ الجنسي يقول واص ًفا‬        ‫أنا محاط بجمهور كبير من الناس‪ ،‬كبار وصغار‪،‬‬
  ‫أحد باعة الليمون في شبين‪« :‬حيرني أمره سنين‬      ‫نساء ورجال محترمين وغير محترمين‪ ،‬كلهم يعلق‬
 ‫كثيرة‪ ،‬وبعد أن تركت شبين بمدة طويلة‪ ،‬ونسيت‬          ‫على فعلتي الفاضحة‪ ،‬وكلهم مصمم على تسليمي‬
 ‫أمره‪ ،‬وعركتني الدنيا وعركتها‪ ،‬ونلت ما أتاحه لي‬
  ‫زماني من خبرة متوسطة بأمور الجنس‪ ،‬تذكرت‬                                      ‫للشرطة»‪( .‬ص‪)15‬‬
‫هذا الرجل فجأة‪ ،‬وضحكت من غبائي‪ ..‬هذا الرجل‬        ‫إننا أمام سرد أدبي موح يغلب عليه أسلوب الإيماء‬
  ‫هو النقيض الدياليكتيكي لعبد المجيد»‪( .‬ص ‪)92‬‬     ‫والتلميح فلا نستطيع أن نحدد على وجه اليقين أين‬
 ‫وتعبير «النقيض الدياليكتيكي لعبد المجيد» يجعلنا‬    ‫وقعت هذه الحادثة ومتى وما هي طبيعة الجريمة‬
                                                   ‫الأخلاقية التي استفزت الناس وجعلتهم يصممون‬
      ‫نعود إلى الوصف الذي سبق وأن قدمه عياد‬
   ‫لشخصية عبد المجيد‪ ،‬وهو وصف أدبي إيمائي‬                                     ‫على تسليمه للشرطة‪.‬‬
‫يتطلب قراءة ما بين السطور كخطوة أولى للوقوف‬          ‫يكتب عياد من على مسافة من الحدث‪ ،‬وهو لذلك‬
‫على حقيقة شخصيته‪ ،‬ثم ‪-‬في خطوة تالية‪ -‬ينبغي‬         ‫لا ينخرط في تفاصيل السرد‪ ،‬وإنما يتأمل الأحداث‬
  ‫قلب المعنى أو المفهوم الذي توصلنا إليه لنتعرف‬   ‫من بعيد مثل القارئ تما ًما‪ ،‬ولأنه لا يصل في تجربة‬
‫على حقيقة الشخصية الأخرى النقيضة والتي أشار‬           ‫البوح إلى نهايتها فهو يستعين بقراءاته وثقافته‬
                                                   ‫الأدبية من أجل استكمال الحقائق الخفية المكبوتة‪،‬‬
                    ‫عياد إلى أنه لم يعرف اسمها‪.‬‬
  ‫وبالرغم من أن الجنس مسألة محورية في تفكير‬           ‫التي خبرها بنفسه لكنه يعجز عن التعبير عنها‬
                                                  ‫بالوقاحة المطلوبة‪ .‬فيحدثنا عن البنوة غير الشرعية‬
     ‫عياد وله حضور قوي في سيرته «العيش على‬
   ‫الحافة» على نحو ما يصرح في أكثر من موضع‪،‬‬         ‫ويستدعي الأساطير التي تصور زواج الآلهة من‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38