Page 24 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 24

‫العـدد ‪30‬‬   ‫‪22‬‬

                                                       ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

 ‫ناصر الأسد‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬برنامج مسارات‪ ،‬مع‬                    ‫ح‪ -‬ناصر الدين الأسد (‪)1915 -1922‬‬
         ‫مالك التريكي‪ ،‬بتاريخ ‪)2006 /2 /26‬‬              ‫ُيق ّدم الدكتور ناصر الدين الأسد تفسي ًرا مغاي ًرا‪،‬‬
                       ‫خ‪ -‬نجيب محمد البهبيتي‬
                                                          ‫لما مارسه طه حسين من ُعنف‪ ،‬وقد نال الأسد‬
‫معظم َمن مارس عليهم العميد ‪-‬طه حسين‪ُ -‬عنفه‬              ‫‪-‬هو الآخر‪ -‬جانبًا من هذا ال ُعنف‪ ،‬فيذكر أن هذا‬
     ‫أو لنقل أب ّوته‪ ،‬لم يتناولوا سيرته الشخصيّة‬
                                                          ‫ال ُعنف يرجع لما يتميّز به طه حسين من جانب‬
  ‫بالتجريح بما في ذلك الدكتور أحمد ضيف الذي‬              ‫استفزازي‪ ،‬فعلى حد قوله إن الدكتور «يجب أن‬
‫كان يذكر في كل فترة وأخرى‪ ،‬أن سبب طرده من‬
 ‫الجامعة كان من تأثير سلطة (نفوذ) طه حسين‪،‬‬                  ‫ُيعرف على أنه أحيا ًنا لا يقصد في الحقيقة ما‬
 ‫إ ّل أن أح ًدا م ّمن وقع عليهم أثر عنفه‪ ،‬لم يتعرض‬         ‫يصدر منه من كلام وما يصدر منه من كلام‬
                                                           ‫أحيا ًنا هو يقصد منه الاستفزاز للآخرين‪ ،‬بل‬
    ‫لمكانته العلميّة أو أبحاثه (وإن اختلفوا معه في‬          ‫إن كتاب «في الشعر الجاهلي» هو أص ًل كتاب‬
    ‫آرائه)‪ ،‬وبصورة أوضح لم يتعرضوا لأمانته‬              ‫استفزازي للآخرين لينال به الشهرة المدو ّية وقد‬
                                                        ‫حدث هذا وقد نال هذه الشهرة‪ ،‬صدرت له كتب‬
                                 ‫العلميّة بشيء‪.‬‬            ‫قبل «في الشعر الجاهلي»‪ ،‬كانت كتبًا عادية لم‬
 ‫الاستثناء الوحيد‪ ،‬الذي ش ّق عصا الطاعة‪ ،‬وخرق‬            ‫تحقق له ما كان يصبو إليه‪ ،‬لكن القنبلة الكبرى‬

   ‫الإجماع‪ ،‬وق ّوض أركان المعبد دون أن يهتز له‬               ‫كانت هي التفجير الكبير في الشعر الجاهلي‪،‬‬
   ‫طرف‪ ،‬أو ترتعد فرائصه هل ًعا وخو ًفا من أفراد‬                   ‫فالدكتور طه حسين كان استفزاز ًّيا»‪.‬‬
   ‫القبيلة الأدبيّة التي كان يحتمي بها طه حسين‬
   ‫‪-‬كما زعم‪ -‬هو الدكتور نجيب محمد البهبيتي‪،‬‬                ‫يسرد الدكتور ناصر الدين الأسد‪ ،‬العديد من‬
   ‫فقد ثار ثورة عنيفة لم ُتبق أخضر أو ياب ًسا إ ّل‬      ‫المواقف التي تؤكد جانبًا من العنف أو الاستفزار‬
  ‫وحرقته؛ فلم يترك فضيلة لطه حسين إلا وأتى‬
                                                          ‫بتعبيره‪ ،‬الذي مارسه طه حسين عليه؛ فرسالة‬
                                      ‫بنقيضها‪.‬‬                 ‫الأسد التي تق ّدم بها للحصول على درجة‬
    ‫الغريب في الأمر أن ما ذكره الدكتور البهبيتي‬
                                                            ‫الدكتوراه‪ ،‬كانت عن مصادر الشعر الجاهلي‪،‬‬
      ‫ليس س ًّرا أو أعلنه وسط جماعة خاصة‪ ،‬ثم‬            ‫وهى متصلة اتصا ًل وثي ًقا بالموضوع الذي أثاره‬
 ‫تق ّولوا عليه فيما بعد‪ ،‬بل هو منشور على الملأ في‬       ‫طه حسين في كتابه «في الشعر الجاهلي»‪ ،‬وعندما‬
‫كتبه‪ ،‬والأدهى من ذلك أنه أذاعه وطه حسين وكل‬            ‫حان وقت المناقشة‪ ،‬كان العميد في رحلة سفر إلى‬
‫من اتهمهم على قيد الحياة‪ ،‬دون أن يدفع أحد (أو‬           ‫خارج البلاد‪ ،‬اقترح الأعضاء على الدكتور شوقي‬
 ‫ينفي) عن نفسه التّهم‪ ،‬أو حتى ُيك ّذب ما ورد في‬         ‫ضيف مناقشة الأسد‪ ،‬وقد ت ّم الأمر‪ ،‬ولكن عندما‬
                                                       ‫عاد العميد‪ ،‬تعامل معه بنوع من التعالي والتحقير‪،‬‬
                  ‫ح ّقه‪ ،‬في مفارقة تدعو للتع ُّجب!‬
     ‫على الجانب الآخر فإن الدكتور نجيب محمد‬               ‫فيقول الأسد إن طه حسين بعد المناقشة زاره‪:‬‬
  ‫البهبيتي يتمتع بمنزلة علمية كبيرة‪ ،‬ولا ينازعه‬        ‫«فوجئت بمكتبي في الإدارة الثقافية بجامعة الدول‬
    ‫فيها أحد‪ ،‬بما ق َّدمه من كتابات وأبحاث جا ّدة‬      ‫العربية بالباب يفتح ويدخل فريد شحاتة سكرتير‬
     ‫ليست محل ش ّك أو ريبة‪ ،‬بل هي محل تقدير‬            ‫الدكتور طه حسين وهو يقود الدكتور طه حسين‪،‬‬
  ‫وغبطة وانتحال أي ًضا‪ ،‬وقد شهد له بذلك العميد‬
‫في أكثر من واقعة ترفع ِمن قدره‪ ،‬و ُت ْعلي من قيمة‬        ‫فدخل الدكتور طه حسين متجه ًما دون أن ُيلقي‬
 ‫أبحاثه‪ ،‬وهو في مقام الطالب‪ ،‬في حين العميد كان‬             ‫ال ّسلام وجلس‪ ،‬ث ّم بدأ يتحدث وأسمعني كما‬
‫في مقام الأستاذ والمُعلِّم؛ منها إ ّبان رغبته التحويل‬       ‫كتبت مرا ًرا عبارة أسمعني من القول أغلظه‪،‬‬
   ‫من قسم اللغة العربية إلى قسم الفلسفة بسبب‬              ‫أسمعني غليظ القول‪ ،‬حقيقة ولكن سبحان الله‬
‫الامتحان الذي رغب فيه طه حسين بحفظ الطلاب‬
  ‫لبعض سور القرآن‪ ،‬فرفض أن يؤ ّدي الامتحان‬              ‫أنزل الله عليّ سكينة فلم أنبس ببنت شفه‪ ،‬لم أر ّد‬
  ‫أمام لجنة شفو ّية أق ّرها عميد الكلية أحمد أمين‪،‬‬      ‫عليه ولا بكلمة وبعد أن أفرغ جرابه‪ ،‬أينعم أفرغ‬
                                                        ‫هذا الجراب خرج كما دخل دون أن ُيلقي التحيّة‬

                                                          ‫وانتهينا‪ ،‬بعد نحو أسبوع من هذا»‪( .‬حوار مع‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29