Page 19 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 19
17 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.محمود فرغلي
أنثى ما قبل ليليث والشعرية المضادة
في ديوان (للنار مزاج آخر)
إن أهم ما يميز القصائد هو القدرة على الفعل والحل والتركيب،
وإعادة الخلق وفتح أبواب النصوص على مصاريعها دون مانع أو
حاجز يحول دون التحليق في آفق شعري جديد يصنع أنثاه على
عينه ،ويحطم كل ما يحول دون حريتها ،ولذا كثرت أفعال الأمر
وكثرت عمليات الفك والتركيب ،وأخذت الشاعرة لغتها من مختلف
العوامل والبيئات وعجن عجينتها التي اختمرت على هدى الأساطير
والخرافات والنصوص الدينية المختلفة.
صلاح (للنار مزاج آخر)( )1منذ الإهداء: ليس الشعر طبخة سابقة التجهيز ،وليس
إلى الأنثى..
الشعر أي ًضا بالفضاء المغلق الذي ُنؤوي إليه
تلك التي لم تلدها حواء ولا ليليث.. ما نشاء ونقصي عنه ما نشاء ،إذ يظل الشعر
وما زالت حبلى في ضلعها بألف آدم فضا ًء رحبًا يكتنز ديمومته وقدرته على التجدد،
ولا تكتفي الشاعرة بهذه العتبة التي تقوم على من رؤية مغايرة للواقع وللإرث الشعري م ًعا،
المغايرة والتفرد والبحث عن خصوصية بعي ًدا عن وقصيدة النثر ليست بمنأى عن ذلك ،بل هي في
الثلاثي الأسطوري أو الميتافيزقي (آدم ،حواء، قلبه ،فهي قصيدة محكومة بديمومة التجريب
ليليث) إنما الافتتاح الذي يشبه المانفستو الذي والخروج عن الأطر والقواعد المعلبة ،حيث يأخذ
يكتبه كثير من الشعراء للتعبير
عن رؤيتهم للشعر ولاختياراته هذا الخروج أشكا ًل عدة ،حتى
الفنية ،هذا التأكيد الواضح في تتوافر لكل ديوان بل لكل قصيدة
الافتتاحية على المغايرة والسير خصوصيتها الشعرية القائمة على
ضد التيار هو المتاخم لطبيعة
المرأة الأولى ،المرأة ذات الطبيعة المغايرة والاختلاف ،فإذا جاءت
الفطرية الوحشية التي تهبها القصيدة من أنثى فإن
القدرة الداخلية على الابتكار
والإصغاء لصوتها الداخلي الذي الأمر يجنح لمغايرة أشد،
يحاول الكثيرون إخراسه ،بل إن مغايرة تحكمها طبيعة
روح الشاعرة ووعيها الشعري
القائم على مخالفة النسق والرؤية الأنثى من ناحية ،وطبيعة
تمركزها في سياق
اجتماعي ذكوري من
ناحية أخرى ،هذه الرؤية
تتبدى في ديوان ياسمين
ياسمين صلاح