Page 24 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 24

‫العـدد ‪29‬‬  ‫‪22‬‬

                                                        ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬

‫فاضل ثامر‬

‫(العراق)‬

‫"لطفية الدليمي" ‪..‬‬
‫وتأنيث تاريخ السرد‬

‫من المهم أن يكتشف القارئ الكثير من مستويات التناص في هذه‬
‫الرواية‪ ،‬وربما أبرزها التناص الواضح والمتكرر مع رواية لطفية‬
‫الدليمي السابقة «سيدات زحل» (‪ ،)2009‬وهو تناص استدرج الروائية‬
‫لاقتفاء أثر «سيدات زحل» أسلوب ًّيا ورؤيو ًّيا في الكثير من المواقف‬
‫والأجواء‪ .‬كما أن هذا التناص يشير صراحة إلى التشابه بين شخصيتي‬
‫(حياة البابلي) بطلة رواية (سيدات زحل) و(نهى جابر الكتبخاني)‪.‬‬

  ‫نظام صدام حسين الدكتاتوري‪ .‬إ ْذ سبق للروائي‬            ‫تقوم رواية لطفية الدليمي «عشاق وفونوغراف‬
   ‫عبد الخالق الركابي وأن تناول في بعض رواياته‬
                                                          ‫وأزمنة» الصادرة عن دار المدى ‪ 2016‬على عملية‬
      ‫الإطار التاريخي لهذه المرحلة‪ ،‬وبشكل خاص‬               ‫إعادة كتابة تاريخ ما يقرب من قرن من تاريخ‬
   ‫في روايته «مقامات إسماعيل الذبيح» التي كانت‬              ‫العراق السياسي والثقافي والاجتماعي‪ ،‬سرد ًّيا‪،‬‬
 ‫متميزة في شمولها‪ ،‬وكما فعل الروائي علي بدر في‬
  ‫روايته «الوليمة العارية»‪ ،‬إلا إنها المرة الأولى التي‬     ‫عبر منظور نسوي‪ ،‬من خلال تأنيث هذا التاريخ‬
    ‫نجد فيها نزعة واضحة وجريئة لقراءة تاريخنا‬                  ‫السردي‪ ،‬وهي عملية تلتقي إلى حد كبير مع‬
‫سرد ًّيا من زاوية نظر المنظور الأنثوي‪ ،‬وتحدي ًدا من‬
 ‫خلال «تأنيث» هذا التاريخ السردي‪ .‬ولا يمكن أن‬               ‫الروائية ميسلون هادي في روايتها «حفيد البي‬
  ‫نتجاهل محاولة سردية عربية مهمة لإعادة قراءة‬             ‫بي سي» والتي عمدت إلى تأنيث التاريخ السردي‬
  ‫التاريخ سرد ًّيا في ثلاثية «أرض السواد» للروائي‬       ‫العراقي أي ًضا للفترة ذاتها تقريبًا‪ ،‬ولكن عبر منظور‬
 ‫الكبير عبد الرحمن منيف‪ ،‬والتي غطت فترة مهمة‬               ‫آخر‪ .‬ومع أن عد ًدا من الروائيين العراقيين سبق‬
    ‫من الحكم العثماني في العراق‪ ،‬لكنها ركزت على‬         ‫لهم وأن تناولوا سرد ًّيا هذه المراحل التاريخية التي‬
   ‫التاريخ السياسي أسا ًسا‪ ،‬وربما الرسمي‪ ،‬بينما‬          ‫تغطي العقود الأخيرة من الحكم العثماني‪ ،‬وتنتهي‬
 ‫ركزت معظم التجارب الروائية العراقية على تقديم‬
    ‫تاريخ بديل وافتراضي لهذه المراحل الخلافية‪،‬‬             ‫بالاحتلال الأمريكي عام ‪ ٢٠٠٣‬وسقوط النظام‬
   ‫وغالبًا عبر منظور ما بعد كولونيالي‪ ،‬وثقافي إلى‬          ‫الدكتاتوري‪ ،‬مرو ًرا بالاحتلال الإنجليزي لبغداد‬
                                                           ‫عام ‪ ١٩١٧‬من قبل الجنرال (مود) ونشوء الدولة‬
                                                        ‫العراقية‪ ،‬وقيام النظام الجمهوري‪ ،‬وسلسلة الأنظمة‬
                                                         ‫الانقلابية والدكتاتورية التي مرت بالعراق وآخرها‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29