Page 23 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 23
21 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
والتركيب ،وإعادة الخلق وفتح أبواب النصوص وتركيب على مستويي اللغة والموضوع أو الدال
على مصاريعها دون مانع أو حاجز يحول دون والمدلول في رحلة لعالم آخر ،عالم ما قبل التحول
التحليق في آفق شعري جديد يصنع أنثاه على إلى البشرية عالم الفطرة ،حيث تحل أعضاء محل
عينه ،ويحطم كل ما يحول دون حريتها ،ولذا أخرى وتستقر طبيعة أخرى للذات أبعد ما تكون
كثرت أفعال الأمر وكثرت عمليات الفك والتركيب، عن الاصطناع ،هنالك يحل الصمت بد ًل من الكلام
والخلود بد ًل من الموت ،فالكلام ذاته يموت لأنه
وأخذت الشاعرة لغتها من مختلف العوامل يعبر من خلال فوهة الزمن ،فيما يظل الصمت في
والبيئات وعجن عجينتها التي اختمرت على هدى
الأساطير والخرافات والنصوص الدينية المختلفة، مأمن.
وفي قصيدة (سماء بلا أجنحة) يبرز التصوير
انفتحت على اللون والرائحة وعوالم النبات وبخاصة الاستعارة بقدرته على قلب العالم وصنع
والحيوان والبشر داخلة وخارجة ،كان لقاموسها عوالم أخرى ،وإضفاء أبعاد جديدة للموجودات،
الطبي دور في بناء عالمها الجديد البدائي القائم على
استعادة مجد حواء الأولى ،وكأن الشاعرة تعود بل قلب العلاقة بينها فيما كان يسمى قدي ًما
التشبيه المقلوب:
إلى أساطير الخلق الأولى وأساطير الخلود.
لقد جاءت تجربة ياسمين صلاح الشعرية بح ًرا بغي ِر امرأة تمنحه هديرها
لتضخ د ًما جدي ًدا في القصيدة النسوية على سماء بلا أجنحة تمنحها العلو
وجه الخصوص ،فلم تسقط في ذاتيتها المفرطة، فصفة العلو تمنح للأجنحة فيما تتحول السماء
أو يوميتها الهشة ،وإنما نظرت بعين المجابهة إلى طائر ،وصفة الهدير تمنح للمرأة فيما يتحول
والاختلاف والتحدي ،من أجل تقديم رؤية شعرية البحر إلى ماء راكدة بدون هديرها ،وهكذا تتم
للعالم أبعد ما تكون عن التقليد أو الاجترار ،أو عملية قلب مستمرة تليق بعملية إعادة تخليق
العالم وتركيبه خارج إطار الزمن ،إن أهم ما
الخضوع فك ًرا ورؤية يميز القصائد هو القدرة على الفعل والحل
هامش:
-1ياسمين صلاح ،للنار مزاج آخر ،الهيئة المصرية لقصور الثقافة ،القاهرة ،2020الديوان الفائز
بجائرة قصرو الثقافة المركز الأول .2020