Page 33 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 33
31 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وبالآخر وبالكون وبال ّزمن ،بينما التّجنيس هو عمليّة الحدود الفاصلة بين الأجناس ال ّسرد ّية داعيًا علانيّة إلى
استلابيّة مسبقة تصادر هذه الح ّر ّية قبل أن تعيش انسياح غير مشروط في بنى متداخلة لا تعرف حدو ًدا
ذاتها في ظ ّل ثبات شكليّ مفترض لهذه ال ّدفقات ال ّذاتيّة، أو تخو ًما أو علامات فارقة ،في حين يرفض آخرون ع ّد
ومن هذا المنطلق يع ّد «رولان بارت» أ ّن الإبداع هو وجود ال ّسمات المشتركة بين جنس أو آخر تداخ ًل إلى
خلخلة للأشكال ال ّسابقة ،وليس محاولة للتّوفيق بينها.
لقد ظهر تداخل الأجناس عند العرب عندما وضع الح ّد الذي ينتج جن ًسا هجينًا يحمل صفات مشتركة من
ال ّصراع أوزاره في الغرب بعد التّف ّجر المعرف ّي والتّقن ّي الأجناس التي انتزع بعض صفاته منها.
والفكر ّي هناك ،وعندما وصل هذا التّف ّجر إلى العالم
هؤلاء ينطلقون في رفضهم هذا من خوفهم العميق من
العرب ّي وجد لصوته ملبّين كثر عبر المستشرقين أن تستمر متوالية التّلاقحات والتّداخلات إلى ح ّد ظهور
والتّرجمات والأدباء المهجرين ،وظهر -في المقابل-
غير محدود من الأجناس الهجينة التي توافرات على
المدافعون بشراسة عن المثاليّة المزعومة لل ّشكل التّهجين لأكثر م ّرة لتخرج أشكا ًل إبداعيّة مسو ًّخا تعلن
التّقليد ّي. صراحة حالة الفوضى والخلل والفراغ التجنيس ّي ،ومن
لكن الكثير من المج ّربين لتداخل الأجناس قد ح ّققوا ث ّم التّهريج والخروج خارج دائرة الإبداع.
انتصاراتهم الإبداعيّة ليفتحوا باب هذا الا ّتجاه بك ّل أ ًّيا كانت المواقف أ ّو الآراء ،فلا أحد يستطيع أن ينكر أ ّن
أقد ّووةاتوه احلفنّضيّوةرلأتعجبلي ًرأانعتنمثّحلاعجوةالاملمهبادل ّدعالخأليّنة،يطو ّوتنعسجم
معه ،ومع واقعه المعيش ،رافضين خلع صفة القداسة هناك دفق من الأعمال الإبداعيّة التي انبثقت من رحم
على ال ّشكل الأدب ّي التّقليد ّي ،ومنادين بسلطة ال ّدفقة التّل ّقيح والتّداخل ،وأ ّنها ّقدمت تجربة خا ّصة من تداخل
الإبداعيّة أ ًّيا كان شكلها دون أن يقلقهم تسمية ما فنون مختلفة في مساحات مجاورة لمساحاتها الأصليّة،
يبدعون ما داموا يؤمنون به ،ويرونه امتدا ًدا لهم،
تاركين للنّ ّقاد الكلاسيكيين أن يعيشوا قلقهم الخا ّص في هذا إن سلّمنا بنظر ّية الأجناس الأدبيّة ،وقبلنا بفكرة
إزاء تصنيف النّ ّص على أسس كثيرة متضاربة النّتيجة، وجود حدود فاصلة وواضحة ومح ّددة بين الفنون.
هذه الأعمال قد ضربت عرض الحائط بنظر ّية الأجناس
فلا يدري عندها أين يصنّف ن ّصه الخا ّص.
الأدبيّة وتقاليد أنواعها؛ انطلا ًقا من تأ ّثرها بأجواء
خام ًسا :الأدب ال ّرقم ّي أو ال ّتفاعل ّي أو التّح ّرر الفكر ّي والثّورة ،ورفض التّقليد والاستلاب
الإلكترون ّي ومتاهة الإبداع والأسر والنّموذج الواحد المفروض ،وانصيا ًعا لح ّسها
الخا ّص بح ّر ّية ال ّدفقة الإبداعيّة طالما أ ّنها تعبير عن ذات
الأدب ال ّرقم ّي التّفاعليّ -وفق تعريف النّاقدة الإماراتيّة مبدعها ،وانبثاق من وعيه وفكره وظروفه وحقائقه
فماجطمموةعالةبارلإيبكد ّايعاالتتيالدتريستتوهلّدباتسمتفعا توضةظي-فه اولحاسوب ومالآته ،وهم بذلك أعلنوا صراحة أ ّن فكرة الأنواع
والتّكنولوجيات الحديثة ،وهو جنس أدب ّي جديد ظهر
على ال ّساحة الأدبيّة ،ليق ّدم أد ًبا جدي ًدا يجمع بين الأدبيّة الأدبيّة ما هي إلاّ وهم من صنيعة النّاقد والمبدع
والمتل ّقي على ح ّد سواء ،وتجاوزها لا يحتاج أكثر من
والتّكنولوجيّة.
وتضيف فاطمة البريك ّي :إن من غير الممكن لهذا النّوع نسيانها ،والانطلاق نحو الح ّر ّية في الإبداع.
تداخل الأجناس في الوقت الحاضر هو تجاوز كامل عن
من الكتابة الأدبيّة أن يتأ ّتى لمتل ّقيه إلا عبر الوسيط التّو ّجه الأرسط ّي الذي ق ّسم الأجناس الإبداعيّة ضمن
الإلكترون ّي ،من خلال ال ّشاشة ال ّزرقاء المتّصلة بشبكة خانات ثلاث فيما يس ّمى بنقاء الأجناس ،وهو انسجام
الانترنيت العالميّة ،ويكتسب هذا النّوع من الكتابة مع ثورة ال ّرومانسيّة على الكلاسيكيّة التي تو ّجها
الأدبيّة صفة التّفاعليّة بناء على المساحة التي يمنحها النّاقد «موريس بلانشو» بنفيه للأجناس ،وهو انتصار
للمتل ّقي التي يجب أن تعادل أو تزيد عن مساحة المبدع حقيق ّي لفكر «بنديتو كروتشه» الذي أعلن صراحة عن
موت الأجناس ،وب ّشر علانيّة بعصر جديد متح ّرر من
قوهيذعاوقدالليّأا ّتّبييجاتنهاحليدإنيبددطاللعقجنومالنستّأأجّندنبيهّينسا؛مكاإ.ذتنإا ّقن ا ّلإصبداجدعل ّيهوومعنمطلق ّي
منطلق من ح ّر ّية التّعبير عن ال ّذات وعلاقتها بذاتها