Page 36 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 36
العـدد 29 34
مايو ٢٠٢1
وإغراقه في المحليّة والإقليميّة في كثير من إنتاجه ،نجد واس ًعا من التّداخل والتّفاعل بين الكتاب والق ّراء
أ ّن أدب الخيال العلم ّي عند العرب في تراجع مستمر، المتل ّقين الذين يتح ّولون بدورهم إلى مبدعين في النّ ّص
التّفاعليّ الذي لا يعترف بالمبدع الوحيد للنّص ،ويفتح
وهذا لا يعني أ ّنه ح ّصل أو ًجا ساب ًقا ،بل يعني هذا المجال واس ًعا أمام المتل ّقي ليشارك في العمليّة الإبداعيّة،
الكلام أ ّنه من اضمحلال إلى آخر ،وذلك بغض النّظر ويسهم عبر قراءته التّفاعليّة ال ّرقميّة في خلق نصوص
عن بعض الإبداعات النّقد ّية القليلة عند بعض الكتاب
جديدة ولا نهائيّة.
أمثال :نهاد شريف ،وطالب عمران ،والعشر ّي، يقدم الأدب التّفاعليّ –وفق ما يقول محمد إسليم-
وغيرهم ،وتفسير ذلك أ ّن هذا النّوع من الكتابة يحتاج معايير جماليّة جديدة وخصائص لم تكن متاحة
من قبل في النّ ّص الورقي ،مثل :خا ّصية تع ّدد المبدع
إلى تق ّدم علم ّي يوازيه ،وفي ظ ّل ال ّردة العلميّة التي والتّأليف الجماع ّي للنّص ال ّرقم ّي وتع ّدد ال ّروابط التي
تعيشها الحضارة العربيّة يصعب أن نتو ّقع الكثير في تؤ ّدي بدورها إلى تع ّدد النّ ّصوص حسب اختيارات
هذا ال ّشأن الإبداع ّي وواقع حالنا هو ما يقوله العالم المتل ّقين ،بعكس الأدب الورق ّي الذي تكون البداية
المصر ّي أحمد زويل« :إ ّن حياتنا العلميّة فقيرة للغاية،
مو ّحدة والنّهايات محدودة ،إضافة إلى صعوبة
وتقترب من ال ّصفر ،فالموارد الماليّة التي تخ ّصص الحصول على الكتاب الورق ّي مقارنة بنظيره ال ّرقم ّي
للمعاهد والمراكز العلميّة على مستوى الوطن العرب ّي، الذي يسهل حمله وتحميله من خلال الحاسوب؛ لذلك
افنمتنشاالًراّطبوياع ّسي ًعأانويرعوار ًجاف كهبذيا ًراالأفدي ابل أفوي السماطستاقلبأدلبايّلةقلرييحب ّل
أق ّل م ّما ُيق ّدم إلى معهد واحد أو جامعة واحدة في مح ّل الأدب الورق ّي المطبوع ،سواء أكان هذا الإحلال
إسرائيل على سبيل المثال». كليًّا أم جزئيًّا ،فإ ّن هناك عمليّة إحلال متسارعة تتّسع،
هذا القول لا يمنع أن يرى بعض النّ ّقاد أ ّن هذا الا ّتجاه وتستحكم باستحكام التّكنولوجيا ومدى توظيفها
في الحياة اليوميّة ،وهذا لا يعني أن ال ّصيغ التّقليد ّية
يفرض نفسه ،وأن يلجأ بعض الكتاب المتميّزين في ف ّن للإبداع الورق ّي مه ّددة بال ّزوال ،وإ ّنما هي قادرة على
الق ّصة وال ّرواية إلى الاستعانة بالعلماء لكتابة رواية أو ال ّصمود والاستمرار من خلال تعايش الإبداعين م ًعا.
ق ّصة من الأدب العلم ّي ،حتى لا ُيساء إلى هذا الأدب، لي أن أقول ،أ ًّيا كانت الآراء والمواقف من هذا الأدب
وحتى يتميّز العمل الأدب ّي بمنطقيّته العلميّة ال ّضرور ّية. إلاّ أ ّنه أدب يحكم على نفسه بالموات والاندثار بمج ّرد
انقطاع الكهرباء ،وتع ّطل الحواسيب عن العمل ،إ ّنه
كما تو ّجه الخيال العلم ّي مؤ ّخ ًرا إلى الأطفال؛ إذ جنس أدب ّي ُخلق لأجل التّكنولوجيا فقط ،وينام بنومها،
ااتللمخوحقّّجيصهق ّليلصلّطبهفعذلا،الضو ّراقلكاكّتصماةكابلّلهبخاكيلتامالبطةرالأوعدلحمبعّايللىقخاديلا ّتطلكفاوللنعبلاطملبرّييديقةل
ويموت بموتها ،وهذا أمر لا ينسحب على الفنون
ف ّجة لإدخال العلم بقوالب جامدة إلى رأسه الذي الإبداعيّة الأخرى التي عاشت آلاف ال ّسنين على ال ّرغم
لا يتقبّل حشر المعلومات العلميّة؛ م ّما قد يؤدي إلى
انصرافه عن العلم أو عدم الاهتمام به ،على ال ّرغم من من تب ّدل الأزمان وتغيّرها.
أ ّن العلم -كما هو معروف -هو لغة العصر ،وال ّدور
ساد ًسا :استيقاظ ال ّذات ّية وسبات الخيال العلم ّي
الحضار ّي لأ ّي أ ّمة من الأمم لا يكون إلا بالعلم
وإبداعاته في مختلف جوانب الحياة. في الوقت الذي تستيقظ ال ّذاتيّة فيه عند المبدع العرب ّي
انطلا ًقا من إحساسه بذاته وسط أجواء تكابد لأجل
من الإنصاف القول إ ّن التّجارب القليلة في الكتابة في
هذا الا ّتجاه امتازت بميّزات جماليّة وتو ّجهات فكر ّية الح ّر ّيات وتأ ّثره بقوى التّح ّرر العالميّة ومجاورته لكثير
خا ّصة م ّدت ال ّرواية العربيّة بنوع أدب ّي جديد من خلال من الثّورات وانخراطه في العلوم والمعرفة وانفتاحه على
استيعاب آخر المنجزات والتّط ّورات العلميّة الأخيرة؛
وبذلك ش ّكلت هذه ال ّروايات وسائل معيّنة للق ّراء على العالم ،وانطلاقه –في كثير من الأحيان -من القوميّات
فهم العالم واستشراف المجهول منه ،وزيادة الوعي والأقليّات والأثينيّات والعرقيّات التي استيقظت،
بالتّاريخ والحضارة في عصر ح ّقق العلم فيه نتائج
وتط ّورات مدهشة.