Page 217 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 217

‫‪215‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫الله لنا أن نلجأ إليها‪ ،‬وهي‬       ‫أولاد‪ ..‬كما أن المفسر العربي‬       ‫رقمها (‪ )3‬في سورة النساء‪،‬‬
     ‫فكرة إباحة المحظور إذا‬           ‫القديم لم يعرف الفرق بين‬
    ‫َدعت الحاجة والضرورة‬                                               ‫فلو نظرنا إلى سياقها لوجدنا‬
                                    ‫القول مث ًل «فانكحوا ما شئتم‬        ‫أتقنواللآ‪:‬ية« َاولَءتا ُتيواْق ْٱب َلْل َيهَٰات َمرىق َأم ْم ٰ(َو َل‪ُ 2‬ه) ْم‬
 ‫إليه‪ ،‬بمعنى أن التعدد يمكن‬             ‫من النساء»‪ ،‬وقوله تعالى‬        ‫َو َل َت َت َب َّد ُلواْ ٱ ْل َخبِي َث ِبٱل َّطيِّ ِب َو َل‬
    ‫أن يكون في حالة وجود‬               ‫«فانكحوا ما طاب لكم من‬
                                                                         ‫َت ْأ ُكلُواْ َأ ْم َٰو َل ُه ْم إِ َل َأ ْم َٰولِ ُك ْم إِ َّن ُهۥ‬
 ‫اليتامى‪ ،‬أو في حالا ٍت أخرى‬       ‫النساء»‪ ،‬بل إنه َف ّسرها بمعنى‬        ‫َكا َن ُحو ًبا َكبِي ًرا»‪ .‬ثم يتحدث‬
      ‫شبيهة أو قريبة‪ ،‬كأي‬             ‫ما يحلو لكم! رغم أن الآية‬        ‫الله بعد آية التعدد عن صدقات‬

   ‫ظر ٍف مجتمعي طارئ يقل‬           ‫تراعي ظرو َف الأرملة التي قد‬        ‫النساء‪ ،‬ولا تكاد تمر آيتان حتى‬
  ‫فيه عدد الرجال ويزيد فيه‬           ‫تكون مضطر ًة إلى ذلك‪ ،‬فهو‬
   ‫عدد النساء‪ ،‬كالحروب إذا‬           ‫يشير إلى طيب نف ِسها وجبر‬         ‫يعود لليتامي مرة أخرى في الآية‬
  ‫قضت على ملايين الرجال‪،‬‬               ‫خاطرها أو ًل‪ ،‬أي برضاها‬         ‫اإَََِتََُدرلكوَعْذأاََلاَفْمُْيكَْسشعنلَُابِنهًُتدَلواْدَْمفمَُغَكهِقَاإفاَوِسيواَاْلَةإًَْْنرِيدكا‪:‬ا ََِْهفلفَسغنَِّْ«ُمفعَىنَِْلركواوَأيًَّايااْاِْبأًْفَْمبااحإََُِتَكوفَلللُاَّْلََْْيلفَولَِليوإِِاْهِبُهِبََْْْدماْناسماحَْْلتَلَأًآَريَِْْعْفاَعَنستمَأِفاُيرََأْوَبًْامسْاوَشنلُفت»ىُِههِ‪.‬مَيَفُْدومْكََِّموحََمبفاَْْنتَّوإُِرنُلََهذَىاواْماْ‬
 ‫أو كالأمراض إذا أودت بمثل‬                              ‫التام‪.‬‬           ‫فم ْتن الآيات موضوع اليتامى‪،‬‬
 ‫هذا العدد‪ ..‬فكرة الإباحة هي‬                                           ‫وهامشها موضوع التعدد‪ ،‬لكن‬
‫الأساس‪ ،‬بشرط توفر الظرف‬            ‫أ ّما أسئلتك التي رح َت تطرحها‬
                                          ‫في وجوهنا عن مفهوم‬           ‫الذي حدث في الثقافة العربية‬
    ‫الموضوعي الداعي إليها‪،‬‬
  ‫على ألا يترك الأمر للرغبات‬        ‫«العدل»‪ ،‬فلا أظنه العد َل الذي‬     ‫الذكورية أن الهامش تح ّول إلى‬
                                       ‫ذهب إليه كثير من الفقهاء‬        ‫متن‪ ،‬والمتن تحول إلى هامش‪ ،‬لا‬
    ‫الفردية‪ ،‬بل يجب أن يتم‬            ‫والمفسرين‪ ،‬وإنما هو العدل‬
  ‫تنظيم ذلك بالقانون‪ ،‬الأمر‬           ‫(بين اليتامى الذين ض ّمهم‬        ‫لشيء إلا لأن الهامش هنا يلبّي‬
‫الذي سيعني مشروعية الفعل‬               ‫الرجل إليه‪ ،‬وبين أولا ِده)‪.‬‬     ‫حاجة العربي ويشبِع رغب َته!‬
‫وإعلانه أمام الناس‪ ،‬وبشرط‬
    ‫موافقة كل أطراف عملية‬            ‫إنما المقصود هنا العول‪ ،‬لأن‬              ‫والخوض في فهم التعددية‬
                                        ‫سياق الآيات يتحدث عن‬
                  ‫التعدد‪.‬‬                                              ‫الزوجية عند الفقهاء والمفسرين‬
‫لقد استطاعت الثقافة العربية‬        ‫التعددية في إطارها الاجتماعي‬
  ‫أن تتجاوز الخطا َب القرآني‬         ‫والإنساني‪ ،‬وليس في إطارها‬         ‫القدامي‪ ،‬يوقعنا في مواجهات‬
 ‫ودلالا ِته قافز ًة إلى كل فضا ٍء‬  ‫الجنسي‪ ،‬فالآيات كلها تتحدث‬
                                     ‫عن اليتامى والبِر بهم‪ ..‬انظ ْر‬    ‫وملاسنات حادة قد لا يتقبلها‬
      ‫يستبيح للذ َكر فيها أن‬        ‫إلى قوله تعالى‪« ،‬فإن خفتم ألا‬
 ‫يستمتع بالرخصة الممنوحة‪،‬‬             ‫تعدلوا فواحدة‪ ،‬أو ما ملكت‬        ‫العقل العربي السلفي المعاصر‬
                                   ‫أيمانكم‪ ،‬ذلك أدنى ألا تعولوا»‪..‬‬
    ‫حتى إنها ضربت عرض‬              ‫قف وو ّحد الله أمام «ذلك أدنى‬       ‫آبائه‬  ‫أسي ًرا لتراث‬  ‫الذي لا يزال‬
     ‫الحائط بالشرط الرئيس‬                                              ‫يفكر‬   ‫ذلك مث ًل ألا‬  ‫وأجداده‪ِ ،‬من‬
     ‫للتعدد‪ ،‬وابتكرت حالا ٍت‬                       ‫ألا تعولوا»!‬
 ‫أخرى‪ ،‬فالمرأة التي لا تنجب‬             ‫لكن ِمن المهم الإشارة أن‬       ‫في معنى (اليتيم) رغم ما أشرنا‬
    ‫يمكن لزوجها أن يتزوج‬               ‫وقوفنا أمام قضية التعدد‪،‬‬
 ‫عليها‪ ،‬رغم أن عدم الإنجاب‬          ‫ينبغي ‪ِ -‬من وجهة نظري‪ -‬أن‬          ‫إليه من أن مناط الآيات ُهم‬
     ‫أم ٌر يشترك فيه الذكور‬          ‫يتجاوز المشا َر إليه‪َ ،‬متنًا كان‬  ‫اليتامى تحدي ًدا‪ ،‬ومن ثم فالآيات‬
                                       ‫أم هام ًشا‪ ،‬إلى ما يمكن أن‬       ‫تخا ِطب المتزوجين حص ًرا‪ ،‬لهذا‬
                 ‫والإناث!‬            ‫نطلِق عليه «فقه الضرورة»‪،‬‬
    ‫وقالوا إن عجز المرأة عن‬          ‫فالقضية كلها هنا معرفيًّا لا‬          ‫قال « َمثنى وثلاث ورباع»‪،‬‬
  ‫القيام بمهامها يمنح الرج َل‬       ‫هي في اليتامى ولا في النساء‪،‬‬       ‫فالعازب ليس له أن يعدد‪ ،‬ولا‬
   ‫حق التعدد‪َ ،‬حسنًا ماذا لو‬           ‫ولكن في الدلالة التي يريد‬       ‫يجوز التعدد إلا مع أرمل ٍة لها‬
‫كان الرجل عاج ًزا عن العمل؟!‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222