Page 222 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 222

‫العـدد ‪31‬‬         ‫‪220‬‬

                                                                    ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬          ‫(‪)40‬‬
                                                                                  ‫صديقي الأستاذ‪/‬‬
  ‫والدول المتقدمة‪ -‬خطو ٌة لا‬    ‫الأخطار التي ح ّفزت مجتمعاتنا‬
‫يقبِلون عليها بسهولة‪ ،‬فليست‬         ‫لهذا الوضع بين الطرفين‪،‬‬                          ‫عمرو الشيخ‬
                                    ‫لأنك لن تجد سببًا لمنع أن‬
    ‫هي خطوة لإكمال نصف‬             ‫يلعب الأطفال ذكو ًرا وإنا ًثا‬                     ‫رأيتك رقي ًقا ولطي ًفا وأنت‬
    ‫الدين‪ ،‬فدين المرء عندهم‬         ‫م ًعا‪ ،‬غير الجنس‪ ..‬كما أن‬                   ‫تط ّوف بمفهوم الزواج‪ ،‬والفر ِق‬
   ‫مكتمل في تصوراتهم‪ ،‬كما‬
   ‫أنها ليست خطو ًة لإشباع‬        ‫عقد الزواج يتضمن في بنيته‬                         ‫بينه وبين مفهوم الصداقة‬
   ‫الرغبة الجنسية‪ ،‬فعلاقات‬          ‫الأساسية من َح الرجل حق‬                         ‫أو الشراكة بين طرفين في‬
 ‫الحب وممارسته قبل الزواج‬                 ‫الوطء والاستمتاع!‬                      ‫مجتمعاتنا‪ ،‬ولا أظننا سنختلف‬
‫متاحة للجميع برضا الأطراف‬           ‫في أوروبا والدول المتقدمة‬                      ‫حول أن مفهوم الصداقة أو‬
‫وقدرتهم على تح ّمل مسؤولية‬                                                        ‫الشراكة بين الطرفين (الذ َكر‬
 ‫أفعالهم وقراراتهم‪ ،‬لكن هذه‬     ‫يعتبر الزواج ميثا ًقا غلي ًظا‪ ،‬بكل‬              ‫والأنثى) غائ ٌب تما ًما في ثقافتنا‪،‬‬
 ‫الخطوة ‪-‬خطوة الزواج‪ -‬لا‬         ‫ما تحمله كلمتا «ميثاق غليظ»‬                       ‫وليس ثمة سبب في غيابه أو‬
    ‫تتم إلا بداف ٍع واحد فقط‪،‬‬      ‫من معنى ودلالة‪ ،‬ليس فقط‬                        ‫تغييبه إلا ميراثنا الذي تعرفه‬
  ‫وهو تكوين أو تأسيس‪ ،‬أو‬           ‫على مستوى الإحالة‪ ،‬ولكن‬                         ‫حول تصور خطورة اقتراب‬
 ‫إنشاء أسرة‪ ..‬ومن ثم يحدث‬           ‫حتى على مستوى اشتقاق‬                             ‫الذ َكر من الأنثى في الذهن‬
  ‫في معظم الزيجات أن يظهر‬        ‫حروف الكلمتين‪ ،‬لا ِحظ القاف‬                         ‫العربي والإسلامي‪ ،‬وهو‬
  ‫مفهوم الصداقة أو الشراكة‬         ‫في (ميثاق)‪ ،‬والغين والظاء‬                    ‫التصور الذي ينبني منذ الصغر‬
 ‫بين الطرفين الزوجين‪ ،‬أقول‬       ‫في (غليظ)‪ ..‬وعلينا أن نبتسم‬                      ‫ونحن نر ّبي أطفالنا بضرورة‬
  ‫يظهر بمعنى يكون حاض ًرا‬        ‫ابتسامة عريضة ونحن نتذكر‬                         ‫أن يلعب الذكور مع أقرانهم‪،‬‬
‫في كثير من الأحيان‪ ،‬ولو على‬      ‫أن وصف الزواج بأنه «ميثاق‬                         ‫والإناث مع أترابهن‪ ،‬مرو ًرا‬
 ‫مستوى الحوار أو المناقشة‪،‬‬           ‫غليظ» هو وص ٌف قرآني‬                            ‫بالفصل بينهما في مراحل‬
 ‫أو توزيع الأدوار‪ ،‬ولا يعني‬         ‫في الأساس‪ ،‬ناهيك بالمودة‬
‫كلامي أن كل علاقات الزواج‬        ‫والرحمة اللذين وردا أي ًضا في‬                             ‫التعليم الأساسي‪.‬‬
   ‫هناك ناجحة أو هي ميثا ٌق‬       ‫الخطاب القرآني وهو يتناول‬                     ‫لكن سيظل الأخطر ِمن ذلك هو‬
 ‫غليظ بالمعنى الذي امتدحناه‬            ‫العلاقة بين الزوج ْين!‬
                                    ‫في أوروبا والدول المتقدمة‬                      ‫تصوراتنا جمي ًعا عن الزواج‬
                 ‫من قبل‪.‬‬            ‫تعتبر خيانة أحد الطرفين‬                     ‫باعتباره عقد ِملكية أوجبه الفقه‬
‫لو افترضنا أن هناك استبيا ًنا‬       ‫(الزوجين) للآخر جريم ًة‬                      ‫وك ّرست له العادات والتقاليد‪،‬‬
 ‫أو استطلا َع رأي في المجتمع‬     ‫كبرى يترتب عليها الانفصال‪،‬‬                      ‫يمتلك فيه الرج ُل المرأ َة‪ ،‬أو هو‬
                                   ‫فض ًل عن النفور المجتمعي‪،‬‬
    ‫العربي حول سؤال‪« ،‬هل‬                ‫بينما خيانة الذ َكر في‬                    ‫عقد إذعان تستسلم فيه المرأة‬
    ‫هناك صداقة بين الرجل‬        ‫مجتمعاتنا لزو ِجه عادي ٌة يمكن‬                  ‫للرجل صاحب المِلكية والسيادة‪،‬‬
   ‫والمرأة؟»‪ ..‬ستكون نتيجته‬      ‫أن تمر مرور الكرام لو ع َرفها‬                  ‫وكل التصورات والمفاهيم حوله‬
     ‫أن ‪ %95‬يرون استحالة‬         ‫المجتمع‪ ،‬أ ّما خيانة المرأة فأنت‬
 ‫وجو ِدها‪ ،‬ولن يكون صاد ًما‬        ‫تعرف نتائجها وعواقبها لو‬                         ‫لا تخرج إطلا ًقا عن الميراث‬
   ‫وأنت تتبين النسب َة المئوية‬          ‫اشت ّم الناس رائح َتها!‬                   ‫الضخم الذي ما يزال حيًّا من‬
     ‫تلك أن ِمن بينها شرائ َح‬        ‫الزواج هناك ‪-‬في أوروبا‬
‫المتعلمين والمثقفين والساسة‪،‬‬                                                        ‫العصر الجاهلي حتى يومنا‬
                                                                                     ‫وتاريخنا هذ ْين‪ ،‬ولا أظنك‬
                                                                                 ‫س ُتقصي الجن َس باعتباره أه ّم‬
   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227