Page 223 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 223

‫‪221‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫ويقينًا الأزمات الدينية لدى‬         ‫مختلف ٍة تما ًما عما قد توفره‬  ‫ذكو ًرا وإنا ًثا‪ ،‬بينما المفهوم نفسه‬
  ‫معظم المثقفين مرتبطة بكل‬            ‫«رحاب»‪ ،‬سأترك لك تخيّل‬              ‫موجود بالفعل على الأرض‬
   ‫ما هو إسلامي‪ ،‬ومن أراد‬             ‫علامات الاستفهام التي قد‬
  ‫التلطف أو الته ّرب فعاد ًة ما‬                                       ‫وفي الحياة‪ ،‬ويمكنك أن تتل ّمسه‬
                                        ‫تتقافز أمام عينيها حول‬         ‫بسهولة‪ ،‬ليس فقط في أوروبا‬
    ‫يلصق الاتهام إلى أدبيات‬            ‫مفهوم كلمة (العيب) التي‬
    ‫الإسلام‪ ،‬وبخاصة الفقه‬             ‫اكتفى بها أبوها إجاب ًة لها!‬       ‫والدولة المتقدمة باعتبارهما‬
   ‫الإسلامي‪ ،‬كما أشر َت أنت‬
‫وتشير دائ ًما‪ ،‬ولع ّل لا أخالفك‬            ‫(‪)41‬‬                      ‫النموذج المثال الذي أستدعيه لك‪،‬‬
‫في تحفظك الشديد تجاه الفقه‬           ‫الصديق الأستاذ‪/‬‬
  ‫الذي يسبق الدين ذاته لدى‬            ‫أشرف البولاقي‬                   ‫لكنك ستجد الصداقة والشراكة‬

                   ‫الكثير‪.‬‬           ‫كثي ًرا ما حاول ُت ألا أستجيب‬       ‫هنا في مجتمعاتنا نحن‪ ،‬لكن‬
   ‫لكنني أود أن أتساءل معك‬          ‫لمقارناتك في كثير من مقالاتك‬         ‫أين تجدها؟ تجدها بين ذ َكر‬

     ‫يا صديقي‪ ،‬هل أوضاع‬               ‫بين نظرة الغرب ّي إلى المرأة‪،‬‬   ‫وأنثي طفلين صغيرين‪ ،‬أو بين‬
 ‫المرأة العربية أفضل حا ًل في‬       ‫ونظرة العرب ّي‪ .‬وذلك لأسباب‬       ‫رج ٍل وامرأة تجاوزا الستين أو‬
‫أوساط المثقفين ِمن اليساريين‬         ‫عدة‪ ،‬على رأسها أنه لا مجال‬        ‫السبعين ِمن عمريهما‪ ،‬صداقة‬
                                    ‫للمقارنة بين أي شيء غرب ّي‪،‬‬
     ‫والليبراليين والعلمانيين‬      ‫وأي شيء عرب ّي‪ .‬وبخاصة في‬             ‫حقيقية ومخلصة‪ ،‬وشراكة‬
 ‫واللادينيين؟ ألا ُتن َتهك المرأة‬    ‫ملف الإنسان ككل‪ .‬فلا وجه‬
   ‫و ُتس َتغل في تلك الأوساط؟‬        ‫للمقارنة بين حقوق الإنسان‬              ‫قائمة على احترام الآخر‬
                                    ‫السياسية والدينية والصحية‬
      ‫ومعظمنا لديه عشرات‬                                              ‫وتقديره‪ُ ،‬ترى لماذا؟ لأن مفهوم‬
‫القصص التي تثبت ذلك؟! بل‬                ‫والتعليمية والاقتصادية‪،‬‬      ‫الجنس عند الطفلين غائب تما ًما‪،‬‬
 ‫إن كثي ًرا من مختلف طبقات‬          ‫ولذلك فب َدهي ألا يوجد مجال‬       ‫ولأن الرجل والمرأة تجاوزا م ًعا‬
                                   ‫للمقارنة فيما يخص ملف المرأة‬       ‫مرحلة الكبت الجنسي ووصلا‬
  ‫فحول المثقفين يعلن بنفسه‬         ‫كإنسان في الأساس‪ ،‬وكزوجة‬           ‫إلى ِسن النضج‪ ،‬خاص ًة إذا كان‬
 ‫نواد َره وفتوحا ِته وعلاقاته!‬     ‫أو ابنة أو أخت أو صديقة بعد‬        ‫كل منهما قد أكمل نصف دينِه!‬

   ‫ألم تمر بعض النماذج من‬                               ‫ذلك‪.‬‬             ‫أريدك أن تتخيل معي طفل ًة‬
  ‫الساذجات أو المتسلقات أو‬         ‫كذلك فإ ّن أزمات المرأة العربية‬
 ‫المتغافلات أو المستنيرات إلى‬       ‫كشفت عن مأسا ٍة مؤسفة في‬         ‫تستأذن أباها أن تخرج للشارع‬
  ‫عالم التحقق عبر أنوثته ّن؟!‬      ‫العقل العرب ّي‪ ،‬سواء كان العقل‬
                                   ‫الأصلي لأبناء الجزيرة العربية‪،‬‬           ‫وتلعب مع «حمادة» ابن‬
    ‫كيف أصدق المثقف الذي‬           ‫أو عقل َمن َتع ّربوا ولم يكونوا‬
   ‫يص ّدعنا ليل نهار بغضبته‬                                             ‫الجيران‪ ،‬فينهرها أبوها ‪-‬أو‬
                                       ‫عر ًبا بالأصل‪ ،‬كالمصريين‬
     ‫لانتهاك الفقه للمرأة في‬                        ‫والمغاربة‪.‬‬           ‫أ ّمها بالطبع‪ -‬من اللعب مع‬
   ‫الميراث‪ ،‬وغلظة الأصوليين‬                                            ‫«حمادة»‪ ،‬طالبًا منها اللعب مع‬
  ‫في معاملتها والزواج بأكثر‬         ‫ولس ُت أملك يقينك يا صديقي‬         ‫«رحاب»‪ ،‬وسؤال الطفلة لماذا؟‬
  ‫من واحدة؟ ثم يصمت هذا‬             ‫لأحسم مثلك أن مرجعية تلك‬
  ‫الوسط الثقافي تجاه حوادث‬                                           ‫وجواب الأب لأنه عيب اللعب مع‬
    ‫تحرش مؤسفة‪ ،‬لا لشيء‬                 ‫الأزمة وجذورها مرتبطة‬
  ‫إلا لأن بطلها رمز ثقاف ّي‪ ،‬أو‬        ‫بوراثات جاهلية ثم دينية‪،‬‬                         ‫الصبيان!‬
  ‫كان ممن يحتضنون الثورة‬
                                                                         ‫تخيّل ما الذي يدور في ذهن‬
     ‫ويدعمونها‪ ،‬فصار ممن‬                                                 ‫الطفلة‪ ،‬وهي تحاول جاهد ًة‬
        ‫يحتضنون الثائرات‪.‬‬                                               ‫أن تعرف ما وجه العيب؟ ما‬

                                                                     ‫الفرق بين «حمادة» و «رحاب»؟‬

                                                                       ‫سأترك لك العنان لتفكر معي‬

                                                                        ‫وهي تقارن بين ما قد يوفره‬

                                                                      ‫لها «حمادة» من أفكار في اللعب‬
   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228