Page 139 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 139
137 تجديد الخطاب
نظر الدين يصبح هو فإن لذلك أسبابه ،وأحد هذه مع ما تتطلبه ضرورات حياة
المحمول في دراسة علم الأسباب أن رجال الفكر من جديدة نحياها ،فالقاصرون
الأديان ،فالله هو الذي يعمل في الأمة العربية قد اتجهوا بمعظم المقتصرون بفكرهم على فكر
نظر الدين ،بالنسبة إلى الإنسان. طاقتهم نحو فكر قد فرغ منه آخر قديم أو حديث موروث أو
أما العلم ،فإنه لا يعرف إلا عمل أصحابه فقنعوا به موضو ًعا منقول عن آخرين يقدمون لنا
الإنسان بالنسبة إلى الله ،وإن لفكرهم ووقفوهم وأوقفوا أمتهم الأذى من وجهين؛ أولهما أنه
العلم ليعجز عن الكلام عن عمل عند مواضع أقدامهم وكانوا لا جديد فيما يقدمونه لأنه على
بموقفهم هذا من الأتباع»(.)15 أحسن الفروض يعرض علينا
الله. مما لا شك فيه أن الدين ليس تحلي ًل جدي ًدا لصورة فكرية كان
علم الأديان مختلف عن المعارف عل ًما ولكن يمكن نبحث فيه أبدعها مبدعها لظروف أحاطت
الإسلامية ،علم الرجال والجرح بطريقة علمية ،وهذا ما يسمي به ،وقد لا تكون محيطة بنا،
والتعديل والتفسير ،بل هو علم بعلم الأديان Religion science وأرجو ألا يفهم من ذلك أن مثل
ذلك العمل الفكري مرفوض من
يستخدم مناهج البحث العلمي ظهر هذا المصطلح على يد أساسه ،إذ هو مطلوب ونافع
وينظر للنص ليس ليستنبط «ماكس مولر» في كتابه مدخل شريطة أن يؤخذ في حدوده،
أحكا ًما يراها مقدسة ،بل هو وهو أنه أقرب إلى التاريخ ،يقدم
يدرس الدين بشكل محايد إلى علم الأديان سنه .1868 إلينا مادة الفكر عند سابقين أو
باستخدام مناهج كالمنهج علم الأديان كما يقول د .خزعل لاحقين ،وقد يختلط علينا الأمر
الماجدى هو علم يحاول أن ينظر فنظنه فك ًرا يصلح لمعالجة شئون
الهيرمونيطيقي (المنهج التأويلى) إلى الأديان نظرة علمية محايدة حياتنا الواقعة جملة بجملة
أو المنهج الرمزي (الدلالي أو وحر ًفا بحرف ،هذه واحدة،
السيميولوجى) مث ًل يدرس باعتبارها نصو ًصا وحوادث والأخرى هي أن المفكر على هذا
حصلت في التاريخ ،ليس ليعطينا النحو المطلق والشارح لفكر
الدين من طقوسه كالعلاقة بين الآخرين إذا ما وصل إلى نتائج
الأديان الإبراهيمة في الصلاة نتيجة بل ليعطينا حقيقة هذه انتزعها مما يعلق عليه ويشرحه
وما المتشابة وما المختلف وما المعتقدات؛ مث ًل هل يوجد تشابه قد يوهمنا بصدق نتائجه صد ًقا
موضوعيًّا تطبيقيًّا ما دامت
أساسه ،فهو منهج يدرس الدين بين الأديان وبعضها؟ وما هي صادقه في استدلالها من
من خلال ظواهره. الاختلافات بينهما؟ وما أصل أصولها التي أستنبطت منها،
الأساطير أو القصص الموجودة وليس كل قارئ قد اكتسب
المبحث الثالث في النص؟ وما علاقة الأديان القدرة على التفرقة بين الحالتين
مما يترتب عليه موقف فكري
أو ًل :ضرر تدخل الدين في العلم الإبراهيمية بالوثنية؟ أي أن شبيه بما نحن فيه اليوم ،وهو
منهج الدين مختلف تما ًما عن علم الأديان دوره هو عمل أن تشيع فينا أفكار لها صدق
منهج العلم كما تم توضيحه العقل في النص وليس أن يخرج الاستدلال من أصولها ،فنظن
علينا بنتائج تؤكد صحة النص أنها كذلك صادقة صدق التطبيق
ساب ًقا ،فشتان بين منهج يعتمد أو أنه أتي من الله أم لا ،وأن على الواقع الجديد ،إنه إذا كانت
على تلقي نص سماوي مقدس الدين الذي وجدنا عليه آباءنا النهضة العربية قد أبطأت الخطى
يؤمن به أصحابه ،يحفظ ويلقن هو أفضل من الأديان الأخرى، فلم تلحق بالركب إبدا ًعا وكش ًفا
و ُتستخرج منه الأحكام ،ويرفع فطريقة هذا العلم هي ما جعلته ورياد ًة وتغيي ًرا لوجه الأرض،
شعار إن كل محدثة بدعة وكل عل ًما ،على عكس الدين نفسه
الذي ليس عل ًما ،فعلي حد تعبير
بدعة ضلالة وكل ضلالة في د .زكي نجيب محمود :العلم
النار ،ومنهج قائم على الشك بمنهجة وليس بموضوعه.
والبحث والتجريب يرفع شعار يرى عالم الأديان الهولندي فان
التطوير والنسبية .من يتدخل في در ليو أن ما هو موضوع في
عمل العلماء ويحكم عليهم بعقلية
رجال الدين لا يمكن أن ينتهي