Page 214 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 214

‫المنطلقة من أصول إيمانها‬                                     ‫العـدد ‪32‬‬                  ‫بين الحاجة والرفض للتجديد الديني‬        ‫‪212‬‬
   ‫الكتابي‪ ،‬غير أن الوجه‬                                                                     ‫الأصولية المسيحية‪..‬‬
     ‫السياسي للأصولية‬                                                         ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬                                ‫عصام الزهيري‬
    ‫المسيحية يتخذ مسحة‬
    ‫شعبية اجتماعية أكثر‬             ‫تمهيد‬

 ‫من نظيره الإسلامي ذي‬         ‫يقتضينا الدخول إلى‬
 ‫المسحة السياسية الغالبة‪،‬‬
  ‫ولا يرتبط بصيغة معينة‬        ‫موضوع المقال البدء من‬
 ‫لشكل الحكم في الدولة أو‬        ‫تفرقة مهمة بين معاني‬
                             ‫ثلاثة من الألفاظ والمفاهيم‪،‬‬
  ‫شريعة قانونية بحرفية‬         ‫هي‪ :‬الأصولية‪ ،‬التطرف‪،‬‬
  ‫وتفصيلية فقهية شاملة‬            ‫الإرهاب‪ ،‬وإلى التفرقة‬
‫لدى الأصولية الإسلامية‪.‬‬        ‫بين طبيعتها في المسيحية‬
                                ‫والإسلام‪ ،‬وفي المناخات‬
        ‫المفهوم الثاني هو‬
  ‫«التطرف»‪ ،‬وهو مفهوم‬              ‫الاجتماعية والثقافية‬
  ‫ذو صبغة عملية مرتبطة‬       ‫المختلفة التي تولد الظواهر‬
   ‫بالتطبيق الأيديولوجي‬
  ‫الحرفي أكثر منه ارتبا ًطا‬      ‫التي تعبر هذه المفاهيم‬
‫بالطابع النظري الأصولي‪،‬‬       ‫والألفاظ عنها‪ .‬وبداية من‬
‫بمعنى أننا نصف به غالبًا‬
   ‫الممارسات والتطبيقات‬          ‫الأصولية يتبنى المقال‬
                                 ‫تعريفها على أنها تعني‬
      ‫العملية للأفكار التي‬      ‫التقيد الصارم بالمذهبية‬
  ‫تميل إلى التمسك بالفهم‬      ‫الدينية استنا ًدا إلى تفسير‬
‫الحرفي المقتبس من تعاليم‬     ‫حرفي للكتب المقدسة‪ ،‬ومن‬
  ‫الكتب المقدسة أو المعزو‬      ‫داخل هذا التعريف تجدر‬
  ‫لها‪ ،‬ومن هنا تأتي صلة‬      ‫الإشارة إلى فارق جوهري‬
‫التطرف بالأصولية‪ ،‬بحيث‬         ‫بين الأصولية الإسلامية‬
  ‫يمكننا القول إن التطرف‬          ‫والأصولية المسيحية‪،‬‬
   ‫هو النماذج العملية من‬      ‫ففي حين يستوعب التيار‬

      ‫التصميمات الفكرية‬             ‫الرئيسي للأصولية‬
    ‫والنظرية الأصولية في‬       ‫الإسلامية مفهوم الدولة‬
    ‫أكثر صياغاتها تمس ًكا‬      ‫بشكل تاريخي‪ ،‬في نطاق‬
‫بالتفسير الحرفي‪ .‬وهو ما‬
  ‫يقودنا إلى تفرقة مماثلة‬          ‫نظرته الأيديولوجية‬
   ‫بين التطرف الإسلامي‬          ‫الشمولية للعالم (نظرية‬
    ‫والتطرف المسيحي‪ ،‬إذ‬        ‫الخلافة والحكم الديني)‪،‬‬
     ‫يكتسب الأول صبغة‬
  ‫مادية وشمولية تتجاوز‬             ‫يقيم التيار الرئيسي‬
 ‫حدود التمسك الطقوسي‬          ‫للأصولية المسيحية تفرقة‬

      ‫بالصيغ الحرفية في‬           ‫أساسية بين الكنيسة‬
                                ‫(هيكل الديانة) والدولة‬
                               ‫(هيكل السلطة الزمنية)‪،‬‬
                             ‫دون أن يعني ذلك أنه ليس‬
                              ‫للأصولية المسيحية وج ًها‬
                                 ‫سياسيًّا‪ ،‬وأنه ليس لها‬
                             ‫أي ًضا ممارساتها السياسية‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219