Page 217 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 217

‫الملف الثقـافي ‪2 1 5‬‬

    ‫فرض وتعميم معتقداتها‬        ‫بأصول المعتقدات المسيحية‬      ‫خلال عقائد وتكاليف جرى‬
‫على الجميع بوسائل السلطة‬          ‫في مواجهة الاضطهادات‪،‬‬          ‫التكليف الإلهي عليه بها‪.‬‬
                                   ‫ما قد يدفع للاعتقاد بأن‬       ‫وبالإضافة إلى العناصر‬
   ‫المادية‪ ،‬ويلاحظ أننا بذلك‬          ‫الأرثوذكسية تنطوي‬            ‫الدينية المكونة لمباديء‬
 ‫أصبحنا أمام مخرج موحد‬             ‫في صلب معناها اللغوي‬
                                     ‫والتاريخي على جوهر‬       ‫الأصولية المسيحية الحديثة‬
    ‫للمسيحية والإسلام من‬                                       ‫مثل ألوهية المسيح والفداء‬
    ‫مأزقهما الأصولي‪ ،‬وهو‬       ‫الأصولية‪ ،‬وهو السؤال الذي‬       ‫والخلاص والقيامة‪ ،‬يهمنا‬
                                ‫طرحه على نحو مثير أستاذ‬      ‫الإشارة إلى أحد تلك المباديء‬
       ‫مخرج يفضي بنا إلى‬       ‫اللاهوت السوري د‪.‬جوزيف‬
   ‫ضرورة التجديد الديني‪.‬‬         ‫زيتون بقوله‪« :‬كيف نكون‬          ‫بحسبانه الأكثر ارتبا ًطا‬
                                                                  ‫برفض التجديد الديني‬
‫الأرثوذكسية ومعاداة‬               ‫أرثوذك ًسا بدون أن نكون‬     ‫والعقلي والثقافي‪ ،‬وبحسبانه‬
      ‫للتجديد‬                     ‫أصوليين؟»‪ ،‬وإجابته تبدأ‬      ‫مسئو ًل مسئولية مباشرة‬
                                                                ‫عن توليد ظواهر مرتبطة‬
    ‫في مقال له يقتبس القس‬            ‫من حقيقة أن لكل دين‬          ‫بالأصولية مثل انتشار‬
     ‫«يوحنا كتناشو» أستاذ‬        ‫وجهه وقابلياته الأصولية‪،‬‬    ‫الخرافة والتطرف والإرهاب‪،‬‬
    ‫اللاهوت بكلية بيت لحم‬                                        ‫وهو مبدأ عصمة الكتاب‬
                                    ‫وأن المخرج للتفرقة بين‬       ‫المقدس (الأناجيل) الذي‬
      ‫للكتاب المقدس أمثولة‬            ‫الوجه الديني والوجه‬      ‫يعني في التفسير الأصولي‬
    ‫أمريكية دالة بخصوص‬                                       ‫له أن الكتاب المقدس صحيح‬
    ‫طبيعة التطرف الأصولي‬          ‫الأصولي يتمثل في العلاقة‬     ‫حرفيًّا ويخلو من الأخطاء‬
‫القائم على انتماءات مسيحية‬      ‫بين الحرفية الأصولية التي‬     ‫والمتناقضات‪ ،‬وتفسيره على‬
 ‫مذهبية‪ ،‬والأمثولة تتلخص‬                                         ‫الوجه الصحيح يستلزم‬
  ‫في أن رج ًل كان يسير على‬        ‫تمتاز بالجمود والحرفية‪،‬‬      ‫الفهم اللفظي النقلي الحرفي‬
   ‫أحد الجسور المعروفة في‬            ‫وبين الحيوية الروحية‬        ‫بصورة تجعله غير قابل‬
 ‫ولاية كاليفورنيا الأمريكية‪،‬‬        ‫الباطنية التي تتميز بها‬      ‫للتأويل‪ ،‬وهو المبدأ الذي‬
 ‫فرأى امرأة تحاول الانتحار‬                                    ‫قاد الأصولية في الغرب إلى‬
 ‫وأسرع إليها قائ ًل‪« :‬إن الله‬   ‫الأرثوذكسية‪ ،‬يعني ذلك من‬         ‫مواجهاتها الفاصلة ضد‬
 ‫يحبك»‪ ،‬فذرفت المرأة دمعة‬        ‫وجهة نظر كاتب هذا المقال‬      ‫العلم‪ :‬نظرية الخلق المنفرد‬
     ‫متأثرة بكلماته وعندئذ‬      ‫أن المخرج الأرثوذكسي من‬        ‫في مواجهة نظرية داروين‪،‬‬
  ‫سألها‪ :‬هل أنت يهودية أم‬      ‫مأزق الأصولية هو أن نفرق‬        ‫رفض الإجهاض‪ ،‬اضطهاد‬
‫بوذية أم مسيحية؟ قالت‪ :‬أنا‬       ‫بين الأصولية المعتقدية في‬        ‫المرأة والمثليين وخلافه‪.‬‬
‫مسيحية وقال‪ :‬أنا أي ًضا‪ ،‬ثم‬       ‫وجهها الروحي والنفسي‬             ‫ولعل المهم بالنسبة لنا‬
  ‫سألها‪ :‬هل أنت كاثوليكية‬      ‫والأخلاقي (الصوفي) كعلاقة‬           ‫هو تحديد العلاقة بين‬
 ‫أم بروتستانية؟ أجابت‪ :‬أنا‬       ‫بين الإنسان والرب‪ ،‬وبين‬      ‫الأصولية المسيحية الحديثة‬
 ‫بروتستانتية‪ ،‬فبدأ يحادثها‬                                   ‫في الغرب وبين الأرثوذكسية‬
    ‫بشغف ويسألها‪ :‬إلى أي‬           ‫الأصولية كنزعة دنيوية‬         ‫الشرقية‪ ،‬فالأرثوذكسية‬
      ‫طائفة تنتمين؟ أجابت‪:‬‬         ‫سياسية وشمولية تجاه‬          ‫طب ًقا لتعريفها اللغوي هي‬
    ‫أنا معمدانية‪ ،‬فتأثر لأنها‬  ‫السيطرة على العالم وتوجيهه‬          ‫«الإيمان القويم» الذي‬
 ‫معمدانية مثله وسألها‪ :‬هل‬       ‫باسم الله أو نيابة عنه‪ ،‬وأن‬   ‫تمسك أصحابه عبر التاريخ‬
    ‫أنت معمدانية شمالية أو‬     ‫نفرق ‪-‬في نفس الوقت‪ -‬بين‬
   ‫معمدانية جنوبية؟ فقالت‪:‬‬        ‫الأصولية الروحية كنزعة‬

                                     ‫فردية تقوم على حرية‬
                                  ‫الاختيار الشخصي‪ ،‬وبين‬

                                     ‫الأصولية الدنيوية (إن‬
                                  ‫جاز التعبير) الطامحة إلى‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222