Page 222 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 222

‫العـدد ‪32‬‬                         ‫‪220‬‬

                            ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬                     ‫هو أن المسلمين لم يرحلوا‬
                                                            ‫بعد خمسين أو مائة سنة‬
     ‫المستعملة والوحيدة‪.‬‬      ‫يعرف اللغة القبطية‪ ،‬وفي‬
    ‫عودة إلى حالة ضعف‬         ‫حالة اغتراب عن الكنيسة‬             ‫مثل أي محتل آخر‪.‬‬
   ‫نفوذ البطرك والكنيسة‬                                         ‫بدخول العرب مصر‪،‬‬
‫مقابل نفوذ أعيان الأقباط‪،‬‬        ‫والصلوات والطقوس‬               ‫وانتقال العاصمة إلى‬
   ‫إن رجال الدين والكهنة‬     ‫الكنسية‪ ،‬ذلك لأن الكنيسة‬        ‫الفسطاط لخوف العرب‬
     ‫أصبحوا يبحثون عن‬       ‫تمسكت باللغة القبطية كلغة‬     ‫من الإقامة قريبًا من البحر‬
     ‫مصادر دخل جديدة‪،‬‬       ‫عبادة‪ .‬يقول ساويرس ابن‬       ‫لاحتمالية الهجوم عليهم من‬
 ‫فتم عن طريق ذلك تديين‬        ‫المقفع في كتابه عن تاريخ‬     ‫أي قوة خارجية‪ .‬ظل مقر‬
 ‫كل المناسبات الاجتماعية‬                                    ‫البطريرك في الإسكندرية‬
  ‫التي لم يكن لها طقوس‬           ‫البطاركة إن المسيحي‬             ‫معزو ًل عن أساقفته‬
                                 ‫لم يعد يتمسك بتعاليم‬        ‫وكنائسه وشعبه‪ .‬العزل‬
       ‫كنسية مثل الزواج‬       ‫المسيحية لأنه ببساطة لم‬         ‫الجغرافي كان مصاحب‬
    ‫والميلاد والصلوات في‬      ‫يعد يفهمها وسط طغيان‬              ‫بحالة افتقار للكنيسة‬
      ‫البيوت في المناسبات‬     ‫الثقافة الإسلامية‪ ،‬فكيف‬     ‫المصرية‪ ،‬فالكنيسة تاريخيًّا‬
    ‫المختلفة‪ ،‬وكان الكهنة‬     ‫له أن يفهم عقيدة التثليث‬       ‫قبل الغزو العربي كانت‬
   ‫يتقاضون مبالغ مقابل‬         ‫والتوحيد في ظل خطاب‬         ‫غنية ج ًّدا‪ ،‬وهي التي تتولى‬
    ‫القيام بهذه الطقوس‪..‬‬         ‫إسلامي يتكلم عن الله‬       ‫مرتبات الكهنة والأساقفة‬
  ‫ظلت هذه الحالات حتى‬            ‫الواحد الصمد‪ .‬في تلك‬         ‫وغيرهم‪ ،‬وبعد خسارة‬
 ‫جاء البابا شنودة مؤخ ًرا‬       ‫الفترة لم يكن لا المسلم‬   ‫الكنيسة للأرض والممتلكات‬
  ‫وحاول تخفيف من هذه‬         ‫ولا المسيحي المصري على‬             ‫تبا ًعا للحكم الشرعي‬
‫الظاهرة بتحمل مصاريف‬          ‫دراية كافية بتعاليم دينه‪،‬‬   ‫الإسلامي بأن الأرض ملك‬
   ‫الكهنة ومساعداتهم في‬         ‫لانهم فلاحين غلابة في‬    ‫للحاكم‪ ،‬أصبح الصرف على‬
   ‫شراء سيارات‪ ،‬حتى لا‬       ‫ريف مصر‪ ،‬وهو خالي في‬          ‫الكهنة والكنيسة هو مهمة‬
‫يتعرضون للمضايقات في‬          ‫معظم فتراته من الجوامع‬      ‫أعيان الأقباط «العلمانيين»‪،‬‬
 ‫الشوارع وفي المواصلات‬           ‫والكنائس أسا ًسا ففي‬     ‫أي خارج طبقة الإكليروس‪.‬‬
                            ‫فترة حكم العثماننين لمصر‬          ‫هؤلاء الأعيان كان لهم‬
                  ‫العامة‪.‬‬       ‫كان عدد كنائس مصر‬         ‫مصالح مختلفة مع الحاكم‬
‫إن المضايقات من المسلمين‬         ‫كلها ‪ ١١٢‬كنيسة فقط‪،‬‬      ‫ومع الدواوين التي يعملون‬
                            ‫وكان ‪ ٩٦‬من قرى ونجوع‬          ‫فيها‪ ..‬أدى تعريب الدواوين‬
      ‫للمسيحيين مختلفة‬        ‫مصر خالية من الجوامع‬         ‫وإجبار الموظفين على تعلم‬
    ‫كثي ًرا عن اضطهاد أي‬       ‫والكنائس أي ًضا‪ ..‬أي أن‬    ‫اللغة العربية والتخاطب بها‬
  ‫أغلبية للأقلية‪ ،‬ولكن لأن‬     ‫المصري البسيط لم يكن‬       ‫إلى حالة ضعف تام لسلطة‬
‫المسيحيين لم يكونوا أقلية‬    ‫يعرف الكثير عن الإسلام‬        ‫الكنيسة على القبطي‪ ،‬وهو‬
   ‫في أغلب الفترات‪ ،‬حتى‬                                  ‫الذي ظل يمثل أغلبية الشعب‬
‫حكم المماليك لم تكن هناك‬                  ‫أو المسيحية‪.‬‬     ‫المصري حتى القرن الرابع‬
     ‫مشاكل كبيرة إلا مع‬         ‫تعربت الكنيسة نفسها‬
   ‫ضغط فقد الوظائف أو‬         ‫عندما زادت الفجوة بينها‬                 ‫عشر الميلادي‪.‬‬
 ‫ثقل الجزية عليهم‪ .‬ولكن‬          ‫وبين شعبها‪ ،‬ولم يكن‬         ‫أصبح الشعب المسيحي‬
    ‫حتى الخط الهمايوني‬         ‫غريبًا أن ترى مراسلات‬          ‫القبطي بعد مرور جيل‬
  ‫الشهير الذي صدر سنة‬           ‫داخلية في الكنيسة تبدأ‬       ‫أو جيلين من التعريب لا‬

      ‫‪ ١٨٥٦‬لم يكن معني‬             ‫بالبسملة “بسم الله‬
   ‫بمصر بالأساس ولكن‬             ‫الرحمن الرحيم”‪ ،‬هذا‬
  ‫بجبل لبنان‪ ،‬لأن المحتمع‬   ‫لأنها لغة جديدة وهي اللغة‬
   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227