Page 215 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 215

‫‪213‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫زكريا بطرس‬  ‫الأنبا يوساب‬    ‫الأنبا أبيفانيوس‬                ‫شئون المعتقدات والعبادات‬
                                                                 ‫والمعاملات‪ ،‬ذاهبًا إلى‬
   ‫ضعف أو تلاشي تأثير‬        ‫الإشارة إليهما في الفروق‬
 ‫ظاهرة الإرهاب المسيحي‬           ‫الواقعية بين الإرهاب‬          ‫تحديدات و»كتالوجات»‬
                                 ‫الإسلامي والمسيحي‪،‬‬        ‫مفصلة ترتبط بأكثر شئون‬
    ‫في مجتمعاتنا الشرقية‬                                   ‫الحياة المادية بع ًدا عن الدين‬
  ‫(وبالذات مصر)‪ ،‬قيا ًسا‬      ‫هو أن الأول هو الأوسع‬
  ‫للمجتمعات الغربية التي‬      ‫انتشا ًرا جغرافيًّا لأسباب‬        ‫(طريقة الأكل واللباس‬
                            ‫مختلفة‪ ،‬قد يكون من أهمها‬           ‫والجماع مث ًل)‪ ،‬ويذهب‬
      ‫يتمدد فيها التطرف‬                                        ‫التطرف المسيحي عادة‬
      ‫الأصولي (اليميني)‪،‬‬        ‫‪-‬على المستوى العملي‪-‬‬       ‫‪-‬بفارق كمي وليس نوعيًّا‪-‬‬
‫وصو ًل إلى توليد المنظمات‬       ‫غياب فكرة الكنيسة أو‬           ‫إلى حدود أقل في تناول‬
     ‫والتشكيلات المتطرفة‬      ‫التنظيم الكنسي المسئول‬           ‫أمور العالم استنا ًدا إلى‬
      ‫القوية والقادرة على‬      ‫عن الشئون والتوجهات‬        ‫قاعدة مسيحية تفرق بين ما‬
    ‫ممارسة الإرهاب‪ ،‬إما‬                                    ‫لقيصر وما لله‪ ،‬وبين مدينة‬
 ‫عن طريق تلك التنظيمات‬             ‫الدينية في الإسلام‪،‬‬    ‫السماء والله ومدينة الأرض‬
       ‫أو عن طريق أفراد‬         ‫وعلى المستوى النظري‬
 ‫منعزلين اجتماعيًّا (ذئاب‬                                                    ‫والبشر‪.‬‬
    ‫منفردة)‪ ،‬ويمكن عزو‬            ‫انطواء الأيديولوجية‬     ‫المفهوم الثالث هو «الإرهاب»‬
  ‫ظهور الإرهاب المسيحي‬           ‫الإسلامية على صيغة‬       ‫ونعني به القيام بأفعال عنف‬
   ‫في مجتمعات الغرب في‬         ‫أو صيغ يوتوبية للدولة‬
‫بعض أوجهه إلى قانون رد‬         ‫ونظام الحكم تتمتع من‬           ‫تستهدف حياة الآخرين‬
 ‫الفعل‪ ،‬سواء على الإرهاب‬     ‫منظورها حصر ًّيا بالصفة‬       ‫وإيذاءهم انطلا ًقا من دوافع‬
   ‫والتطرف الإسلامي في‬        ‫الإسلامية‪ ،‬وهو ما يغيب‬
   ‫صيغته العالمية‪ ،‬أو على‬   ‫عن الأيديولوجية الأصولية‬            ‫أيديولوجية‪ ،‬فالإرهاب‬
                                 ‫المسيحية المتطرفة‪ .‬أما‬    ‫الإسلامي هو الإرهاب الذي‬
                                ‫الملمح الثاني المهم فهو‬
                                                              ‫يستهدف تحقيق أهداف‬
                                                             ‫أيديولوجية مؤسسة على‬
                                                             ‫معتقدات إسلامية‪ ،‬يعتقد‬
                                                           ‫الإرهابي الإسلامي أن هذه‬

                                                               ‫الأهداف والأيديولوجيا‬
                                                              ‫المنطلقة منها هي المعتقد‬

                                                                 ‫الإسلامي ذاته وكله‪،‬‬
                                                             ‫ويعتقد أن إرهابه مكرس‬
                                                           ‫للدفاع عنها أي عن الإسلام‬
                                                            ‫معتقدا ٍت وتعاليم‪ ،‬وهو ما‬
                                                          ‫يمكن قول مثله عن الإرهاب‬
                                                              ‫المسيحي‪ ،‬غير أن الفارق‬
                                                              ‫بين اللونين من الإرهاب‬

                                                                ‫يعود بالتالي إلى فارق‬
                                                             ‫بين الطبيعة الأيديولوجية‬
                                                             ‫(الأصولية) المستمدة من‬
                                                             ‫كل دين‪ ،‬غير أن الملمحين‬
                                                             ‫الأساسيين اللذين ينبغي‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220