Page 175 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 175

‫‪173‬‬            ‫الملف الثقـافي‬

‫الخديوي توفيق‬  ‫محمد سعيد باشا‬  ‫الخديوي إسماعيل‬                       ‫لا نؤمن لا بالتعددية ولا‬
                                                                      ‫بالاحتمالات‪ ،‬ولا بتعدد‬
   ‫وتعدد ال ُو ُقع‬             ‫ولن نرى الآخر لأنه أقل منا‬          ‫الحقائق وال ُو ُقع‪ .‬من الممكن‬
                               ‫أخلاقيًّا وتاريخيًّا وحضار ًّيا‪.‬‬     ‫طب ًعا أن نثرثر بكلمتين أو‬
    ‫إذا كانت هناك أكثر من‬      ‫وستكون أساطيرنا وأوهامنا‬                ‫ببعض ما قرأناه بلغات‬
    ‫حقيقة‪ ،‬وهناك أكثر من‬                                           ‫أخرى عن الحداثة وما بعد‬
  ‫واقع‪ ،‬فمن حق أي إنسان‬          ‫أفضل من أساطير وأوهام‬           ‫الحداثة من وجهة نظر العلوم‬
                                 ‫الآخر‪ .‬وليس هناك ما هو‬             ‫الاجتماعية والإنسانية‪ ،‬أو‬
      ‫(أو أي مجتمع أو أي‬                                          ‫نثرثر ببضع عبارات وجمل‬
 ‫منظومة) أن يمتلك الحقيقة‬           ‫ومن هو أهم مني ومن‬                 ‫عن التعددية والتسامح‬
‫الخاصة به على أن يقدم لها‬           ‫تاريخي ومن إنجازاتي‬             ‫والإنسانية ونخلط الأمور‬
 ‫تصو ًرا متماس ًكا‪ ،‬ويبررها‬       ‫وانتصاراتي‪ .‬فأنا الأصل‬              ‫ثم نعيد ترتيبها‪ ،‬لكن في‬
                                    ‫والباقون صور ومسخ‬            ‫الحياة العملية وفي الممارسات‬
     ‫بكافة القواعد والمعايير‬       ‫ولصوص ومستعمرون‬                   ‫الحياتية سنكتشف ليس‬
    ‫التي تتماشى مع العقل‬       ‫سرقوني وسرقوا إنجازاتي‬               ‫فقط بعدنا عن ما نثرثر به‬
   ‫والمنطق والتفكير المتصل‬      ‫وتاريخي وابتكاراتي‪ ،‬وهم‬            ‫ونردده‪ ،‬بل وأي ًضا عداوتنا‬
 ‫بالحضارة‪ .‬والحضارة هنا‬        ‫السبب في كل «نكساتي»‪ .‬أنا‬           ‫مع كل ما هو مذكور أعلاه‬
   ‫تعني كل المنجز البشري‬          ‫المنتصر دائ ًما بينما الآخر‬    ‫من مفاهيم وقيم بنتيجة ليس‬
  ‫الذي توصل إليه الإنسان‬           ‫المهزوم هو الذي يسرق‬              ‫فقط النشأة والتربية‪ ،‬بل‬
   ‫ويظهر على الصورة التي‬            ‫الانتصارات‪ .‬أنا اليقين‬       ‫وأي ًضا بنتيجة تركيبة الدماغ‬
      ‫تسير عليها الحضارة‬          ‫والحقيقة والواحد الأحد‪.‬‬
 ‫الآن‪ .‬أي ببساطة الحضارة‬                                                    ‫والنظر إلى العالم‪.‬‬
‫العلمية التقنية‪ -‬الرقمية بكل‬      ‫تعدد الحقائق‬                         ‫إننا لا نريد أن نرى لا‬
‫أوجهها وتجلياتها‪ ،‬سواء في‬                                             ‫الواقع ولا الحقيقية بكل‬
                                                                       ‫تجلياتهما وتعدديتهما‪،‬‬
                                                                   ‫ونرفض أن نرى كل ما هو‬
                                                                   ‫خارج رؤوسنا‪ .‬وسنخترع‬
                                                                    ‫تسميات وأخلاقيات وقيم‬
                                                                      ‫تبرر كل ذلك وتأكد لنا‬
                                                                      ‫أننا على صواب‪ ،‬وأن لا‬
                                                                     ‫شيء خارج أدمغتنا‪ ،‬ولا‬
                                                                     ‫عوالم أخرى غير العوالم‬
                                                                     ‫الذهنية الموجودة في أبعد‬
                                                                   ‫وأعمق مناطق دماغنا نحن‬
                                                                   ‫فقط‪ ،‬ونحن بالذات‪ .‬أي أننا‬
                                                                    ‫سنمجد الهزيمة ونعلي من‬
                                                                   ‫شأن الفقد ونرفع من قيمة‬
                                                                   ‫الخسارة‪ ،‬وسنرى الهزيمة‬
                                                                    ‫مجرد نكسة وسنضع لها‬
                                                                    ‫قوانين وقواعد ومبررات‪.‬‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180