Page 180 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 180

‫العـدد ‪34‬‬                                  ‫‪178‬‬

                               ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬                            ‫لا أحد يريد أن يتطرق إلى‬
                                                                      ‫الحقيقة والواقع والأسباب‬
     ‫العلوم الحديثة؟ ما هي‬        ‫على القهر والجوع بالقوة‬             ‫الحقيقية والأساسية لهذه‬
    ‫المتغيرات الجديدة حولنا‬            ‫والصلابة والإيمان‪.‬‬             ‫النكبة الكبرى التي تلازمنا‬
‫وعلاقة ذلك بمجالات التعبير‬
    ‫عن الرأي وإطلاق عملية‬          ‫لقد كان هذا تحدي ًدا نمط‬               ‫منذ عصور المصريين‬
‫الإبداع‪ ،‬وهل النتيجة بالسلب‬       ‫التفكير والمنطق السائد في‬            ‫القدماء‪ .‬وربما تكون هذه‬
‫أم بالإيجاب؟ وما هي حدود‬         ‫السياسة والسلطة والحكم‬                ‫النكبة هي الشيء الوحيد‬
‫الرقابة ليس فقط على الثقافة‬     ‫في نهاية القرن الثامن عشر‬           ‫الحي الذي تركه لنا الأجداد‪:‬‬
    ‫والإبداع‪ ،‬بل وأي ًضا على‬     ‫وبداية القرن التاسع عشر‪،‬‬             ‫عبادة الدين نفسه‪ ،‬وعبادة‬
 ‫شبكات الاتصال والتواصل‬        ‫أي في فترة أحد أهم مشاريع‬
 ‫الحديثة؟ وهل يمكن للعقلية‬                                               ‫الحكام‪ ،‬وعبادة الكهنة‪،‬‬
                                     ‫التنوير وفقا للمقدمات‬             ‫واختراع أي شيء لنعبده‬
       ‫الرقابية أن تصمد في‬      ‫النظرية التي يطرحها الكثير‬            ‫ونمنحه الصلاحية للحكم‪.‬‬
    ‫مواجهة البث اللامحدود‬      ‫من الباحثين عند الحديث عن‬                ‫وطالما يحكم بشرع الله‪،‬‬
     ‫لتلك الشبكات؟ وما هي‬                                            ‫فهو صالح وآمن وشرعي‪،‬‬
‫المتغيرات التشريعية الخاصة‬        ‫مشاريع التنوير المصرية‪.‬‬               ‫حتى لو كان من منغوليا‬
  ‫بالمتغيرات التقنية الجديدة‪،‬‬                                         ‫أو هونولولو أو اسطنبول‪،‬‬
    ‫مثل المدونات والشبكات‬      ‫الثقافة العامة والثقافة العلمية‬        ‫أو حتى من عندنا من هنا‪،‬‬
                                                                       ‫من المنوفية أو الصعيد أو‬
        ‫الاجتماعية الجديدة؟‬    ‫في عصر التحولات التقنية المعلوماتية‬
                                                                         ‫الشرقية‪ .‬لقد تركوا لنا‬
‫الوجه الرقمي والوجه‬            ‫لا شك أن الثقافة المصرية قد‬              ‫هذا ال ِّشق فقط من دون‬
 ‫المعلوماتي للثقافة‬             ‫دخلت إلى عصر جديد بحكم‬                 ‫أن يتركوا لنا سر صناعة‬
                                                                    ‫الحضارة‪ .‬وربما نكون نحن‬
      ‫يبدو أننا بحاجة ماسة‬          ‫تطور العالم والتحولات‬            ‫قد استسهلنا‪ ،‬فتركنا الشق‬
  ‫وفورية للعديد من البدائل‪،‬‬           ‫التقنية والمعرفية التي‬            ‫الأساسي للآخرين لكي‬
                                                                       ‫يخدمونا فيه‪ ،‬وأبقينا على‬
    ‫مثل تحليل المكون التقني‬      ‫تتواصل بدون أي انقطاع‪.‬‬             ‫الشق الذي ُي َم ِّكن كل من هب‬
‫والمعلوماتي داخل السياسات‬         ‫فهل كانت الثقافة المصرية‬           ‫ودب من حكمنا والتصرف‬
                                                                       ‫فينا وفي تاريخنا ومسار‬
   ‫والبرامج والمشرعات التي‬          ‫مستعدة لذلك؟! وما هي‬             ‫مجتمعنا‪ ،‬وتدمير كل شيء‬
     ‫تنفذها الجهات الثقافية‬       ‫المعوقات التي حالت دون‬            ‫تحت شعارات دينية ووطنية‬
    ‫الرسمية وغير الرسمية‪،‬‬                                             ‫وسيكوباتية‪ .‬وفي كل مرة‬
        ‫والمشروعات التقنية‬            ‫لحاقها بالمنجز الثقافي‬          ‫يأتي حاكم جديد ليبدأ من‬
                                                  ‫العالمي؟‬              ‫الصفر‪ ،‬وينزع اللوحات‬
   ‫والمعلوماتية المستقلة التي‬                                         ‫المكتوب عليها اسم السابق‬
       ‫تنفذ في مجال التنمية‬          ‫هناك تساؤلات أخرى‬                 ‫له‪ ،‬ليضع لوحات باسمه‪،‬‬
                                    ‫من قبيل‪ ،‬هل تم تطوير‬            ‫ونحن نستعين على تحولات‬
  ‫الثقافية‪ ،‬والجهود الخاصة‬           ‫الثقافة المصرية وجعل‬               ‫الطبيعة بقراءة التعاويذ‪،‬‬
      ‫والأهلية والفردية التي‬      ‫الثقافة العلمية جز ًءا منها‪،‬‬      ‫ونستعين على الظلم بالصبر‬
                               ‫والاستفادة من الفضاء الذي‬
 ‫تجري على صعيد التوظيف‬              ‫تتيحه وسائط الاتصال‬                   ‫والاحتمال‪ ،‬ونستعين‬
   ‫الثقافي لتقنيات المعلومات‬      ‫لزيادة معدلات الحرية في‬
              ‫والاتصالات‪.‬‬          ‫التفكير والإبداع؟ هل تم‬
    ‫وفي الحقيقة هناك فجوة‬           ‫تطوير اللغة حتى تكون‬
   ‫واسعة للغاية بين الثقافة‬        ‫صالحة للتعامل مع هذه‬
    ‫الرسمية‪ -‬التقليدية التي‬     ‫الوسائط الحديثة‪ ،‬وإعدادها‬
                               ‫إلكترونيًّا للقيام بالترجمة من‬
                                  ‫اللغات الأخرى واستيعاب‬
   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185