Page 182 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 182

‫العـدد ‪34‬‬                             ‫‪180‬‬

                               ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬                         ‫محدودة مثل استحداث‬
                                                                ‫مجالات ثقافية‪ ،‬إضافة إلى‬
 ‫حرية البحث العلمي التي لا‬          ‫سيجعلنا نقوم بترجمة‬          ‫المتعارف عليه والدارج في‬
 ‫تزال من «المسكوت عنه» في‬           ‫المصطلح العلمي‪ ،‬الذي‬         ‫وسائل الإعلام والأعراف‬
 ‫مصر‪ .‬ولعل الرقابة بنوعيها‬       ‫أنتج في بيئة مختلفة وبلغة‬    ‫البسيطة‪ .‬وكذلك بلورة رؤية‬
                               ‫مختلفة‪ ،‬إلى اللغة العربية في‬      ‫ما محددة في مجال ثقافي‬
   ‫على هذا النوع من النشاط‬     ‫كلمة أو جملة وانتهى الأمر!‬         ‫محدد‪ .‬ولكن أن يتواصل‬
‫البشري تشكل منطقة الفراغ‬           ‫أما فكرة استيعاب اللغة‬
‫الخانق أمام الباحثين‪ .‬فهناك‬          ‫للعلوم الحديثة‪ ،‬تعتبر‬        ‫ذلك ويستمر على خطين‬
                                  ‫فكرة متشابكة وإشكالية‪.‬‬          ‫متواززين‪ ،‬فهذا من رابع‬
    ‫رقابة خارجية من جانب‬           ‫فنحن نتحدث أص ًل عن‬           ‫المستحيلات‪ ،‬لأن الارتباط‬
   ‫المجتمع تحت ستار الدين‬        ‫لغة تتكلم بها مجتمعات لم‬        ‫بين الثقافة واللغة ارتباط‬
‫والأخلاق والعادات والتقاليد‪،‬‬       ‫تساهم في المنجز العلمي‬     ‫عضوي يصل بالاثنين إلى ما‬
                                  ‫(الحديث يدور هنا لا عن‬       ‫يسمى بالإطار المعرفي الذي‬
      ‫ورقابة داخلية‪ -‬ذاتية‬       ‫أفراد نجحوا في الداخل أو‬        ‫يتضمن مجمل النشاطات‬
    ‫للباحث نفسه الذي تربى‬       ‫في الخارج ضمن منظومات‬            ‫الإنسانية‪ .‬علما بأن العلم‬
    ‫في مثل هذا المجتمع‪ .‬غير‬      ‫أخرى مغايرة) وبالتالي لم‬      ‫والتطور العلمي هما جزءان‬
  ‫أن وسائل الإعلام ومراكز‬        ‫يألف ذهنها التفكير بشكل‬         ‫لا ينفصلان لا عن الثقافة‬
  ‫الأبحاث المتواضعة تتناول‬         ‫علمي محدد‪ ،‬ولم يتمرن‬          ‫ولا عن هذا الإطار المعرفي‬
   ‫ظاهرة التخلف العلمي في‬        ‫لسانها على الحديث بشكل‬
‫مصر بصورة تدعو إلى المزيد‬        ‫دقيق ومحدد‪ ،‬بل وتتعامل‬                          ‫الشامل‪.‬‬
     ‫من الدهشة‪ ،‬لأنها دو ًما‬     ‫مع الأرقام بصورة بلاغية‬           ‫كيف يمكن تطوير اللغة‬
     ‫تناقش النتائج‪ ،‬وتحاول‬       ‫بعي ًدا عن دلالاتها المجردة‬  ‫بحيث تكون صالحة للتعامل‬
    ‫قدر الإمكان الابتعاد عن‬                                   ‫مع وسائط الاتصال الحديثة‪،‬‬
     ‫الأسباب الحقيقية‪ .‬فهي‬                   ‫والإحصائية‪.‬‬         ‫وإعدادها إلكترونيًّا للقيام‬
   ‫دو ًما تطرح قضايا هجرة‬         ‫قد يرى البعض أن عظمة‬        ‫بالترجمة من اللغات الأخرى‪،‬‬
 ‫العلماء المصريين إلى الغرب‪،‬‬                                    ‫واستيعاب العلوم الحديثة؟‬
                                    ‫اللغة العربية وإعجازها‬          ‫سؤال مركب وفي غاية‬
     ‫ونبوغ الباحث المصري‬         ‫في البلاغة والإطناب وقوة‬     ‫الصعوبة في آن واحد‪ .‬فاللغة‬
 ‫عندما تتوافر له الإمكانيات‪،‬‬   ‫التعبير‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يعيدنا ذلك‬     ‫العلمية هي اللغة الصالحة‬
                                ‫إلى مربع الصفر أو البداية‪.‬‬    ‫للتعامل مع وسائط الاتصال‪.‬‬
     ‫وكيفية رصد الميزانيات‬       ‫فلا أحد يستطيع أن ينفي‬         ‫هذه اللغة هي نتاج عمليات‬
    ‫الخاصة بالبحث العلمي‪،‬‬       ‫البلاغة عن اللغات الأخرى‪،‬‬        ‫متواصلة من تطوير اللغة‬
   ‫وبناء المعامل والمختبرات‪.‬‬    ‫ولكن هذه اللغات استوعبت‬            ‫وتطوير العلوم م ًعا‪ .‬أي‬
   ‫بل وأحيا ًنا يذهب البعض‬      ‫المصطلحات العلمية لوجود‬          ‫المشاركة في المنجز العلمي‬
 ‫إلى أهمية التربية العلمية من‬  ‫مقدمات اجتماعية وتاريخية‪،‬‬        ‫وليس فقط استهلاكه‪ .‬لأن‬
‫المدرسة والجامعة‪ ،‬والاهتمام‬                                       ‫الاكتفاء باستهلاك المنجز‬
  ‫بالمواهب والقدرات العلمية‪.‬‬       ‫وجهود في تأسيس هذه‬            ‫العلمي سيختصر المسافة‬
 ‫كل هذه النتائج تشكل المادة‬                  ‫المصطلحات‪.‬‬         ‫ويجعلنا نقوم بإعداد اللغة‬
     ‫الأساسية التي تجترها‬                                     ‫إلكترونيًّا للقيام بالترجمة من‬
    ‫وسائل الإعلام ونشرات‬       ‫حرية البحث العلمي‬               ‫اللغات الأخرى‪ .‬أي ببساطة‬
   ‫مراكز الأبحاث‪ ،‬وأحاديث‬       ‫في الآداب والعلوم‬
 ‫أساتذة الجامعات في وسائل‬
  ‫الإعلام لدرجة أن الأسباب‬      ‫هذا الأمر يحيلنا إلى قضايا‬
‫الحقيقية أصبحت من الأمور‬
   ‫المحرمة‪ ،‬وإن كان البعض‬
   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187