Page 186 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 186
العـدد 34 184
أكتوبر ٢٠٢1 حامد عبد الصمد
الجسر ،ثم ظهرت الحركة قبل أن نجيب على سؤال لماذا فشل التنوير في منطقة الشرق الأوسط؟
الإنسانية الجديدة وتلتها
إذا ما كان التنوير المصري
حركة الإصلاح الديني قد فشل أم لا يجب علينا
ونقد الكنيسة الكاثوليكية، أو ًل أن نذكر تعريف
ثم جاءت الثورة الفلسفية التنوير ومعايير نجاحه
وفشله .التنوير في نشأته
الجديدة التي لم تكتف
بطرح أسئلة مجردة عن وتطوره هو تجربة أوروبية
الخير والحق والجمال ،ولا خالصة نقلتها بعض البلدان
حتى بمسألة وجود الله ،بل
تطرقت إلى قضايا الدولة والثقافات ورفضتها أو
تجاهلتها ثقافات أخرى ،إما
والعقد الاجتماعي بين
المواطن والدولة وقضايا بسبب ُبعد هذه الثقافات
عن دائرة التأثير الأوروبية
التعليم والقانون. أو بسبب شدة قربها من،
الفن والأدب والفلسفة
غيروا علاقة الشعوب وشدة عدائها التاريخي،
بالنصوص الدينية وطريقة لأوروبا.
قراءتها وتأويلها .العلم
غيّر نظرة الإنسان للكون، لم يكن التنوير وليد عصر
الأنوار في القرن الثامن عشر
فلم تعد الأرض بعد
كوبرنيكوس وجاليليو فقط ،بل له تاريخ طويل
هي مركز الكون كما كان يبدأ بالأسطورة اليونانية
يظن الناس قدي ًما ،ونظرية التي كان بها من البراح
التطور لداروين غيرت والخيال ما سمح بمولد
نظرة الإنسان لنفسه الفلسفة وتعظيم دور العقل،
ولقصة الخلق ولعلاقته ثم جاء الإنسانيون الأوائل
من الفلاسفة السفسطائيين،
بالكائنات الأخرى. ثم جاءت الغنوصية التي
ونظريات فرويد في علم حاولت مصالحة المسيحية
النفس غيرت نظرة الإنسان مع الفلسفة ،ثم مر التنوير
لتصرفاته ومشاعره وعقله بأزمة أثناء القرون الوسطى
الباطن .الثورة الصناعية
خلقت ديناميكية اقتصادية في أوروبا حين سيطر
ومجتمعية جديدة وخلقت الفكر الديني على الحكام
طبقات أخرى غير طبقة
الأرستقراطيين والفلاحين، والعوام وتم شيطنة
والثورة الجنسية غيرت الفلسفة ،ثم استرجع بعض
العلاقة بين الجنسين قواه في عصر النهضة
وحررتهما من أدوارهما مع ظهور تيارات جديدة
التقليدية. في الفن والأدب أعادت
ديكارت وسبينوزا هم بناء الجسر بين أوروبا
والثقافة الإغريقية القديمة
وفلسفتها ،وكان للعرب
دور هام في إعادة بناء هذا