Page 179 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 179

‫‪177‬‬                ‫الملف الثقـافي‬

‫نيكولاس كوبرنيكوس‬  ‫ديكارت‬          ‫جاليليو جاليلي‬                ‫المصري‪ ،‬وبالذات بخصوص‬
                                                                 ‫فترة ملتبسة ومرعبة أسفرت‬
 ‫الذي يقف وراء كذا وكيت‪.‬‬            ‫فأولهما هو أن يحكم بشرع‬      ‫عن تحولات تاريخية بمعناها‬
‫ولا أحد يريد أن يق ِّرب حتى‬         ‫الله وبسنة نبيه محمد عليه‬
                                     ‫الصلاة والسلام‪ .‬وإذا كان‬         ‫السياسي والاقتصادي‬
   ‫يده من الأسباب الحقيقية‬         ‫هناك عدة شروط‪ ،‬فأولها هو‬       ‫والاجتماعي‪ .‬وإذا أضفنا ما‬
   ‫والتاريخية‪ .‬بل ويزيدون‬            ‫أن يحكم بشرع الله وسنة‬       ‫سجله عبد الرحمن الجبرتي‬
  ‫الطين بلة عندما يتعاملون‬                                         ‫شخصيًّا كشاهد عيان على‬
‫بانتقائية مقيتة وغير منهجية‬           ‫رسوله محمد بن عبد الله‬      ‫تلك الفترة‪ ،‬سنكتشف بعض‬
‫وغير موضوعية وغير علمية‬             ‫عليه صلوات الله وتسليمه‪..‬‬
     ‫وغير مهنية مع التاريخ‬          ‫هذا الأمر تكرر مع المحتلين‬         ‫الكوارث الخطيرة التي‬
 ‫ليظهروا منه بعض الجوانب‬                                            ‫تعتبر من أقسى المعوقات‬
‫ويبالغوا فيها‪ ،‬وينفخوها كما‬              ‫المماليك‪ ،‬ومع المحتلين‬      ‫وأعتاها أمام أي مشروع‬
  ‫لو أنهم ينفخون في الموتى‬            ‫الفرنسيين‪ ،‬ومع المحتلين‬      ‫للتنوير في مصر‪ .‬لقد أورد‬
  ‫ليبثوا فيهم الروح‪ .‬أو على‬           ‫العثمانيين‪ ،‬ومع كل الذي‬        ‫الجبرتي جملة في منتهى‬
    ‫العكس يسفهون من كل‬             ‫جاؤوا تحت شعارات وأفكار‬         ‫الخطورة‪ ،‬وردت أي ًضا عند‬
  ‫شيء ليشيعوا روح اليأس‬              ‫وفلسفات وديانات ليحتلوا‬        ‫كل من تناولوا هذه الفترة‬
                                                                  ‫التاريخية‪ .‬بل ووردت أي ًضا‬
     ‫والعدمية‪ .‬أو يتعاملون‬                             ‫مصر‪.‬‬        ‫في كل الوثائق تقريبًا‪ .‬هذه‬
    ‫مع التاريخ باعتباره أداة‬          ‫لقد تذكر ُت هذا الموضوع‪،‬‬   ‫الجملة تتعلق بأن الأشراف‪-‬‬
 ‫للوعظ الديني‪ .‬والأنكى أنهم‬        ‫وهذه الجملة السحرية عندما‬      ‫النخب‪ ،‬ومن ورائهم الشعب‬
  ‫يستخدمون ألفا ًظا ومعاني‬                                        ‫طب ًعا‪ ،‬كانوا دو ًما يشترطون‬
                                       ‫بدأت أسمع في السنوات‬        ‫على أي شخص يأتي لحكم‬
      ‫دينية ليؤكدوا الكارثة‪،‬‬           ‫الأخيرة أن الوهابية هي‬    ‫مصر‪ ،‬سواء من اسطنبول أو‬
  ‫ويستشهدون دو ًما بالدين‬              ‫سبب كوارث مصر‪ ،‬وأن‬        ‫ألبانيا أو باريس أو مدغشقر‬
  ‫من أجل الإثبات والبرهان‪.‬‬            ‫الإخوان هم سبب كوارث‬        ‫أو بنجلاديش‪ ،‬أو قريش‪ ،‬أن‬
                                       ‫البلاد‪ ،‬وأن أردوغان هو‬
                                                                            ‫يحكم بشرع الله‪.‬‬
                                                                     ‫لقد قابل ُت هذه الجملة في‬
                                                                      ‫حوالي ‪ %95‬من ما ُكتِب‬
                                                                   ‫عن تلك المرحلة‪ .‬بمعنى أنه‬
                                                                    ‫إذا كان هناك شرط وحيد‬
                                                                  ‫لحكم نابليون أو مينو‪ ،‬فهو‬
                                                                    ‫أن يحكم بشرع الله‪ .‬وهذا‬
                                                                   ‫طب ًعا يبرر وجوده ويمنحه‬

                                                                       ‫الشرعية‪ :‬شرعية حكم‬
                                                                  ‫البلاد التي يسكنها مؤمنون‬
                                                                  ‫موحدون بالله‪ ،‬وهم في غاية‬

                                                                     ‫السعادة لأن الحاكم أكد‬
                                                                     ‫لهم وأقسم على المصحف‬
                                                                      ‫أنه سيحكم بشرع الله‪..‬‬
                                                                      ‫وإذا كان هناك شرطان‪،‬‬
   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184