Page 235 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 235

‫‪233‬‬              ‫ثقافات وفنون‬

                 ‫كتب‬

‫عبد الحليم حافظ‬  ‫أحمد فؤاد نجم‬                   ‫أبو العلا محمد‬           ‫في المقام الأول تنظيم السرد‪،‬‬
                                                                      ‫وتكثيف دواله‪ ،‬خاصة في المناطق‬
  ‫ظلت أم كلثوم قادرة على اللعب‬     ‫«هالتني الضباع التي تكشر عن‬       ‫التي تتماس مع مناطق الفرادة في‬
‫على مشاعر الرجال ممن يقتربون‬       ‫أنيابها فيما جسدها متوتر فيما‬       ‫الشعور‪ ،‬ومع ملامسة البدايات‪،‬‬
‫منها‪ ،‬فتجعل بينها وبينهم مسافة‬      ‫يسبق الانقضاض على فريسة‪.‬‬
‫وإن وظفت كل واحد منهم لخدمة‬       ‫فاجأني التنوع في ألوان البشرة؛‬        ‫هي تتعلم في ال ُكتَّاب‪ ،‬وتحرص‬
                                                                       ‫على الوصول في موعدها المبكر‪،‬‬
   ‫طلوعها وارتفاع مقامها‪ ،‬وهو‬         ‫حمراء وصفراء وما بينهما‪،‬‬       ‫وعندما يحضر المفتش‪ ،‬يقابلها ولا‬
  ‫ما عبرت عنه بوضوح عبر لغة‬      ‫ملساء كالقطط الحبشية ومبرقشة‬         ‫يجد «سيدنا»‪ ،‬وهنا يقوم الشيخ‬

     ‫شاعرية بامتياز‪ ،‬تشعر أنها‬          ‫كقطط السافانا» (ص‪.)91‬‬            ‫عبد العزيز بالسخرية الدائمة‬
  ‫تخاطب ذاتها‪« :‬في مساء وردي‬         ‫حين تقرر أن تتخلى عن زيها‬           ‫منها‪ ،‬يعبر الكاتب عن موقف‬
   ‫النسمات‪ ،‬وتحت قمر يتحرش‬            ‫الرجالي‪ ،‬يكون انتقا ًل مرعبًا‬        ‫الضعف وكيف حمتها أمها‪:‬‬
   ‫بزهور حديقة الأزبكية‪ُ ،‬ولدت‬        ‫وقفزة في المجهول‪ ،‬تساندها‬       ‫«كلما اشتد القصف باتجاه أمي‪،‬‬
   ‫بداخلي أنثى لا ترحم عشاقها‪،‬‬    ‫‪-‬في مسألة التمرد‪ -‬روحية ابنة‬           ‫تضغطني أكثر في حضنها‪ ،‬لو‬
   ‫تعتصرهم حتى آخر قطرة‪ ،‬لا‬       ‫الشيخ أمين بك المهدي‪ .‬سنلاحظ‬        ‫زادت قلي ًل لتحولت إلى مسحوق‬
                                  ‫عكوف الفتاة الريفية في الاقتران‬      ‫أبيض اللون يتناثر على خدودها‬
    ‫تمنحهم شيئًا لكنها تبقي على‬     ‫بنساء ورجال من ذوات المكانة‬            ‫مثل دقيق الخبز» (ص‪.)41‬‬
   ‫بصيص الأمل واهنًا‪ ،‬لا يشتد‬     ‫كخطوة مهمة لترسيخ صعودها‬
  ‫فيحرق‪ ،‬ولا ينطفئ فينصرفون‬           ‫الطبقي‪« :‬قلبي معلق بميدان‬            ‫حين تذهب للغناء في إحدى‬
   ‫عنه» (ص‪ .)139‬لعلها معادلة‬      ‫باب الخلق‪ ،‬هناك ببيتها تتشابك‬          ‫القصور‪ ،‬تستدعيها الهانم في‬
    ‫حسابية نجحت فيها المطربة‪،‬‬
‫غير أن تعلق قلبها بالشيخ محمد‬          ‫أصابعنا لتضع لو ًنا ساخنًا‬          ‫«الحرملك»‪ ،‬وفيما هي تعبر‬
‫أبوالعلا ظل يؤرقها ويطاردها في‬     ‫وسط لوحة من الألوان الباردة‪،‬‬          ‫المسافة من مكانها البائس إلى‬
‫الصحو والمنام‪ ..‬وهو ما يدل على‬                                          ‫منطقة الكراسي المذهبة تسمع‬
  ‫رقتها وإن تخفت في ثوب قا ٍس‬        ‫نتبادل أسرارنا الصغيرة مثل‬       ‫صوت الببغاء فيرتج عليها‪ ،‬وهنا‬
                                  ‫أسماك تلهو في حوض زجاجي»‬             ‫يكون التعبير حام ًل أمشاج من‬
      ‫حتى لا يطمع فيها إنسان‪.‬‬                                           ‫الكتاب المقدس مع شذرات من‬
                                                      ‫(ص‪.)117‬‬            ‫رعب يتبعها في أماكن الغربة‪:‬‬
                                                                          ‫«شلني الفزع الأكبر‪ ،‬لم يكن‬
                                                                        ‫الطائر من أهل الكهف‪ ،‬ولكنني‬
                                                                     ‫وليت منه فرا ًرا‪ ،‬و ُملئ ُت منه رعبًا‪.‬‬
                                                                          ‫عند الباب اصطدمت بالهانم‪،‬‬
                                                                        ‫هالها وجهي الأصفر وجسدي‬
                                                                         ‫المرتعش‪ .‬جاوبتها وأنا أهذي‪:‬‬

                                                                              ‫غراب يتكلم!» (ص‪.)72‬‬
                                                                      ‫حين تستقر في القاهرة‪ ،‬تكتشف‬

                                                                           ‫ما في المدينة من متناقضات‬
                                                                           ‫بالرغم من أن المدينة ضمن‬
                                                                     ‫مشروع الخديوي اسماعيل لجعل‬
                                                                         ‫القاهرة نسخة من باريس‪ .‬إن‬
                                                                       ‫العين الرائية هنا متأملة وخائفة‬
                                                                     ‫ولم تتعود بعد على قبول الأضداد‪:‬‬
   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240