Page 236 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021

‫العـدد ‪34‬‬ ‫‪234‬‬

‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

‫المتقدة‪« :‬عادت الشرفة مق ًّرا‬ ‫أنيقة يقودها ثمانية خيول‬ ‫حين تزداد شهرتها‪ ،‬يشغل‬
‫للعمليات الغرامية‪ ،‬غير الصامتة‬ ‫تحتضن الجثمان المسجى بعلم‬ ‫أسرتها بل والصحافة والقراء‬
‫مصر‪ ،‬يتقدم الجنازة ملك البلاد‬ ‫موضوع زواجها الذي تأخر‪،‬‬
‫هذه المرة؛ يداه الخشنتان تعيد‬ ‫«فؤاد» الذي غنيت له وولي عهده»‬ ‫وهي تبعد أذهان الناس عن سر‬
‫تعريف الأشياء‪ .‬أخجل من التعبير‬ ‫عزوفها‪ ،‬فتعترف بكونها أنثى‬
‫(ص‪.)172‬‬
‫عن نفسي لكنني سرعان ما‬ ‫مع كل جملة تنطق بها‪ ،‬نكتشف‬ ‫تحس بما تحس به الفتيات‪:‬‬
‫أطلقت آهاتي كحمامات مشتاقة‬ ‫عم ًقا سياسيًّا‪ ،‬فالمطربة التي غنت‬ ‫«كانت الرغبة عصفو ًرا مراو ًغا‬
‫يحط على نافذتي بلا توقيتات‬
‫للرحيل‪ ،‬جسدي عود موصلي‬ ‫للملوك سوف تغني للرؤساء‪،‬‬ ‫محددة‪ .‬لم أفهمه يو ًما‪ ،‬يهجرني‬
‫وهو العازف الماهر» (ص‪.)203‬‬ ‫وسوف يلتمس لها جمهورها‬
‫الأعذار باستثناء قلة قليلة منهم‪،‬‬ ‫طوي ًل حين أتمنى حضوره‪،‬‬
‫بالطبع‪ ،‬لم يذكر الروائي اسم‬ ‫أحمد فؤاد نجم على سبيل المثال‪.‬‬ ‫وأتهيأ له كما يليق بخاتمة النساء‪،‬‬
‫الحبيب لكننا عرفناه من سياق‬ ‫لم تكن رحلة الذهاب للقاهرة‬
‫الأحداث‪ ،‬فبعد منحها الملك فاروق‬ ‫هينة‪ ،‬فقد صادفها كثير من‬ ‫وحين أنساه تما ًما يهبط كثي ًفا‬
‫العقبات‪ ،‬منها اتهام ناقد لها من‬ ‫قو ًّيا» (ص‪.)168‬‬
‫الأول نيشان الكمال‪ ،‬ولقب‬ ‫خلال صحيفة صفراء بكونها‬
‫«صاحبة العصمة» صار التدخل‬ ‫تعرضت لحادث يمس كرامتها‪،‬‬ ‫ينفض الجمهور عنها وهي تغني‬
‫في شئونها الشخصية أم ًرا مبر ًرا‪،‬‬ ‫هنا لجأت للوجهاء كي تواجه بهم‬ ‫على مسرح البسفور‪ ،‬وتعلم‬
‫وهو ما عصف بمشروع الزيجة‪.‬‬ ‫المحنة‪ ،‬خاصة مع رغبة الأب في‬
‫حزم حقائب العودة‪« :‬مثل سفينة‬ ‫أن سعد باشا زغلول قد مات‪،‬‬
‫حين تخشى المطربة من انتقام‬ ‫على وشك الغرق‪ ،‬بدأت أرسل‬ ‫ترسم صورة مؤلمة للجموع‬
‫القصر تواجه الملحن بمخاوفها‪،‬‬ ‫نداءات الاستغاثة‪ .‬توالت الوفود‬ ‫التي سارت خلف النعش‪:‬‬
‫من أصدقاء أبي على بيتنا‪ ،‬الكل في‬ ‫«فاضت الشوارع والميادين‬
‫وهي في هذه اللعبة تتآمر على‬ ‫مهمة وساطة كبرى بهدف إقناع‬ ‫بالبشر الذين أصبحوا نه ًرا‬
‫حبها قبل أي شخص آخر‪ ،‬لكنها‬ ‫الشيخ إبراهيم ألا يطلق الرصاص‬ ‫بطيء التيار‪ ،‬رمادي الموج‪،‬‬
‫تبرر‪« :‬أعرف أنك لا تخشى الجن‬ ‫على جنين المجد الذي يتكون في‬ ‫يتحرك في اتجاه مدافن‬
‫بطني منذ سنوات‪ ،‬وأوشك على‬
‫الأزرق‪ ،‬لكنني أنا التي أخشى‬ ‫الإمام الشافعي‪،‬‬
‫عليك‪ .‬لن تكون حياتك مقابل‬ ‫الاكتمال» (ص‪.)192‬‬ ‫عربة عسكرية‬
‫سعادتي‪ ،‬أنا أحببتك لكن الزواج‬ ‫يستخدم الروائي لغة خصبة‬
‫وأساليب تعتمد على المجاز في‬ ‫أمين المهدي‬
‫قسمة ونصيب‪ ..‬وسلامتك‬ ‫التعبير عن المواقف المختلفة التي‬
‫الشخصية فوق كل اعتبار»‬ ‫تعرضت فيها المطربة للمحن‬
‫والأقاويل‪ ،‬ويلعب التصوير من‬
‫(ص‪.)212‬‬ ‫تشبيه وكناية واستعارة دوره في‬
‫الحادث هنا أن البنية اللغوية‬
‫بثرائها الواضح باستخدام المجاز‬ ‫تأكيد الحدث أو نفيه‪.‬‬
‫جعل الأسلوب مفار ًقا للنثرية‪،‬‬ ‫في علاقتها الوليدة بالملحن‬
‫لذا فهو يتجه نحو توليد الدوائر‬ ‫محمود الشريف اقترب التصوير‬
‫الشعرية؛ فتستغرق في نوعين‬ ‫من منطقة شديدة الخصوصية‪،‬‬
‫من الفنون‪ :‬التداعي‪ ،‬والكولاج‪.‬‬ ‫فلم تعد التورية صالحة‬
‫وبالتالي تصبح مناطق التوتر‬ ‫للتعبير عن العواطف‬
‫السردي مسكونة بهواجس‬
‫الكشف‪ ،‬والخروج عن النمطية‪،‬‬
‫وهو ما رأينا أمثلة له في بعض‬
‫المقتطفات السردية التي أوردناها‬

‫ساب ًقا‬