Page 240 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 240

‫ذلك بتواضع شديد‪ ،‬ويذكر لكل‬             ‫أنهى روايته بقيام ثورة كبرى في‬
  ‫من ساهم معه دوره‪ ،‬وهذه قيمة‬             ‫ميدان التحرير يقودها شباب مصر‪،‬‬
                                       ‫مستخدمين وسائط الاتصال الحديثة‪ ،‬ثم‬
    ‫مهمة يفتقدها الكثيرون حينما‬        ‫ينضم لهذه الثورة الشبابية بقية فئات‬
         ‫يتحدثون عن إنجازاتهم‪.‬‬          ‫الشعب‪ ،‬و ُيعلن حظر التجوال‪ ،‬و ُيطلب‬
                                          ‫من القوات المسلحة أن تتدخل في‬
‫أخي ًرا‪ ..‬الشياطين الخمسة‬              ‫الموقف‪ ،‬وترفض في البداية اتسا ًقا مع‬
                                       ‫تاريخها الوطني‪ ،‬مما تسبب في سقوط‬
   ‫ربما تكون المحطة الأخيرة التي‬         ‫الحزب الحاكم ورجاله‪ ،‬وترنح النظام‬
  ‫سكن إليها سلماوي بعد سبعين‬
 ‫عا ًما من العمل والإنجاز‪ .‬وهنا لن‬      ‫وفي ديسمبر ‪ 2006‬يعود الاتحاد‬          ‫ثم يعلن الاتحاد عن جائزة “نجيب‬
‫نغلق القوس على مسيرة سلماوي‪،‬‬              ‫العام للأدباء والكتاب العرب إلى‬         ‫محفوظ للكاتب العربي» بقيمة‬
   ‫وإنما نجده يفتح لنا قو ًسا آخر‬          ‫مصر بعد غياب ‪ 28‬عا ًما (منذ‬
                                        ‫‪ )1979‬بفضل سلماوي‪ .‬وفي عام‬             ‫عشرة آلاف دولار ليفوز بها حنا‬
     ‫حينما يصبج ج ًّدا لخمسة من‬            ‫‪ 2008‬كان افتتاح مبنى القلعة‬          ‫مينه‪ ،‬ومحمد الفيتوري‪ ،‬وسميح‬
   ‫أحفاده‪ ،‬ويقوم بدور الجد الذي‬             ‫الذي خصصه الاتحاد لإقامة‬          ‫القاسم‪ ،‬وسعدي يوسف‪ ..‬ويصدر‬
    ‫يدللهم‪ ،‬ويغيظ الأب والأم بهذا‬       ‫المؤتمرات والمهرجانات والأنشطة‬        ‫الاتحاد ‪-‬للمرة الأولى‪ -‬مجلة ضاد‬
                                            ‫الثقافية‪ ،‬إلى جانب اجتماعات‬         ‫الفصلية‪ ،‬التي صدر منها خمسة‬
                        ‫التدليل‪.‬‬            ‫الاتحاد العام للأدباء والكتاب‬
     ‫إن الحفيد بالنسبة للجد يمثل‬         ‫العرب‪ ،‬بعد أن كان مبنًى منها ًرا‪،‬‬        ‫عشر عد ًدا حتى ترك سلماوي‬
 ‫إحسا ًسا مختل ًفا تما ًما‪ ،‬فبالإضافة‬                                               ‫موقعه‪ .‬ويعقد اتحاد الكتاب‬
‫إلى أنه امتداد للجد‪ ،‬فإنه يمثل جي ًل‬    ‫واستطاع سلماوي أن يحصل على‬
‫جدي ًدا مختل ًفا تما ًما عن جيل الجد‪،‬‬  ‫ميزانية إعادة تأهيله خارج ميزانية‬      ‫اتفاقيات للتبادل ثقافي مع اتحادات‬
‫هذا الجد الذي تربى على قيم الحب‬         ‫الاتحاد ليصبح مق ًّرا تاريخيًّا يليق‬        ‫العالم‪ ،‬ويسعى سلماوي إلى‬
  ‫والحنان‪ ،‬فأراد أن يمنح ذلك إلى‬
‫حفدته مهما كان الثمن‪ .‬هكذا صار‬             ‫بالاتحاد وأعضائه‪( .‬وللأسف‬            ‫تكوين «جبهة الرأي» من الاتحاد‬
‫سلماوي‪ :‬ودع من أجل أحفاده كل‬               ‫يضيع هذا المبنى وكنوزه التي‬        ‫ونقابة الصحفيين ونقابة المحامين‪.‬‬
  ‫شيء‪ ،‬ودع الأوسمة التي حصل‬            ‫يحتويها حين أُهمل منذ عام ‪2015‬‬
 ‫عليها‪ ،‬ودع المناصب التي تولاها‪،‬‬       ‫حتى اليوم‪ ،‬لتطالب به وزارة الآثار‬             ‫ويرتفع نجم الاتحاد حينما‬
     ‫ودع الإنجازات التي قام بها‪،‬‬                                               ‫يصبح جهة ترشيح لجائزة نوبل‬
‫وتفرغ «للشياطين الخمسة»‪ ،‬وأخذ‬                              ‫مرة أخرى)‪.‬‬          ‫(وللأسف سحبت منه هذه الميزة‬
     ‫يتحدث عن كل منهم بتفصيل‬             ‫هذه باختصار إنجازات سلماوي‬            ‫حينما تقدم رئيس الاتحاد الأخير‬
  ‫دقيق‪ ،‬ورسم شخصياتهم بقلمه‬
    ‫لكي نتعرف نحن أي ًضا عليهم‪.‬‬            ‫الكبرى في حياته‪ ،‬وفي رئاسته‬            ‫إليها)‪ .‬ويقف الاتحاد بقوة إلى‬
                                         ‫لاتحاد الكتاب‪ .‬وسلماوي يحكي‬          ‫جانب الكتاب في المحاكم‪ ،‬ويستطيع‬
       ‫والآن‪ ..‬نترك سلماوي أمام‬
  ‫الساقية التي صنع منها منضدة‬                                                   ‫إلغاء دعاوى الحسبة على الكتاب‬
  ‫وسط الكراسي‪ ،‬في بيته الصغير‬                                                                       ‫والمبدعين‪.‬‬
 ‫في دهشور‪ ،‬ووراءه سبعون عا ًما‬
   ‫من الحياة التي تميزت بالعطاء‪،‬‬
  ‫والأحلام‪ ،‬والتأملات والإنجازات‬
   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245