Page 244 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 244
العـدد 34 242
أكتوبر ٢٠٢1
الكلمات والأشياء
في ديوان
د.أصيل ال ّشابي
(تونس) “يكتب في دفتره”
مح ّمد الش ّحات
به من أشياء ،فث ّمة إحالة على الذات في ك ّل كتابة ،ولك ّن الن ّص الشعري تقديم
ولكن بالاعتماد على محور اختيار لا ينغلق بها ،وإ ّنما يمت ّد من ذلك
له خصائص يمكن تتبّعها من خلال المنطلق في ا ّتجاه عوالمه ال ّداخليّة أ ّول ما ُيوقف القارئ هذا العنوان
تمظهرات الجسد في الوجه والملامح
والرائحة والعيون والصدر والسمع الحميمة على محور التخييل الشعري “يكتب في دفتره” لأ ّن الكلام يزعم
وأطراف الأصابع ،وهي تمظهرات الذي لا يكون إلاّ ضمن دائرة الفاعليّة ،ولكنّه ينضوي إلى الحالة،
ترتبط م ّرة بالأنا المتكلّمة وطو ًرا
بالهو في لعب لغوي يحيل في الأصل يشترك فيها الشاعر والقارئ ،حيث فالفعل الافتتاحي لا تتح ّقق له
تصبح تلك العوالم مفتوحة تما ًما التعدية التي يتح ّقق هو بها ،هناك
إلى نفس الذات التي تتش ّظى إلى على ذوات بعدد الق ّراء بالاستناد
عناصر تحاول الانفصال عن بعضها إلى سياقاتها ال ّداخليّة الخاصة، هاته التعمية على المكتوب ،فماذا
أين ُتفتح إمكانات جديدة وممت ّدة. يكتب الشاعر؟ يتح ّقق الإرجاء في
البعض في تعبير يذ ّكر بالمنحى لقد راكم الشاعر تجربة شعر ّية موضع العنونة الإعلامي ليكون
السوريالي حيث تتّسع اللغة لتهويم من نصيب التل ّقي ضمن أفق انتظار
لافتة ابتداء من ديوانه ذي الصيغة القارئ ،ويظفر هذا الأخير بحالة
في مجالات لا تتطابق مع منطق الوجود ّية “الدوران حول الرأس أ ّولية هي بمثابة نقطة الرس ّو مدارها
الواقع المتعارف عليه ،يقول الشاعر الفارغ” مرو ًرا بـ”البكاء بين يدي على انغماس المتكلّم في دفتره انغما ًسا
ضمن هذا السياق في ن ّص بعنوان الحفيدة” وغيره من ال ّدواوين إلى تل ّفه الكتابة وتحجبه بطريقة من
“متى ينتهي” ال ّصادر حديثا في الطرق ع ّما يحيط به ضمن ما يمكن
“مراقبة”: أجواء الكوفيد 19الذي ه ّز العالم وصفه بعزلة الكاتب ،وعماد العزلة
كنت على مقربة ليس شيئًا آخر غير الفعل الكتابي،
من أن أخرج من وجهي ه ًّزا .ويضع في ك ّل م ّرة نفسه أمام أليست هذه مراهنة في محيط النص
فأحاول أن أتملّص منه العالم ،يشتبك معه ويناوره في مح ّطة
وأدخل في غرفات لا أعرفها على كينونة معيّنة تتأ ّسس على
وأغلق ك ّل الأبواب أناوره وأخبّئني جديدة من مح ّطات المناورة. الكلمات والأشياء قبل ك ّل شيء؟
ث ّم أحاول أن أخرج ث ّم هل يمكن التسليم في هذا المثال
-1من الإحالة الخارجية إلى بالمعنى المعجمي لـ”يكتب” لمج ّرد أ ّنه
ظ ّل يلاحقني الإحالة ال ّداخل ّية: جاء ِثني الصيغة التقرير ّية ،ولأ ّن
أجلسني الشاعر يهدي ديوانه إلى أسرته؟ لا
أ ّول ما يلاحظ في الديوان الإمكان ش ّك في أ ّن الإحالة مربكة ههنا كما
كي يتف ّرس بعض ملامحه المعجمي ال ّدائر على الجسد وما يتعلّق
عانقني مثل عناق الأصحاب