Page 242 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 242

‫العـدد ‪34‬‬                        ‫‪240‬‬

                                   ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫الإهانة للمجتمع الذي ينادي‬     ‫أنوثتها من الخدش ولصوصية‬         ‫والأذى‪ ،‬فقد جعلت تلك‬
      ‫بالتشاركية‪ ،‬والاجتماعية‪،‬‬
       ‫والتفاعلية‪ ،‬والمساواة‪ ،‬إن‬   ‫المجتمعات المرأة حبيسة الدور النظر‪ ،‬من أجل انطلاقة‬
        ‫مجتم ًعا لا يغتني بعلوم‬
       ‫المرأة وإبداعها وعطاءاتها‬   ‫لا تعوقها تجليات اللباس‬          ‫والعفة‪ ،‬فكما أغلقوا عليها‬
      ‫هو مجتمع أحول‪ ،‬وأعرج‪،‬‬
                                   ‫وخصوصية الأنثى‪ ..‬إلى أن‬          ‫الأبواب بالأقفال‪ ،‬أغلقوا على‬
    ‫ومفقوع بذكوريته المريضة‪،‬‬
      ‫ومنغلق ذهنيًّا‪..‬لأن النساء‬   ‫عفتها بالأقفال أي ًضا‪ ،‬لكن نضال اتسعت رقعة حضور المرأة‪ ،‬وفي‬
                                                                    ‫المرأة الاجتماعي والفكري‪،‬‬
  ‫وكما تقول العرب‪ ،‬هن شقائق‬        ‫جميع الميادين‪ ،‬فصارت إلى ما‬
     ‫الرجال‪ ،‬والشقيق شقيق في‬                                        ‫وجرأتها في دخول ميادين‬
                                   ‫صارت عليه اليوم‪ ،‬وبذلك أثبتت‬
 ‫المساواة والمكانة والرتب والمقام‬                                   ‫العمل جعلها تنتزع حقوقها‬
‫والحضور والإبداع‪ ..‬وأي حيف‬         ‫المرأة أن عاطفتها‪ ،‬وأنوثتها‪،‬‬     ‫الطبيعية انتزا ًعا وافتكا ًكا من‬

  ‫أو غمط يلحق بأحد الشقيقين‪،‬‬       ‫وحساسيتها‪ ..‬لا تقف أمام‬
   ‫هو حيف وغمط يلحق بالآخر‬         ‫قبضة الرجل الذكورية المسيرة نورانية عقلها الذي نادد الرجل‬
‫في كليته العامة‪ ..‬فكيف إذا كانت‬                                     ‫بمعطيات العقل الذكوري‬
  ‫المرأة هي ملح الحياة‪ ..‬وعينها‬    ‫ونافسه في غير موقع‪ ،‬وغير‬
                                                                    ‫المريض الذي لم ير في المرأة‬
       ‫الباصرة ومرآتها الأبدى‪.‬‬     ‫إبداع‪ ،‬وغير عطاء‪ ،‬لا بل إن‬
   ‫إنني أدافع بهذا الرأي الطويل‬    ‫سوى كائن بيولوجي وظيفته المرأة ب ّزت الرجل وتفوقت عليه‬
    ‫نسبيًّا وأنا أهم بتقديم رواية‬                                   ‫الأولى والأخيرة مساهرة‬
    ‫من روايات الكاتبة السورية‬      ‫في غير موقع وغير إبداع وغير‬
  ‫المعروفة لبنى ياسين وعنوانها‬     ‫خاصية الإنجاب وملحقاتها من عطاء‪..‬‬
‫«رجل المرايا المهشمة» كيما أقول‬    ‫جهة‪ ،‬ومساهرة متطلبات الرجل إن قناعتي الأكيدة بأن قصر‬
                                   ‫«سيد المجتمع الأبوي» وتنفيذها نشاط المرأة على أمرين اثنين‬
                         ‫الآتي‪:‬‬                                       ‫من جهة أخرى‪ ،‬وقد اخترعت‬
                          ‫أو ًل‪:‬‬         ‫هما‪ :‬بيتها‪ ،‬وأنوثتها‪ ،‬فيه‬   ‫المرأة الغربية «أوروبا تحدي ًدا”‬
 ‫لبنى ياسين كاتبة مبدعة بحق‪،‬‬       ‫الكثير الكثير من الإهانة للمرأة‬  ‫طر ًقا وسب ًل واتجاهات وتيارات‬
    ‫فقد حولت حياتها إلى ورشة‬
‫عمل وإبداع‪ ،‬وجعلت من الكتابة‬        ‫الفرد‪ ،‬لا سيما بعد أن تعلمت‬           ‫كثيرة حتى صارت إلى ما‬
‫نه ًرا راحت ترعاه وتسامره كيما‬     ‫المرأة‪ ،‬وامتلكت المعرفة‪ ،‬وأثبتت‬    ‫صارت عليه اليوم من حضور‬
 ‫تصير ضفافه جنات غنى‪ ،‬وقد‬                                           ‫وعطاء ومنافسة وتميز‪ ،‬بدا ذلك‬
‫قرأتها في نصوصها القصصية‪،‬‬             ‫مواهبها وقدراتها في كل ما‬     ‫في تمظهرات الأسطورة لـ ديانا‪،‬‬
    ‫والروائية‪ ،‬فرأيت أنها مبدعة‬       ‫تصدت له‪ ..‬كما أن احتباس‬         ‫وأفروديت‪ ،‬وفينوس‪ ،‬وهيرا‪..‬‬
  ‫من المبدعين الذين يرون ما لا‬     ‫المرأة رهن محبسين هما البيت‬        ‫وعبر الأدوار الاجتماعية التي‬
   ‫يرى عادة‪ ،‬وتلتقط المتواريات‬     ‫والأنوثة‪ ..‬فيه الكثير الكثير من‬
    ‫وأدق المحجوبات لما فيها من‬
 ‫اكتناز وجمال‪ ،‬وتطارد النائيات‬                                      ‫لعبتها‪ ،‬وعبر حرصها الشديد‬
     ‫الحوافل بالبكورية والفطرة‬
‫والحس السليم‪ ،‬ولعل هذا هو ما‬                                        ‫على القيم النبيلة لتظل لها المكانة‬
‫يمثل المهاد الإبداعي لكتابة نص‬
   ‫مبدع مختلف يشغله السؤال‬                                          ‫السامية‪ ،‬ومن تجليات تمظهرات‬

                                                                    ‫حضور المرأة في انخراطها في‬
                                                                    ‫المشاريع العامة (عم ًل وتفكي ًرا)‪،‬‬
                                                                     ‫لا بل أن المرأة الأوروبية وقبل‬

                                                                    ‫قرنين أو ثلاثة توارت‬

                                                                    ‫خلف الأسماء الذكورية‬
                                                                    ‫(عم ًل وتفكي ًرا)‪ ،‬كيما‬
                                                                     ‫تبدو وتشق طريقها‬

                                                                    ‫في الحضور والفاعلية‪،‬‬

                                                                    ‫وتوارت داخل اللباس‬

                                                ‫لبنى ياسين‬          ‫الذكوري كيما تحمي‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247