Page 247 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 247

‫‪245‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

  ‫روحه الأصيلة والتقاط الوجه بعد‬            ‫الشاعر يش ّق الزمن من الماضي إلى‬         ‫صورة الحزن‪ ،‬وذلك ليستر ّده نقيًّا‪،‬‬
                                             ‫الحاضر باحثًا عن وجهه‪ ،‬والوجه‬               ‫أليس الشاعر هو القائل في ن ّص‬
   ‫ضياعه في التشيّؤات المرعبة لعالم‬           ‫عنوان الجسد وهو ّيته المعبّرة عن‬               ‫“معركة استرداد النفس”‪:‬‬
    ‫يهرول هنا وهناك على غير هدى‬             ‫تجانسه‪ ،‬وهو فعل يمكن تأ ّوله على‬                          ‫فقد حان الوقت‬
                                                                                                        ‫لأفرغ نفسي‬
   ‫وتحيط فيه بالذات فخاخ المؤامرة‬              ‫أ ّنه تصميم على استرداد الجسد‬                                ‫وأط ّهرها‬
                                                ‫المملوء سكينة سواء كان جسد‬                       ‫وأن ّقي ك ّل سرائرها(‪)9‬‬
    ‫المهلكة‪ ،‬وقد استطاع الشاعر أن‬               ‫الذات أو جسد الوطن‪ ،‬وهو في‬             ‫يتعلّق الأمر بهذا المعنى باسترداد‬
                                            ‫ذلك يفضح اختلال مظاهر الأشياء‬
 ‫ُيعيد إخراج العالم من ذاته باختلاق‬          ‫المخادعة‪ ،‬لتتّضح من هذه الزاوية‬          ‫المعنى الإنساني في إطار ما يس ّميه‬
‫شفافيّة جماليّة تجعل القارئ مشتب ًكا‬          ‫لعبة الوجه والقفا على مدى شعر‬               ‫الشاعر “معركة” فهذه المفردة‬
                                           ‫المد ّونة بانتقالاتها‪ ،‬فالذات في معاناته‬
   ‫بمصائر تلك الذات التي هي ذاته‪،‬‬          ‫وغربتها ليست سوى المجتمع ممثّ ًل‬            ‫من حقل الحرب تضيء إلى جانب‬
                                               ‫في القفا الثاوي في مضمر الن ّص‬              ‫مثيلاتها من نفس الحقل مثل‬
      ‫كما استطاع من خلال جماليّة‬                ‫الشعر‪ ،‬فالشاعر إ ّنما يكنّي عن‬
 ‫السرد الشعري من اجتراح شعر ّية‬             ‫المجتمع بهاته الذات التجريبيّة التي‬       ‫المناورة والمنازلة والخنجر والدماء‬
                                             ‫تنعرض مأساتها الداخليّة العميقة‬         ‫والقاتل المو ّزعة على شعر المد ّونة هنا‬
   ‫مج ّددة تنهض على تأ ّملات الذات‬                                                    ‫وهناك مغامرة الحياة‪ ،‬إ ّنها مغامرة‬
  ‫وتتميّز من البلاغة القديمة المشبعة‬              ‫كجرح غائر بندوب مفجعة‪.‬‬
  ‫ببنيتها السيمتر ّية‪ ،‬وفوق هذا فإ ّن‬                                                  ‫فعليّة تواجه فيها الذات الــ”هم”‬
 ‫هاته المد ّونة بمضمراتها الاجتماعيّة‬               ‫خاتمة‬                             ‫والــ”أنت” الذي هو القاتل‪ ،‬يقول‬
  ‫والنفسيّة والوجود ّية تمنح القارئ‬                                                     ‫الشاعر في ديوان “الدوران حول‬
                                             ‫المدهش في تجربة الشاعر المصري‬
     ‫فرصة ركوب المغامرة‪ ،‬ذلك أ ّن‬              ‫مح ّمد الش ّحات تح ّول الذات على‬                       ‫الرأس الفارغ”‪:‬‬
                                                                                                             ‫يا قاتلي‬
      ‫الكلمات الشعر ّية لا تنغلق على‬        ‫طولها إلى موضوع ُيرى من خلاله‬
  ‫نفسها انغلا ًقا بلاغيًّا منطقيًّا ُتعطى‬      ‫الجماعي والإنساني رؤية تظهر‬             ‫قد توجوك فوق ك ّل منصب أردت‬
 ‫فيه الأولو ّية للمقيس والمقيس عليه‪،‬‬                                                       ‫فقد أرحتهم ممن يقول لا(‪)10‬‬
                                           ‫فيها الحاجة أكيدة إلى أنسنة الأشياء‬
   ‫إ ّنما الأولو ّية موكولة إلى التخييل‬        ‫ابتدا ًء بالجسد‪ ،‬وذلك بإستعادة‬            ‫ويص ّرح الشاعر بهذا المعجم في‬
     ‫الشعري بح ّد ذاته‪ ،‬هناك حيث‬                                                       ‫عتبات العنوان كما هو الشأن مع‬

  ‫تستسلم القراءة جر ًيا وراء الكتابة‬                                                      ‫ديوان له يحمل عنوان “كثرت‬
   ‫للأحلام والانتظارات والكوابيس‬                                                          ‫هزائمي”(‪ ،)11‬ومن الطريف أ ّن‬

                          ‫أيضًا‬

                                                                  ‫الهوامش‪:‬‬

                  ‫‪ -1‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬يكتب في دفتره‪ ،‬الأدهم للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪ ،2018 ،‬ص‪.6‬‬
                                                          ‫‪ -2‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬يكتب في دفتره‪ ،‬ص‪.25‬‬
                                                          ‫‪ -4‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬يكتب في دفتره‪ ،‬ص‪.45‬‬
                                                          ‫‪ -4‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬يكتب في دفتره‪ ،‬ص‪.46‬‬
                                                          ‫‪ -5‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬يكتب في دفتره‪ ،‬ص‪.50‬‬

     ‫‪ -6‬فاسكو بوبا‪ ،‬شجرة ليمون في القلب‪ ،‬ترجمة سعدي يوسف‪ ،‬دار ابن رشد‪ ،‬بيروت‪ ،1981 ،‬ص‪.50‬‬
                                      ‫‪ -7‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬ترنيمات‪ ،‬دار الأديب للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.48‬‬
                                                                 ‫‪ -8‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬ترنيمات‪ ،‬ص‪.9‬‬
                                                                           ‫‪ -9‬نفس المصدر‪ ،‬ص‪.29‬‬
                                               ‫‪ -10‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬الدوران حول الرأس الفارغ‪ ،‬ص‪.4‬‬
                                                                  ‫‪ -11‬مح ّمد الش ّحات‪ ،‬كثرت هزائمي‪.‬‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252